هل أصبحت كلية الحقوق في سطات مقبرة لوأد النزاهة العلمية؟
يبدو مشهدَ عراكٍ وعنفٍ لفظي واستعراضِ الأنا المنفوخة لدى البعض، بما يحيد عن السجال الفكري الرزين المرتقب خلال جلسات مناقشة الأطروحات الجامعية. نقتبس الشّكل ونلبس الدور بعضوية “اللجنة العلمية”، ونتشدّق بنياشيننا الإدارية، على غرار أصحاب النياشين العسكرية، في إعلان مكافحة الكشف عن الحقيقة: حقيقة أن الجامعة المغربية تعاني عدوى الفساد على غرار مجالات حيوية أخرى.
كان المشهد دراميا خلال مناقشة أطروحة حول موضوع “معيقات الإصلاح الإداري والمالي في المغرب بين النص والممارسة” في كلية الحقوق في سطات. فغابت المعايير الأكاديمية وضوابط البحث العلمي، وحلّت محلّها “تصفية الحسابات الشخصية”، وطغى “السلوك اللاأخلاقي الذي يتنافى مع قواعد وضوابط البحث العلمي النبيل”، كما يقول أحد أعضاء اللجنة وشاهد عيان في الوقت ذاته. ثمة فرق شاسع بين المسؤولية والشهامة الأكاديمية واستغلال المنصب في الضرب دون الحزام أو تسخيره لغايات غير معلنة.
يزداد الطين بلة عندما يتم التوافق على أن يحذف صاحب الأطروحة خلاصته حول مستوى الفساد الذي تعانيه الكلية، ليس لعيب منهجي أو فقدان مصادر موثوقة، بل بغية التستر على كشف مبيقات اجتاحت حرمة الجامعة. وهذا تحريض على طوباوية تضليلية وطهرانية فاسدة. والإقرار بوجود الفساد بين فئة من النفعيين والوصوليين لا ينطبق على أغلبية من الأكاديميين الملتزمين بما هو أخلاقي وما هو في جوهري في ولادة المعرفة الرصينة.
قبل عامين، كتبت عن تدهور الجامعة المغربية بعد جولة محاضرات في سبع جامعات في مدن متباعدة. ونشرت أكثر من مقالة منها “الجامعة المغربية من النبوغ إلى الانحطاط: المسار والتداعيات”. واليوم، أقتبس العبارة التالية: “الجامعة المغربية اليوم تعاني الكثير، تعاني قائمة لا متناهية من المعضلات الفكرية والمنهجية والبنيوية في مقدمتها حالة سكيزوفرينيا أو انفصام الشخصية بين وجهيْن متناقضين: وجهٌ ألمعِيٌ ينمّ عن أخلاقيات العمل الأكاديمي، وحرمة الأبحاث، وكرامة الأستاذ، وتحمّل المسؤولية المعنوية والمجتمعية للجامعة، وآخر بَشِعٌ ثعْلَبِيُ العينين يعكس شيوع الفساد وانتشار الرشاوى واضمحلال القيم. في العقود الثلاثة الأولى بعد استقلال المغرب، كانت جامعة يقودها الحس والالتزام الوطني تنير الطريق، وتبني الحداثة، وتنتج الأفكار الجديدة، وتصحّح برؤاها النقدية الخط العام في البلاد، لكن حوّلها البعض إلى سيرك للعب والتلاعب بسموّ المعرفة واستغلال مؤسّسة الأستاذية للثراء والاستقواء وتوسيع شبكة المصالح الخاصة.”
أتمسك بقناعتي أن الأكاديمي والمثقف هما الأمل الأخير في خط الدفاع عن مسؤولية المؤسسات وحرمة البحث العلمي. ولا أعتقد أن هناك بين مثقفي العالم من هم أكثر قناعة بمركزية الجامعة في التطور من الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر (1889 – 1976) الذي تولّى رئاسة جامعة “فرايبور” في السادس من ماي عام 1933. وألقى خطابه الشهير The Self-Assertion of the German University “التوكيد الذاتي للجامعة الألمانية”، وهو نص فلسفي يتناول كنه العلاقة بين الجامعة والسياسة، ويتمسك بالعروة الوثقى بين مفهومين متوازيين: الحرية والعلم، وأن الجامعة تتولى القيادة الروحية للمجتمع. فهو يقول إنّ “إرادة ماهية الجامعة هي إرادة العلم كإرادة للرسالة الروحية التاريخية للشعب الألماني كشعب يعرف ذاته في دولته.”
عندما ينادي هايدجر بالحرية، فهو لا يترك الباب مفتوحا للتسيب أو العبثية، بل يتمسك بأن الحرية تعني “التقيد بقانون روح الشعب الذي يتبلور في أعمال الشعراء والمفكرين ورجال الدولة بكيفية نموذجية. تعني الحرية: هذا الالتزام المتقيد بإرادة الدولة. الحرية: المسؤولية إزاء مصير الشعب.”
يمكن أن يتخيل المرء كيف تتولى الجامعة دور المجدد في بلورة العلاقة الإيجابية بين الدولة والمجتمع، وأن تكريس الفلسفة والسؤال النقدي هو نبراس التفاعل بين الجامعة والمجتمع والدولة.
فعلا ، الاستاذ الفاضل هناك تسيب واضح في جامعات سطات منذ حلول المديرة الجديدة التي سكنت برجا عاجيا بدعوى ان جهات تحميها ، ما يجري في كلية الحقوق وكلية العلوم والتقنيات واضح للعيان والدليل هو امتحان الفصل الاول بكلية العلوم والتقنيات ، اساتذة حولها الى مجزرة من اجل اعدام الطلبة بنقط ستذهب بهم الى الجحيم دون رحمة ولا شفقة وبرنامج كبير جدا من المواد مع غياب الشرح والتفسير …… جامعة سطات وكلياتها نموذج للسيبةببلاد الهاوية …. عفوا الشاوية