“علي بابا” في بالمغرب.. ماهي الانعكاسات الاقتصادية؟
أعلنت شركة “علي بابا” الرائدة عالميًا، في مجال التجارة عبر الأنترنت، عن إطلاق منصتها رسميا في السوق المغربية، وذلك خلال حفل للتوقيع على مذكرة تفاهم أقيم في الدار البيضاء يوم 18 دجنبر الجاري، نظمته الكونفدرالية المغربية للمصدرين بشراكة مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات.
وتعتبر “علي بابا” أكبر منصة للتجارة بين الشركات في العالم، بـ47 مليون مستخدم نشط من الشركات في 200 دولة، وتعتبر الرائدة في هذا المجال، بينما تقدر قيمة السوق العالمية لهذا النوع من الأعمال التجارية بنحو 23.9 تريليون دولار.
وقد أبرز ألبرتو فريسكورا المسؤول بشركة “علي بابا” ومدير تطوير الشراكات الإستراتيجية وتطوير الأعمال في أوروبا -خلال الاجتماع- أهمية دعم المقاولات المغربية في مجال التصدير الرقمي وتعزيز مكانة المغرب على الساحة الدولية.
وأضاف أن الموقع الإستراتيجي للمغرب وبنيته التحتية المتطورة، مثل ميناء طنجة المتوسط أكبر ميناء للحاويات في منطقة البحر المتوسط، يلعبان دورا هاما في جذب الاستثمار والتجارة العالمية.
ووفق بيانات قدمت خلال هذا الاجتماع، فإن أكثر من 60% من صادرات المغرب تباع لسوق الاتحاد الأوروبي، بينما تسعى المملكة أيضا إلى توسيع وجهات التصدير إلى بلدان أخرى
أسواق جديدة
بدوره قال رئيس الكونفدرالية المغربية للمصدرين حسن السنتيسي الإدريسي إن هذه الشراكة تتماشى مع الإستراتيجية الوطنية لجعل المغرب مركزا إقليميا وأفريقيا، والساعية لرفع قدرته التنافسية والابتكارية، والترويج لشعار “صنع في المغرب”.
وأضاف أن التجارة الإلكترونية (الرقمية) تمثل الآن ما يقرب من 22% من التجارة العالمية، وهو رقم يتزايد باستمرار مما يوضح دورها المتنامي في التجارة الدولية، مبرزا أن هذا التحول الهيكلي للمغرب يتيح فرصة فريدة لتسريع انتقاله إلى الاقتصاد الرقمي وتعزيز حضوره في الأسواق العالمية.
وأشار إلى التزام الطرفين بتسهيل ولوج المصدرين المغاربة إلى الأسواق الدولية، وزيادة ظهور المنتوجات المغربية في المناطق الإستراتيجية، وتعزيز التبادلات المتوازنة والمستدامة بين الجهات الاقتصادية الفاعلة.
ويعد المغرب ثالث دولة أفريقية بعد كل من رواندا (2018) وإثيوبيا (2019) قررت فيها “علي بابا” تعزيز وجودها وتوسيع نشاطها، لكنها اعتمدت للشركات المغربية نموذج اشتراك ثابتا على منصتها، بغض النظر عن حجم الأرباح.
وحسب دراسة دولية، تختار منصة “علي بابا” إطلاق منصاتها، في الدول الواعدة بمجال التجارة الإلكترونية، في مناطق متفرقة من العالم، والتي تتميز بتنوع الصناعات وجودة المنتجات.
وتبرز الدراسة أن إستراتيجية “علي بابا” تتفق مع الطموحات التجارية لهذه الدول، آخذة بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسات العامة والخصائص المواتية لتطوير الخدمات اللوجستية والتجارة الرقمية.
نمو ملحوظ
وتشهد التجارة الإلكترونية في المغرب نمواً كبيراً يناهز 30% سنوياً، حسب ما كشف عنه وزير الصناعة والتجارة رياض مزور خلال مروره في البرلمان المغربي، مشيرا إلى أنها تمثل في المملكة بين 6% و8% من مجمل النشاط التجاري، متوقعا أن يصل حجم سوق التجارة الإلكترونية في المملكة إلى أكثر من 3 مليارات دولار بحلول عام 2024.
