بناجح يكتب.. حقيقة شعار الدولة الاجتماعية بالمغرب


استمعت صباح اليوم لـ”محلل” يتحدث عن الدولة الاجتماعية بالمغرب. وقد هالني اندفاعه اللامحدود لصب المفاهيم والمنجزات صبا حتى وددت أن ما يتحدث عنه يكون فعلا واقعا في مغربنا الحبيب.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    يا رجل، نهاك الله، كن أمينا وناصحا صادقا فأنت إنما تسهم بتضليلك في تعميق واقع تعرفه ويعرف كل المغاربة أنه، ومع الأسف الشديد جدا، بعيد كل البعد عن أبسط مقومات الدولة الاجتماعية.

    ولا بأس، بالمناسبة، من التذكير بسياسة الحكم في إعلاء الشعارات الكبرى تلو الشعارات عبر العقود الماضية كوسيلة لتأطير وتنفيس الاحتقان الشعبي داخليا وتحسين صورته خارجيا.

    ومن كل تلك الشعارات التي رفعها النظام، يظهر أن هناك فجوة كبيرة بين الخطاب والواقع، حيث يتم تسويق هذه الشعارات لتحقيق مكاسب سياسية أو إعلامية دون ترجمتها إلى سياسات ملموسة أو تغييرات جوهرية تخدم أغلبية المواطنين، وآخرها شعار الدولة الاجتماعية الذي طرح في سياق أزمات اجتماعية حادة، وهو بدوره يعكس هذه الفجوة بوضوح، حيث يتناقض مع السياسات المطبقة التي لا تتجاوز التزامات ضعيفة تجاه العدالة الاجتماعية.

    إن حقيقة الدولة الاجتماعية تقوم على ضمان الحقوق الأساسية للمواطنين، مثل التعليم والصحة والسكن، مع تقليص الفوارق الاجتماعية وتحقيق توزيع عادل للثروات. لكنها في الواقع المغربي تبدو بعيدة المنال، إذ أدت السياسات المنتهجة منذ عقود إلى خصخصة القطاعات الأساسية والتراجع المستمر في الإنفاق العام، مما أثر سلبا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. وفي الوقت ذاته، تَعَزَّز اقتصاد الريع وتعاظمت استفادة النخب الاقتصادية من الامتيازات، مما عمق الفوارق وهمش الأغلبية الساحقة.

    ومما يعمق هذه الفجوة، النظام الضريبي القائم الذي يتكئ في معظمه على الجيوب المنهكة للفقراء والطبقة المتوسطة، بينما تستفيد الشركات الكبرى والنخب المقربة من إعفاءات واسعة. وهذا يتعارض جوهريا مع مفهوم الدولة الاجتماعية.

    - إشهار -

    كما أن مفهوم الدولة الاجتماعية يتناقض كليا مع طبيعة النظام القائم على الريع والمحاباة للنخب، حيث تغيب المحاسبة والشفافية وتستمر سيطرة المخزن على الموارد والقرار السياسي. هذا الوضع يعطل أي مبادرات تنموية حقيقية ويجعل من المستحيل تحقيق العدالة الاجتماعية.

    ورغم أن المشاريع التي يتم الترويج لها تحت مظلة الدولة الاجتماعية تحمل عناوين جذابة، إلا أنها غالبا ما تُنَفذ بتمويل محدود وتدبير سيئ، ما يجعلها أقرب إلى الوعود الشكلية منها إلى الالتزامات الجادة.

    وبناء عليه، فإننا إن أردنا تحقيق نموذج الدولة الاجتماعية، فلا مناص من إصلاحات جذرية في النظام الضريبي، ومحاربة الفساد والريع، وتعزيز الإنفاق الاجتماعي، وضمان توزيع عادل للموارد والثروات. ولا سبيل لهذا من دون تغييرات جذرية في بنية النظام وسياسته بمعالجة حقيقية لوضعي الاستبداد والفساد.

    طبعا، كل هذا يتطلب وقتا وتدرجا إن توفرت الإرادة السياسية الجادة، إلا شيئا واحدا وجب تحقيقه فورا، هو أن يكف صاحبنا “المحلل” وأمثاله عن التضليل الممجوج وله جزيل الشكر إن فعل.

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد