عائلة سليمان الريسوني: لا انفراج سياسي ولاتطور دون إطلاق سراح المعتقلين
في الذكرى الرابعة لاعتقال الصحفي سليمان الريسوني، والتي تصادف 22 ماي الجاري، أكدت عائلته على ضرورة إطلاق سراحه “دون قيد أو شرط”، احقاقا للحق بعد أن كان “ضحية لمحاكم ظالمة انتفت فيها الشروط الأساسية للمحاكمة العادة”، وفق بلاغ.
واعتبرت العائلة، وفق البلاغ الذي توصل موقع “بديل” بنظير منه، أنه لا يمكن الحديث في المغرب “عن أي انفراج سياسي ولا تطور اقتصادي واجتماعي دون إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والتعبير ومعتقلي الحركات الاجتماعية والاحتجاجية، ووقف المتابعات في حق النشطاء”.
وشددت العائلة على أن ذلك “يتطلب متابعة النضال من أجل إقرار حقوق الإنسان المتلازمة وغير القابلة للتجزئة، والوقوف مع كافة ضحايا انتهاكات حقوق الانسان، والسعي الدؤوب إلى تحقيق مجتمع الكرامة والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، مجتمع المواطنين والمواطنات الأحرار المتساوين في التمتع بكافة الحقوق الإنسانية بدون أدنى تمييز”.
وفيما يلي نص التصريح (البلاغ) كاملا:
بحول يومه، 22 ماي 2024، تكون قد مرت اربع سنوات كاملة على اعتقال / اختطاف الصحفي سليمان الريسوني من أمام بيته يوم الجمعة 22 ماي 2020 من طرف فرقة أمنية يناهز عدد أفرادها بالزي المدني 15 شخصا، في الوقت الذي قالت فيه الدولة أن الامر يتعلق باستدعاء بسيط! فهل استدعاء صحفي يتطلب تجريدة من البوليس … إنه الاستدعاء على الطريقة المخزنية لصحفي ازعجت كلماته كل من فيهم خلل.
كيف لا و سليمان هو أحد أبرز الصحفيين المغاربة واحد ألذع كتاب الافتتاحيات في المغرب حيث اثارت افتتاحيته الكثير من الجدل والهجوم المرافق بالتشهير من طرف عدد من المواقع التي صنفتها منظمات حقوقية بصحافة التشهير. سليمان المتيم بالحرية والعاشق للحياة لدرجة خوضه معركة الأمعاء الفارغة ودخوله في إضراب مفتوح عن الطعام لمدة 122 يوما كان بمثابة إعلان عن جدارته بالحياة، وأحقيته في الكرامة، وتعطشه للحرية؛ واضرابا خرا لمدة أسبوع احتجاجا على حجب رسالته البريدية الجوابية على رسالة وجهها له الكاتب والروائي الأوكراني “آندري كوروكوف” في إطار حملة الكاتب المسجون التي أطلقتها منظمة قلم الدولية PEN International منذ شهر نونبر 2023.
سليمان الريسوني الذي اجمع الكل على أن اعتقاله تعسفي وذا خلفية سياسية خاصة أن أسلوب استهداف الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان المنتقدين للسلطة أصبح نمطا قائم الذات، لارتكازه على تهم الاعتداء الجنسي بشكل متكرر، ونذكر هنا حالة صحفيين من نفس الجريدة (الصحفي توفيق بوعشرين و الصحفية هاجر الريسوني) وحالة صديقه ورفيقه عمر الراضي.
وللأسف تتزامن هذه الذكرى مع فترة رئاسة الدولة المغربية لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والتي سبق لفريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي به أن طالب السلطات المغربية بإطلاق سراح الصحفي سليمان الريسوني فورا بدون قيد أو شرط، وفتح تحقيق بخصوص الاعتقال التعسفي الذي تعرض له وتحديد المسؤوليات، وتعويضه تعويضا عادلا عن الأضرار التي مسته نتيجة هذا الاعتقال التعسفي ويحيل ملفه على عدد من المقررين الخواص وخاصة المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والمهينة.
