خطوات متسارعة لتعزيز التعاون بين المغرب وموريتانيا


يسعى المغرب وموريتانيا إلى تعزيز العلاقات الثنائية بينهما في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه المنطقة، وجسدا هذا الطموح عبر زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين، بالإضافة إلى توقيع عدة اتفاقيات تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات متنوعة.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    يأتي هذا في وقت يستمر فيه التوتر في بعض دول المنطقة، خاصة في منطقة الساحل والصحراء، ما يجعل تعزيز التعاون بين المغرب وموريتانيا ذا أهمية استراتيجية.

    في هذا السياق، يرى أحمد النحوي، رئيس المنتدى المغربي الموريتاني للصداقة والتعاون (غير حكومي)، أن البلدين يطمحان إلى التعاون في مشاريع اقتصادية كبيرة ستعود بالنفع على البلدين، مشيرا أن العلاقة بينهما تميزت بـ”وتيرة متسارعة وإيجابية في المبادلات الاقتصادية والتجارية بينهما”.

    ويعتبر الباحث الموريتاني أن نواكشوط تسعى أيضا من خلال علاقات متوازنة مع المغرب والجزائر إلى الحفاظ على مصالح المنطقة وتعزيز التعاون الإقليمي.

    ومن جهة أخرى، أثارت زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى المغرب تكهنات حول إمكانية لعب نواكشوط دورًا وساطيًا في التوترات بين الجزائر والرباط، خاصة أن الزيارة جاءت بعد أيام من زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى موريتانيا.

    تعزيز التعاون الاقتصادي

    التعاون التجاري بين البلدين شهد تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، لاسيما مع كون المغرب أكبر مستثمر إفريقي في موريتانيا. حيث يتواجد العديد من الشركات المغربية في قطاعات حيوية مثل البنوك، والاتصالات، والزراعة، والصناعات الغذائية، فضلاً عن الحضور في قطاعي البناء والطاقة.

    في هذا السياق، أكد النحوي أن المبادلات التجارية بين البلدين شهدت “وتيرة متسارعة وإيجابية”، ما يعزز طموح المغرب لتعزيز مكانته كمستثمر رئيسي في موريتانيا من خلال استراتيجيات “رابح-رابح” لكلا الطرفين.

    وكان المنتدى الاقتصادي المغربي الموريتاني، الذي عقد في نواكشوط في فبراير 2023، نقطة فارقة في هذا المجال، حيث شارك فيه أكثر من 300 من رجال الأعمال من البلدين في مختلف القطاعات.

    ووفقًا لبيان صادر عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، سجل التبادل التجاري بين البلدين حوالي 300 مليون دولار في 2022، بزيادة نسبتها 58 بالمئة مقارنة بعام 2020.

    مشاريع مشتركة

    من أبرز المشاريع التي يسعى المغرب وموريتانيا لتطويرها مشروع أنبوب الغاز الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب، عبر عدة دول منها موريتانيا، بهدف تلبية احتياجات السوق الأوروبية من الغاز.

    يقدر طول الأنبوب بنحو 5660 كيلومترًا، وسيعزز هذا المشروع التعاون بين البلدان المعنية، ويُعد خطوة استراتيجية مهمة في تعزيز العلاقات الاقتصادية في المنطقة.

    وفي أواخر سنة 2016، تم الإعلان عن مشروع أنبوب الغاز، وذلك في إطار زيارة رسمية قام بها الملك محمد السادس إلى نيجيريا. وسيمر الأنبوب بكل من بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون، إضافة إلى غينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا.

    بالإضافة إلى ذلك، هناك مشروع الأطلسي، الذي سيعزز التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين البلدين. ويهدف إلى تقليل الاعتماد التقليدي على البحر المتوسط وتوسيع آفاق التعاون مع دول الساحل الإفريقي عبر المحيط الأطلسي.
    وفي دجنبر 2023، اتفق وزراء دول الساحل الإفريقي (مالي، بوركينافاسو، تشاد، النيجر، موريتانيا)، بمدينة مراكش، على إنشاء فريق عمل وطني في كل دولة لإعداد واقتراح سبل تفعيل مبادرة دولية للملك محمد السادس، لاستفادة بلدان الساحل من المحيط الأطلسي.

    الباحث الموريتاني النحوي، أشاد بتعاون البلدين الجارين واستعدادهما لإطلاق مشاريع من شأنها أن تعزز التبادل والتكامل بينهما.

    ورأى أن هذه المشاريع كمشروع الأطلسي وأنبوب الغاز ستسهم في تعزيز مكانة المغرب وموريتانيا على الصعيدين الإقليمي والدولي.

    واعتبر أن الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى المغرب والتي تطرقت إلى المشروعين يعكسان أهميتهما الاستراتيجية للبلدين والمنطقة ككل.