وأبرز الوزير أن المغرب يتوفر على أكثر من 100 شركة ناشئة بقطاع التجارة الإلكترونية بتكنولوجيا مطورة محلياً، يتوقع أن تتضاعف 10 مرات خلال السنوات القليلة المقبلة، والتي يمكنها أن تستهدف أيضاً الأسواق الدولية.
وحسب منصة “ستاتيستا” يوجد المغرب ضمن أكثر الدول اتصالا بالإنترنت بنسبة 91%، وتبرز البيانات أن رقم معاملات الصناعة المرتبطة بالتجارة الإلكترونية في المملكة وصل إلى 1.6 مليار دولار سنة 2024، ويتوقع أن يبلغ 2.6 مليار سنة 2029 بنسبة نمو تصل إلى 63.11%.
ويؤكد المحلل الاقتصادي بدر زاهر الأزرق أن فتح الأسواق الجديدة سيحدث دينامية في مجالات متعددة، خاصةً القطاعات الخدمية والصناعات العصرية والتقليدية، بالإضافة إلى قطاعات أخرى تُنتج سلعا مغربية قادرة على المنافسة دوليًا، مما يساعد المملكة لتصبح رائدة في مجال التصدير.
مخاطر
ويضيف الأزرق أن هذه الشراكة تعد فرصة للشركات المغربية لتطوير قدراتها في مجالات حيوية مثل التدبير وآليات التعاملات النقدية والمعاملات الإلكترونية، مما يُساهم في دفع عجلة تطويرها وتسريع نموها.
ومن جهته يأمل رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة عبد الله الفركي أن تفتح هذه الخطوة آفاقا جديدة لقطاعات إستراتيجية مثل النسيج، الحرف اليدوية، الصناعات الغذائية، مستحضرات التجميل، اللوجستيات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي حققت صادراتها نسب أرباح مهمة سنة 2023 (النسيج 41.3 مليار درهم أي نحو 4.1 مليار دولار، الملابس المصنعة 29.5 مليار درهم أي حولي 2.9 مليار دولار).
ويقول الفركي إن أكثر من 50% من الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، والتي تشكل أكثر من 98.4% من مجموع الشركات بالمغرب، تعاني بالفعل من ضعف أمام منافسة التجارة الإلكترونية الدولية في غياب دعم الحكومة بل والحوار معه.
بدوره يشير المحلل الاقتصادي الأزرق إلى أن الارتباط بالأسواق الدولية يحمل فرصًا واعدة، لكنه ينطوي أيضًا على مخاطر، إذ أن مشكلة التوترات الجيوستراتيجية وتقلبات أسعار الصرف والتضخم قد تؤدي إلى تذبذب وتراجع أداء هذه الأسواق، مما قد يؤثر سلبًا على أداء بعض القطاعات في المغرب.
دور الحكومة
ويسأل الأزرق عن مدى استعداد الشركات المغربية خاصة تلك التي لا تزال تعتمد على الطرق التقليدية، داعيا الحكومة إلى مواكبة وتطوير هذه الشركات وتمكينها من الانخراط في هذا التوجه الجديد.
من جانبه يؤكد رئيس الكونفدرالية المغربية للمصدرين ضرورة تدريب ودعم الشركات في تحولها الرقمي، مع التركيز بشكل خاص على الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء صندوق مخصص للتحول الرقمي لتمويل اعتماد التقنيات الرقمية من قبل هذه الشركات الصغيرة، وتعزيز الأمن السيبراني، ونشر البنية التحتية للاتصال في المناطق الريفية والنائية، وتطوير أدوات تحليل البيانات الإستراتيجية لمساعدة الشركات على استهداف أسواقها بشكل أفضل وتوقع الاتجاهات.
وتؤكد وزارة الصناعة والتجارة -في تقرير حصيلة وبرنامج العمل لسنة 2025- أنها تواكب الشركات الناشئة في إطار تفعيل المنصة الوطنية لرقمنة التجارة، وذلك عبر إطلاق 5 برامج أسفرت عن دعم 84 شركة ناشئة حتى شتنبر 2024.
وأوضحت الوزارة أن إجمالي الشركات الناشئة التي استفادت من دعم المنصة -منذ إطلاقها عام 2021- بلغ حوالي 118 شركة، مع السعي إلى الوصول إلى 150 وحدة في أفق نهاية السنة الجارية.
المصدر : الجزيرة.