سليمان الريسوني: صحافيا مستقلا ومدافعا عن حقوق الانسان
بعد عدد من التجارب الصحفية المحلية (جرائد محلية و مجلات أدبية)، بشمال المغرب، التحق سليمان الريسوني بمجلة “نيشان” النسخة الناطقة بالدارجة لمجلة “تيل كيل” والتي كان يدريهما الصحفي احمد رضا ينشمسي. وبعد ذلك التحق بمجلة “أوال” التابعة لمجموعة المساء ميديا، وبعد اغلاق المجلة التحق بيومية “المساء” منذ سنة 2010، وتحمل مسؤولية رئاسة قسم التحقيقات بها، حيث قام بالعديد من التحقيقات والتغطيات الصحفية التي أثارت الجدل بالمغرب ومصر وليبيا وبلجيكا.. وعشرات الحوارات المهمة مع عدد من من شهدوا على فترات مهمة وغامضة في التاريخ السياسي المغربي (الجنرال القادري الكولونيل الطوبجي ، الجامعي خالد ، مدحت بوريكات، إسماعيل العلوي، الجامعي بوبكر..)
بعد ذلك اسس موقع “الأول” السياسي وتحمل مسؤولية رئاسة تحريره من شهر يناير2016 إلى غاية فبراير 2018 ، والذي تحوم شكوك حول تركه الموقع بسبب ضغوط على خطه التحريري. حيث برز أساسا في كشفه عن ما سمي بمؤامرة 8 أكتوبر المرتبطة بالإطاحة بحكومة بنكيران 2 . ومتابعته النقدية لمؤتمرات عدد من الأحزاب والكشف عن تدخل السلطة في قراراتها. ومنذ أبريل 2018 ، أصبح رئيس تحرير يومية أخبار اليوم. حيث اثارت افتتاحيتها الكثير من الجدل والهجوم المرافق بالتشهير من طرف عدد من المواقع التي صنفتها منظمات حقوقية بصحافة التشهير .
تحمل سليمان الريسوني مسؤوليات جمعوية بعدد من الجمعيات الثقافية و الأدبية والحقوقية، خاصة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي كان مسؤولا في قيادة أحد فروعها بشمال المغرب. وهو عضو في مكتب جمعية “الحرية الان” التي لا زالت تكافح من أجل حقها في الاعتراف القانوني. كما ساهم في تأسيس ونسق عددا من لجنة التضامن مع الصحفيين انوزلا على المرابط منجب عمر الراضي المهداوي بوعشرين.. واطر وشارك في عدد من العروض والندوات والمحاضرات في مواضيع ذات الصلة بحقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير، مع عدد من المنظمات الحقوقية والمنابر الإعلامية الوطنية والدولية.
اجماع وطني ودولي على الطابع التعسفي لاعتقال سليمان الريسوني
أجمعت كافة المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية على الطابع التعسفي لاعتقال سليمان الريسوني، كما طالبت العديد من الهيئات الحقوقية والسياسية وطنيا ودوليا باطلاق سراح وسراح كافة المعتقلين السياسيين في المغرب والتي كان أبرزها قرار البرلمان الأوروبي الذي أدان بشدة انتهاكات المغرب لحقوق الانسان وحرية الصحافة، داعيا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع السجناء السياسيين. واستنكر استخدام التهم اللاأخلاقية، لردع الصحفيين عن أداء واجباتهم. وحث على احترام حرية التعبير وحرية الإعلام، وتوفير محاكمة عادلة للصحفيين المسجونين ولا سيما عمر راضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين مع جميع ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة، و الإفراج المؤقت الفوري عنهم، والكف عن المضايقات ضد جميع الصحفيين ومحاميهم وأسرهم.
الفريق الاممي يعتبر اعتقال الريسوني اعتقالا تعسفيا
أصدر فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي التابع لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في دورته 93 المنعقدة من 30 مارس إلى 8 أبريل 2022، رأيه بشأن وضعية معتقل الرأي الصحفي سليمان الريسوني، مطالبا بإطلاق سراحه فورا بدون قيد أو شرط، وفتح تحقيق بخصوص الاعتقال التعسفي الذي تعرض له وتحديد المسؤوليات، وتعويضه تعويضا عادلا عن الأضرار التي مسته نتيجة هذا الاعتقال التعسفي؛ و إحالة قضيته على العديد من المقررين الأمميين الخاصين، وعلى رأسهم المقرر الخاص المعني بالتعذيب وضروب المعاملة القاسية و المهينة، وذلك بعد أن اعتبر فريق العمل الأممي أن ما تعرض له الصحافي سليمان الريسوني من سوء معاملة في السجن، بما فيها تصويره عاريا في زنزانته، يدخل ضمن ممارسات التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة والحاطة بالكرامة الانسانية.