    جدير بالذكر، أن المشروعين المذكورين يواجهان بعض التحديات السياسية والأمنية، خاصة في ظل غياب الاستقرار ببعض دول المنطقة، وانتشار الجماعات المتطرفة، فضلا عن الانقلابات وغياب الاستقرار السياسي ببعض دول المنطقة.

    كما يواجه المشروعان تحديا اقتصاديا، يتمثل في الكلفة المالية، والتي تتطلب انخراط دول كبرى من أجل التقليل من كلفتهما.

    الشراكة الإقليمية

    منذ بداية العام الماضي، شهدت العلاقات بين المغرب وموريتانيا تبادلا متسارعا للزيارات الرسمية، تعكس التطور الإيجابي في المبادلات الاقتصادية والسياسية بين البلدين.

    - إشهار -

    ويؤكد النحوي أن هذه الزيارات تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون في مشاريع اقتصادية كبرى، وكذلك في تعميق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية.

    وأبرز النحوي أهمية زيارة الرئيس الموريتاني إلى المغرب، والتي جاءت في وقت “بالغ الأهمية” لتعزيز علاقات الثقة والتعاون بين الشعبين.

    وأشار النحوي إلى أن هذه الزيارة تأتي “في إطار تعزيز علاقات الثقة والتعاون القوية بين البلدين، وأواصر الأخوة بين الشعبين الشقيقين، وفي سياق سيساهم في الدفع بالدينامية الإيجابية التي تشهدها العلاقات بينهما على مدى السنوات الماضية، إضافة لتقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية بين البلدين”.

    وقام الرئيس الغزواني بزيارة خاصة للمغرب، في دجنبر الماضي، لمتابعة الوضع الصحي لحرمه مريم بنت الداه، التي أجرت عملية جراحية في المستشفى العسكري بالرباط.

    ورغم طابعها الخاص المُعلن، تعد هذه الزيارة هي الأولى من نوعها لرئيس موريتاني في السلطة إلى المغرب، منذ نحو عقدين ونصف العقد.

    وجاءت الزيارة بعد أقل من أسبوعين من زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى موريتانيا، مما أثار تكهنات حول إمكانية لعب نواكشوط دورًا وساطيًا بين الجزائر والرباط.

    تحديات المنطقة

    يأتي عزم الرباط ونواكشوط على تعزيز العلاقات في ظل تحديات بالمنطقة، خاصة في ظل جمود اتحاد المغرب العربي، والتحديات الأمنية بدول الساحل والصحراء، وإغلاق الحدود ما بين المغرب والجزائر منذ 2014.

    وفي 17 فبراير 1989 تأسس الاتحاد في مدينة مراكش، ويتألف من خمس دول هي: ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، ويهدف إلى فتح الحدود بين الدول الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع، والتنسيق الأمني، وانتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين.

    وفي ظل خلافات بين بعض دوله، واجه الاتحاد منذ تأسيسه عقبات أمام تفعيل هياكله وتحقيق الوحدة المغاربية؛ ولم تُعقد أي قمّة على مستوى قادة الاتحاد منذ قمة 1994 في تونس.

    كما تعرف العديد من دول الساحل والصحراء تحديات أمنية وسياسية، تنعكس على مستوى التنمية من جهة، وعلى التنسيق بين دولها من جهة ثانية.

    وشهدت السنة الماضية، معارك وصراعات بين الجيش التشادي وجماعة بوكو حرام، بالإضافة إلى انهيار اتفاق سلام – تم توقيعه عام 2015- قبل أشهر بين حكومة مالي و”الطوارق”.

    وبالتالي، فإن تعزيز التعاون بين دول المنطقة، بما في ذلك المغرب وموريتانيا، يُعتبر ضرورة استراتيجية لضمان الأمن والاستقرار في منطقة الساحل.

    قضية الصحراء

    وبخصوص موقف بلاده مع دول الجوار، قال النحوي إن موريتانيا لها علاقة طيبة ومتوازنة مع دول الجيران، بما فيها المغرب والجزائر.

    وأوضح أن علاقة نواكشوط مع المغرب ليس على حساب الجزائر، والعكس صحيح.

    وأضاف أن بلاده تسعى من خلال علاقات متوازنة مع المغرب والجزائر إلى الحفاظ على مصالح المنطقة.

    وبخصوص موقف بلاده بخصوص قضية الصحراء المغربية، اعتبر أن نواكشوط تلتزم “الحياد الإيجابي” في هذا النزاع، وتسعى إلى علاقة قوية مع الرباط في إطار رابح رابح، وشراكة إستراتيجية.

    وتؤكد موريتانيا أن موقفها من “النزاع” “حيادي” يهدف بالأساس للعمل من أجل إيجاد حل سلمي للقضية يجنب المنطقة خطر التصعيد.

    الاناضول

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد