السكتاوي: الـCNDH أخطأ وشباب حراك الريف أصابوا
على خلفية التقرير الذي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السنة الماضية، حول “حراك الريف”، قال الكاتب العام لمنظمة العفو الدولية – فرع المغرب، محمّد السكتاوي، إن “المجلس” أخطأ، وشباب الحراك أصابوا.. إن المجلس انزلق، ولم ينزلق شباب الحراك.
وأوضح السكتاوي في مداخلة، يوم أمس، أثناء مشاركته في ندوة رقمية، نظمتها جمعية “ثافرا”، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ناقش خلال تقريره أمورا لا علاقة لها بصلاحياته، وفي المقابل تغاضى عن القضايا التي تدخل في صميم صلاحياته طبقا لإطاره القانوني رقم 76.15.
وأشار المتحدث إلى أن الخطوط العريضة التي تؤطر “المجلس”، والذي يُفترض فيه الحياد والاستقلالية، هــي حماية حقوق الإنسان والحريات، ورصد الانتهاكات، وإجراء التحقيقات والتحريات وإنجاز التقارير، ومراقبة أحوال السجناء، ومراكز الاستشفاء، والوقاية من التعذيب.
وأبرز الحقوقي، خلال الندوة المُعنونة بـ”تعقيب على تقرير المجلس.. حول حراك الريف: السيّاق والقراءات الممكنة”، أن المجلس ليس من مهامه تفسير الحقوق ونطاق ممارستها، ولا يدخل في مهامه تقديم الدروس الأكاديمية، إذ أنه ليس معهداً.
القضايا الجانبية
ومن ضمن القضايا الجانبية التي يرى محمد السكتاوي أن المجلس خاض فيها، هي تحديد المصطلحات وتفسير اللّغة وتأويلها، إذ قال إن هذا شيء غريب، ولا يدخل في صلاحيات المجلس باعتباره مؤسسة حقوقية، مشيرا إلى أنه تصّور في لحظة أن المجلس صار هو المجمع اللّغوي للقاهرة.
وأضاف السكتاوي أن المجلس ناقش أيضا قضية لا علاقة لها بصلاحياته، وهي قوة الحراك ومدى انتشاره جغرافيا، مبرزا أن هذا النّقاش من اختصاص عُلماء الاجتماع والتاريخ والسياسة.
وقال إن الحراك الشعبي بالريف يُطالب بالعدالة الاجتماعية، وبوضع حد للتهميش التاريخي المجتمعي، وبنظام رعاية صحية أفضل، وتحسين البنية التحتية، وتوفير فرص عمل، لافتا أنها مطالب حقوقية، تدخل في صلب العهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ولا هي مطالب تُقاس بالجغرافية، ولا بالانتشار، ولا بالقوة.
وأشار المتحدّث إلى أن المجلس ناقش قضية أخرى، وهي تأثير الحراك على الاقتصاد ومصالح التّجار، معتبرا أن هذا النقاش ينأ به بعيدا عن مهامه.
وفي هذا الإطار، أبرز السكتاوي، أن “الفرد” هو الحجر الأساس في المنظومة الحقوقية، كما هي مؤطرة أخلاقيا ومعنويا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، ومن هنا، يرى أن “المجلس” كان عليه أن يُسخر مجهوده للكشف عن المواطنين الأفراد الذين انتهكت حقوقهم.
وشدّد على أن المجلس تغاضى عن الإجابة على عدد من الأسئلة، أبرزها: هل احترمت حقوق شباب الحراك المدنية والسيّاسية، كــ”حرية التعبير، والتظاهر والاحتجاج السلمي، والتجمع، الحق في التنقل، السلامة الجسدية والنفسية، الحق في الحياة، المحاكمة العادلة..”، وهل احترمت حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كــ”التعليم، الشغل، الصحة، البيئة..”.
خذلان الدولة
وفي المداخلة ذاتها، أكد أن مطالب الحراك الشعبي بالريف من صميم حقوق الإنسان، مبرزا أن الدولة كان عليها أن تحميها بموجب التزاماتها في إطار القانون الدولي، بـ”عدم إعاقة التعبير عنها”، وبـ”ضمان عدم عرقلة الآخرين لها”، وبـ”تعزيزها وتيسير الحصول عليها”.
وقال الكاتب العام لمنظمة العفو الدولية، إن الدولة خذلتنا في منطقة الريف، ولم تف بالتزاماتها، لافتا إلى أن هذا، لا يقوله المدافعون عن حقوق الإنسان فقط.
وتابع: ففي أثناء الحراك الشعبي، خاطب الملك أمام البرلمان ليقر بفشل النموذج التنموي، وأكد بأنه لا يستجيب للمطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للموطنين، وبأنه غير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية، وبأنه أخفق في تحقيق العدالة الاجتماعية”.
وأبرز أن مطالب الحراك لم تخرج من الإطار الذي حدّده الملك، وهو يُعدّد فشل النموذج التنموي، وهنا يتساءل السكتاوي: من كان يجب أن يُحاسب في هذه الحالة، بالانطلاق من الدستور، الذي يقول ربط المسؤولية بالمساءلة؟
تصوير الزفزافي
ومن جانب آخر، شدّد على وصف تصوير ناصر الزفزافي شبه عاريا، داخل مؤسسات الدولة، وتسريبها للإعلام، بـ”الفضيحة”، مؤكدا أن هذا الفعل لو حصل في دولة ديمقراطية تحترم نفسها، لقدمت الحكومة استقالتها.
وتساءل كيف يُعقل أن تخرج صوّر مواطن موجود لدى مؤسسات الأمن أو القضاء، إلى صحافة مُعينة؟ هل الدولة أصبحت تُشهّر بالمواطن؟ وعاد ليؤكد بأن الواقعة “فضيحة بالنسبة للحكومة”.
قرينة البراءة
وبخصوص المحاكمات التي تمت، أورد المتحدث بأن القاضي قوّض منذ البداية “قرينة البراءة”، بوضع المعتقلين في الأقفاص الزجاجية، موضحا أن ذلك يعني أن هؤلاء “مجرمين خطيرين”.
وفيما تساءل أين هي “المتهم بريء حتى تثبت إدانته؟” ، قال إن اللّجنة الأممية لحقوق الإنسان تقول: “لا ينبغي تقييد المتهمين بالأصفاد أو وضعهم في أقفاص، أثناء المحاكمة، لأن ذلك يُعتبر إدانة قبل صدور الحكم”.
وأضاف السكتاوي أن مبدأ علنية الجلسات لم يُحترم أيضا؛ إذ تم التضييق على وصول وسائل الإعلام، والمجتمع المدني، وعموم النّاس إلى قاعة المحكمة، متسائلا كيف يمكن لنا مراقبة تحقيق العدالة؟
وفيما أشار إلى اعتماد القضاء على محاضر الشرطة، التي قال أنها تُستبعد في حالة انتزاعها بالإكراه، أبرز التهم الخطيرة التي وُجّهت لبعض معتقلي الحراك كـ”جناية المس بالسلامة الداخلية، والتحريض على القوات الأمن”، مشيرا إلى أنه حينما يتم التساؤل: كيف تم الوصول لهذه التهم؟ يُقال إن ناصر أشار بأصبعه إلى القوات العمومية، واعتبرها قوات للقمع، وأن ناصر طالب الله بالحصول على الشهادة.