الصنف الأول: الاعتقال دون التوفر على سند قانوني:
إن اعتقال الصحفي سليمان الريسوني من طرف السلطات تم و لايزال مستمرا دون التوفر على أي سند قانوني، وإن توقيفه يوم 22 ماي 2020 من أمام باب منزله إجراء مناف للقانون، وأن تمديد مدة حراسته النظرية غير قانوني، كما إن تمديد اعتقاله الاحتياطي من طرف قاضي التحقيق دون تعليل وجيه ومكوثه أزيد من 12 شهرا في الاعتقال الاحتياطي دون محاكمة بالإضافة إلى رفض تمكينه من السراح المؤقت دون تعليل، كلها اختلالات جسيمة تجعل اعتقاله تعسفيا مما يستوجب وضع حد له فورا؛
الصنف الثاني: الاعتقال بسبب ممارسة حرية الرأي والتعبير:
إن الصحفي سليمان الريسوني اعتقل مباشرة بعد توجيهه انتقادات لاذعة للمسؤولين عن الإفراط في اعتقال المواطنين بسبب مخالفة حالة الطوارئ الصحية في اخر افتتاحية له. وهو ما يجعل اعتقاله ناتجا عن ممارسته لأحد الحقوق الأساسية التي يضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهي حرية التعبير وحرية الصحافة، مما يجعل منه معتقل رأي اعتقل بسبب آرائه، ولمنعه من الاستمرار في ممارسة حرياته تلك.
الصنف الثالث: غياب معايير المحاكمة العادلة:
إن الصحفي سليمان الريسوني تعرض لمحاكمة افتقدت فيها شروط المحاكمة العادلة، من خلال عدم حياد النيابة العامة التي باشرت المتابعة دون وجود أي شكاية، ومن خلال انتهاك حقوق الدفاع ومبدأ المساواة بين طرفي الدعوى العمومية، وبسبب عدم تمكين سليمان الريسوني من ملف قضيته إلا بعد شهور من انطلاق محاكمته، وبسبب رفض المحكمة الاستماع لشهود النفي، إلى غير ذلك من الخروقات التي طالت حقوق الصحافي سليمان الريسوني في الدفاع عن نفسه.
محاكمة الريسوني محاكمة باطلة وغير عادلة.
أكدت هيئة دفاع الصحفي سليمان الريسوني محاكمته غير عادلة وباطلة، وأنها جد مقتنعة بأن أسباب اعتقال الريسوني لها بواعث سياسية بسبب آرائه المعبر عنها في كتاباته، والتي أصبحت تزعج جهات نافذة داخل السلطة. علاوة على الكم الكبير من الخروقات التي شابت محاكمته من قبيل:
• رفض طلبات الدفاع، خاصة طلب الاستماع إلى الشهود، وضمنهم العاملة المنزلية، التي صرح المشتكي أنها كانت موجودة بالبيت لحظة الاعتداء عليه المزعوم، أو طلب إجراء معاينة للمنزل الذي تخالف مواصفاته ما جاء في تصريحات المشتكي.
• الكم الهائل من التناقاضات والادعاءات الكاذبة التي شابت تصريحات المطالب بالحق المدني، والتي لم يقف قرار المحكمة على أي منها. في مقابل التواتر والانسجام في مختلف تصريحات سليمان الريسوني التي لم يعتمدها قرار المحكمة بل سعى إلى البحث عن تناقضات غير واقعية وغير حقيقة .
• تطبيق المحكمة لمقتضيات المادة 423 من قانون المسطرة الجنائية، في المرحلة الابتدائية، ودون أن تأمر هاته الأخيرة بإحضاره وتسجل امتناعه عن ذلك، وهو المعتقل داخل السجن والفاقد لحرية الإرادة في الحضور أو الغياب لمحاكمته، هو خرق واضح وسافر للقانون ويجعل محاكمته دون حضوره محاكمة باطلة.
• سلك الدفاع كافة المساطر التي يتيحها له القانون، فقد وضع طلب التجريح قبل صدور الحكم، كما قام بوضع شكاية بالطعن بالزور ضد محضر الانتقال والاستدعاء، وشكاية أخرى بالطعن بالزور ضد محضر رفض الحضور من السجن للمحكمة، دون أن يتلقى جوابا عن هذه الطلبات والشكايات.
كما اعتبرت هيئة الدفاع أن رفض طلب النقض رغم استعراض مبررات إجرائية وقانونية صلبة وقوية تفرغ قراري ادانته من كل محتوى وتجعل منهما معدومين ومجسدين للشطط في استعمال السلطة ويضعان علامات استفهام حول الهدف من المحاكمة وفشلا ولم يقدرا على نزع قرينة البراءة لأن بهما ما يكفي لقلب السحر على الساحر.
(..)
وإن موعدنا الحرية.
عائلة الصحفي سليمان الريسوني