عبد النباوي: المحامي خادمٌ للحق وأجير عند ضميره
قال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، إن “المحامي لا يبيع خدماته .. وهو ليس مأجوراً يُؤتَمرُ فيُطِيع، المحامي خادمٌ للحق، ومساعد للعدالة، وأجير عند ضميره “.
وأضاف عبد النباوي، خلال جلسة الافتتاح الرسمي لندوة التمرين الوطنية، اليوم السبت 11 يونيو الجاري، بمقر دار المحامي بالناظور، أن “المحاماة هي مهنة الشرف والنبل والقيم الفاضلة. ولذلك فإنها استحقت أن تتبوأ مكانة سامية بين كل المهن الفكرية. وإن علو مكانة المحاماة ليس رهيناً بكفاءة نسائها ورجالها، القانونية وحدها، ولكنه يرتبط بالأساس بالأخلاقيات المهنية التي تؤطرها”.
واعتبر عبد النباوي أن، المحامي مطبوع بكل الشيم الفاضلة المتعارف عليها بين الناس، والتي ترفع من شأن الإنسان في المجتمع، وتجعله محط تقدير وثقة واعتبار. ولكنه يزيد عنها بضرورة تمسكه بقيم أخرى خاصة بالمحامي. وهي قيم تتناقض في الظاهر مع المهام التي يقوم بها المحامي. وبذلك تكتسي مهنة الدفاع تفردها بين المهن. ويكفي أن نقول أن المحامي يتقاضى أتعاباً من موكله، ولكنه ليس أجيراً عنده، ويؤازره أو ينوب عنه ولكنه مستقل عنه. وأنه يقدم خدمات لأشخاص يتلقى عنها مقابلا، ولكنه ليس أجراً.
وزاد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، المحاماة ليست مهنة لكسب الرزق، ولكنها مهمة لإقامة العدل، والدفاع عن الحق، والمساعدة في البحث عن الحقيقة من أجل إنصاف المظلوم وردع الظالم وإرجاع الحقوق لأصحابها. ولذلك فإنها تحتاج إلى عقيدة راسخة، وإيمان ثابت بقيم العدل والإنصاف، والحرية والمساواة، والدفاع عن الحق وسيادة القانون، والإيمان بمبادئ النزاهة والاستقامة.
وتابع: لذلك فإن انهيار المبادئ والقيم أخطرَ ما يضر بمهنة المحاماة ويسلُبُها نُبلَها وقداستَها وشرفها. ولأن شرف المهنة يصنعه الرجال والنساء المنتمون لها، بسلوكهم وأخلاقهم وتشبثهم بأخلاقيات المهنة وأدبياتها، ودفاعهم عن قيمها ومبادئها، ووفائهم لقواعد اشتغالها ومعايير أدائها. فإن نبل المحاماة أمانةٌ في أعناق المحامين والمحاميات .. وهو أمانة في أعناقكم، أنتم المحامون المتمرنون، يجب أن تتمسكوا به وتدافعوا عنه، لأنه يمثل شرفكم ونبلكم وكرامتكم كمحامين في المستقبل.
وأكد عبد النباوي، أن الدفاع عن شرف المهنة وكرامتها، قد يتطلب مقاومة المغريات ومجابهة الملذات، والوقوف سداً منيعاً أمام المساومات الماسة بقيم المهنة وأخلاقها، مهما ارتفعت قيمة العروض وعلت أسعار المغريات التي قد تعترض طريقكم أو تُعرض عليكم.
واستطرد عبد النباوي قائلا: إنها أيها السيدات والسادة معركة شرسة لن يكسبها سوى الضمير الحي والإخلاص التام لقيم المهنة. لأن الحرص على نقاء السيرة وصفاء السريرة، والإحساس بثقل مسؤولية الانتساب إلى أسرة العدالة، هو أعز ما يُطلب من محام في البداية والنهاية.
ولعل أول واجبات المحامي، حسب عبد النباوي، هي احترام القضاء والثقة في أحكامه واستعمال الأساليب والمساطر المشروعة للطعن فيها والتظلم من القرارات القضائية. وقد لخص الفقيه المحامي الإيطالي اللامع Piero Calamandrei هذا الواجب بقوله : “الإيمان بالقضاء أول واجبات المحامي”.
وقد جاء قوله هذا انتقاداً لقول سيء يجعل “العدالة بمثابة لعبة الحظ”، واعتبره كالأماندريي مقولة تافهة صادرة عن شخص ” انتظم في خدمة القضاء دون أن تملأ نفسه رسالته أو يتخلق بخلقه السامي، فاستشعر في نفسه نقصاً وراح يتلمس عذرا لعجزه وفشله”.