حيتان الأوركا تواصل هجماتها ضد الصيادين
بعد تجدد هجمات حوت الأوركا القاتل على قوارب صيادين مغاربة، عبّر هؤلاء عن مخاوفهم من تكرار تلك الهجمات التي باتت تهدد حياتهم، فيما حاولت الحكومة طمأنة الصيادين متعهدة باتخاذ حزمة من الإجراءات
وفي التفاصيل، بات الصيادون المغاربة يضعون أيديهم على قلوبهم، في كل مرة يخرجون بقواربهم إلى عرض البحر، مخافة التعرض لهجمات الأوركا القاتلة.
إذ لم تعد أمواج البحر المتقلبة ولا الرياح العاتية تثير قلقهم، بالقدر الذي تفعله هجمات تلك الحيتان، خصوصا بعد رصدها في الفترة الأخيرة قبالة سواحل العيون والداخلة ومضيق جبل طارق.
وفي السياق، روى بلال أرهون، رئيس جمعية صندوق الإغاثة الاجتماعية لبحارة الصيد الساحلي بميناء المضيق، قصة نجاته وزملائه من موت محقق بعد هجوم العشرات الأوركا على قاربهم قبل سنتين.
إذ أكد أنه في ذلك اليوم من شهر ماي، كان قاربهم متوجها إلى سواحل مدينة العرائش انطلاقاً من طنجة، وإذا بهم يسمعون نداء استغاثة عبر جهاز اللاسلكي، مفاده أن أحد القوارب يتعرض لهجوم من قبل الأوركا. وبعد تتبع الإحداثيات، تبين لبلال وأصدقائه أنهم الأقرب إلى القارب الذي يتعرض للهجوم فالتحقوا به.
غير أن الحيتان سرعان ما غيرت اتجاهها نحو قاربهم وشرعت في ضربه بقوة وبشكل مستمر بهدف إغراقه.
وأضاف المتحدث قائلا: “في البداية كان الأمر يتعلق بخمس حيتان عملاقة، يبلغ وزن كل واحد منها حوالي أربعة أطنان، كانت تهاجمنا بكل ما أوتيت من قوة، وتطلق أصواتا غريبة جدا، قبل أن تلتحق بها 10 حيتان أصغر حجما”.
وأردف: “لقد كنا في خطر حقيقي، قبل أن نتمكن من الالتحاق بمركب أكبر حجما والالتصاق به، لكن قطيع الحيتان كان مصرا على ملاحقتنا، واستمر في ضرب قاربنا إلى أن تعرض جزء منه للتحطيم، ولولا تدخل عناصر البحرية الملكية التي أغاثتنا في الوقت المناسب ونقلتنا لمركبها، لكنا في عداد الغرقى، خصوصا أننا لم نتمكن من إنقاذ قاربنا الذي تعرض للغرق أمام أعيننا.”
وحول أسباب هجمات الأوركا على قوارب الصيد، أوضح بلال، أن السبب هو بحثها عن الطعام وإحساسها بالجوع، أو إحساسها بالخطر في حال تواجد القوارب في منطقتها، لاسيما إذا تزامن ذلك مع قيامها بترويض وتدريب صغارها”
كما أضاف أن الهجمات تكون كثيفة خلال شهر ماي، لأنه يعرف هجرة سمكة أبو سيف وأسماك التونة، وهو بمثابة موسم الصيد بالنسبة لحوت الأوركا القاتل.
أغرب من الخيال
كذلك، روى بلال قصة أغرب من الخيال، لا تحدث إلا في أفلام التشويق والإثارة، حيث روى كيف ضل أحد صغار الأوركا وتاه في إحدى مزارع التونة الموجودة في المنطقة، ونفق داخلها بعدما عجز عن إيجاد طريق العودة.
لكن الغريب أن أسرة الصغير، وأفراد القطيع الذي كان ينتمي إليه، ظلت مرابدة بجوانب المزرعة، وقامت بمهاجمة كل من يعترض طريقها، انتقاما لفقدان صغيرها، وفق ما أكد بلال.
فضول وتهديد
فيما رجح خبراء وباحثون أن يكون الفضول والاحساس بالتهديد وراء تلك الهجمات، فضلا عن التوتر الناجم عن الأنشطة البشرية، ما قد يدفعها لمهاجمة قوارب الصيد.
وأوضح الخبير البيئي الدكتور محمد بن عبو أن حيتان الأوركا تعيش في بيئتها الطبيعية وهي مضيق جبل طارق مع الواجهة المتوسطية، وبالتالي هي ليست بأنواع دخيلة على البيئة البحرية المغربية، كما تتواجد أنواع أخرى من الأوركا تتنقل خلال الفترة ما بين مارس وأبريل، إلى أشهر الصيف، وتعيش على الواجهة الأطلسية، وتهاجر من شمال أوروبا في إطار سبل البحث عن القوت، وبالتالي فهي ليست حيتانا تطارد البشر و إنما تطارد أسماك التونة الزرقاء لاسيما خلال فترة هجرتها، ويضيف بن عبو، أن هذه الحيتان ليست عدوة للإنسان، وأنها كائنات مسالمة.
كما دعا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لحماية الصيادين والحيتان على السواء، شريطة أن تكونا حلولا صديقة للبيئة، خصوصا أن عدد حيتان الأوروكا يبقى قليلا، ويصل إلى حوالي 70 حوتا، وبالتالي لا يجب أن يكون هناك تحامل على هذه الكائنات.
وأكد أن هذه الإجراءات يجب أن تكون مبنية على أسس علمية، وعلى دراسات حتى لا يتم القضاء على ما تبقى من هذا النوع من الحيتان، لأنها هي الأخرى تبقى جزءا من المنظومة البيئية التي تحافظ على التوازن الإيكولوجي لهذه المنظومة البحرية.
حوادث معزولة
وتفاعلا مع هذه الهجمات التي تشنها هذه المخلوقات البحرية العملاقة، طمأنت كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش الصيادين، مؤكدة أنها تبقى حوادث معزولة ومحدودة نسبيا، مضيفة أنها تصرفات غير عدائية أو عنيفة.
كما أشارت إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات لتتبع وحماية الصيادين من هذا النوع من الحوادث، إذ يتم استخدام التكنولوجيا الحديثة لتتبع هذا النوع من الحوادث ولحماية الصيادين، مثل الهواتف الذكية التي يتم اقتناؤها في إطار برنامج “الصيد الحارس”.
هذا، وشددت على أن معهد الصيد البحري حريص على جمع المعلومات من خلال عمليات التتبع وتبادل المعلومات مع الصيادين لمحاولة فهم سلوك الحيتان القاتلة، ويعمل على تكثيف جهوده وأبحاثه لتحديد دوافعها من وراء هذه الهجمات.
المصدر: العربية.