الأمانة العامة للحكومة تشدد إجراءات الرقابة عن مستغلي الإحسان العمومي
هي الإهانة بكل اختصار، حين يقدم الفاعل المدني على تبني سلوكيات مشوبة بتجاوزات مجرمة تقتضي في بعض الأحيان تحريك المتابعة القضائية في حق المتورطين في جرائم تسائل منظومة القيم بمجتمعنا وذلك لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية، وفي هذا الصدد بادر ثلة من الحقوقيين لإعداد تقرير حقوقي يرصد اختلالات وممارسات يمكن وصفها بالخطيرة تنطوي على قيام جمعيات مدنية بالتماس الإحسان العمومي خارج دائرة القانون عبر استغلال شنيع للحالات التي تشكو من الحاجة والعوز الاجتماعيين إذ يتم جمع التبرعات عبر تقديم تأكيدات خادعة للمحسنين للإيقاع بهم في الخطأ بغاية المنفعة المالية، وقد استفاد ذات الفاعلون من عائدات مالية دون سند مشروع حيث لا يتم تبرير طرق صرف المبالغ المالية المتحصل عليها، ليطرح السؤال حول دوافع إقدام أشخاص بعينهم على تأسيس جمعيات للقيام بمثل هكذا خروقات دون أن تطالهم يد العدالة لجعلهم عبرة لمن يعتبر .
ذات التقرير والذي انكب على إعداده ثلة من الحقوقيين المغاربة من المنتظر أن يوجه إلى رئاسة النيابة للمطالبة بفتح تحقيق قضائي بخصوص ممارسات جمعيات مدنية تعتري ممارساتها جملة من الخروقات والتجاوزات التي تكتسي طابع الخطورة، وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى أن المبادرة المذكورة تنسجم مع التوجه الجديد للأمانة العامة للحكومة والذي سيكشف لا محالة عن واقع متردي للمجتمع المدني بالمغرب والذي أصبح يشكو من اختلالات بنيوية عميقة تلزم تضافر جهود كل الفاعلين و المتدخلين و المهتمين بالفعل المدني عموما و الذي من شأنه أن يسهم في تدعيم عجلة التنمية على جل المستويات و الأصعدة .
كم نتألم لرؤية مظاهر مؤلمة تعري عن حقيقة ماسي أسر عديدة تعاني من الفقر والعوز الاجتماعيين والتي يتم استغلالها من طرف المنتسبين قسرا للمجتمع المدني، فكيف لنا مثلا أن نصدق مشاهد محزنة تكشف عن التقاط صور لرضع وأطفال بوجوه مكشوفة يتم نشرها في الغالب عبر الوسائط الاجتماعية لإثارة انتباه محسنين مفترضين بهدف ابتزازهم بطرق مشبوهة بعلة خدمة القضايا الإنسانية والحال أن الغاية لا تتعدى حرص المتورطين في هذه الأفعال الإجرامية على الكسب غير المشروع بوسائل احتيالية مما تسبب في إضعاف الأدوار الدستورية المنوطة بالتنظيمات الجمعوية.
حسن اليوسفي / إعلامي وناشط حقوقي
إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.