دراسة: تأثير الظروف المناخية على وضعية اشتغال النساء
بديل.أنفو-
كشف المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، أن العلاقات بين العرض الاقتصادي والطلب الاجتماعي تظل متأثرة بتغيرات الظروف المناخية، مبرزا أن هذا الإكراه المزدوج للتحول الاقتصادي والاجتماعي، يثقل كاهل البلاد وخاصة لدى المكون النسائي.
وأوضح الحليمي، بمناسبة لقاء انعقد بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تحت شعار”المساواة بين الجنسين، شرط التنمية للمستدامة”، أنه خلال المواسم الفلاحية الجيدة، يُلاحظ تحسن النمو الكامن بنسبة تناهز 4 في المائة مع انعكاساتها الإيجابية على الدخل والتماسك الاجتماعي، في حين تراجع هذا النمو إلى مستويات متواضعة تبلغ حوالي 2 في المائة، في فترات الجفاف.
وأضاف المندوب أن في الوسط القروي، يدفع توالي فترات الجفاف الحاد النساء المشتغلات إلى عدم النشاط، في الوقت الذي يتجه فيه الرجال، بالمدن، نحو الشغل الهش لتجاوز آثار الجفاف، مستدركا أنه كلما أصبحت الظروف المناخية ممطرة، تعود النساء من جديد إلى النشاط.
وفي هذا السياق، زاد الحليمي، في مداخلة له بمناسبة هذا اللقاء، أن الطلب على اليد العاملة يبقى غير متنوع مع هيمنة قطاع الفلاحة بنسبة 31 في المائة من النشيطين المشتغلين، وتواجد ضعيف في الصناعة بـ 12 في المائة والعرض متسم بساكنة نشيطة غير مؤهلة وضعيفة الإنتاجية بـ 53 في المائة من النشيطين المشتغلين لا يتوفرون على أي دبلوم و31 في المائة لديهم دبلوم متوسط و16 في المائة دبلوم عالي.
ويظل الطلب الاجتماعي غير ملائم سواء بالنسبة للرجال أو النساء، مما يجعل البطالة تسجل نسبة 11 في المائة لدى الرجال و17 في المائة لدى النساء، يضيف المندوب السامي.
وبخصوص نسبة البطالة، حسب المستوى الدراسي، قال الحليمي إن “النسبة ترتفع عند الجنسين، لكن يجب الاعتراف بأن وضعية المرأة أكثر إشكالية، وخاصة بالنسبة لخريجات التعليم العالي اللاتي يواجهن صعوبات كبيرة في الحصول على شغل بـ 33 في المائة مقابل 22 في المائة لدى الرجال”.
وأشار إلى أن تطبيق هذه الوضعية على الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية يحيلنا على صورة مشهد بشري ينقسم إلى اقتصاد منزلي يحاصر 58 في المائة من النساء، وسوق شغل ذو خاصيتين: عرض قليل التنوع وطلب على يد عاملة ضعيفة التأهيل وقليلة الإنتاجية.
وتابع الحليمي، بالإضافة إلى ضعف تثمين الإمكانيات النسوية في سوق الشغل، تظل جودة الشغل المحدث للمرأة ضعيفة؛ فحين تتمكن المرأة من الحصول على شغل، فإن هذا الشغل يبقى متسما بشغل غير مؤدى عنه، وبفوارق كبيرة في الأجور، حيث أن 64 في المائة من النساء المشتغلات يتوفرن على شغل مؤدى عنه مقابل 91 في المائة بالنسبة للرجال.
وكشف المندوب السامي أن جميع فروع النشاط تقريبًا تتميز بفارق كبير في الأجور يقدر بحوالي 30 في المائة على حساب النساء، وتعتبر هذه الفوارق أقوى في قطاع الصناعة، ويظل هذا الفارق قويا جدا في قطاع الصناعة حيث يصل مؤشر المناصفة 2.45، وبصفة عامة، تشتغل النساء في قطاعات ذات إنتاجية ضعيفة.
وأكد المتحدث أن إنتاجية النساء سواء في قطاع الفلاحة أو الصناعة كما يوضحها الحساب التابع الخاص بالشغل، أقل من متوسط الإنتاجية لهذه الفروع بنسبة 75 في المائة و45 في المائة على التوالي.
وأشار الحليمي في مداخلته، إلى أن المرأة تظل، في الواقع، حبيسة الوزن التاريخي للعلاقات الاجتماعية وتواجهه بجهد أكبر مقارنة بالرجل، إلا أنها تعيش نفس الوضعية إلى جانب الرجل، التي يتيحها سوق الشغل الذي يتسم بقلة إحداث فرص الشغل بصفة عامة وبوثيرة أقل للشغل اللائق بصفة خاصة.
ويضيف أن التراجع المتواصل لنسبة النشاط لدى النساء هي، في الواقع، إحدى الخصائص الهيكلية لوضعية المرأة بالمغرب، حيث لا تتجاوز هذه النسبة 21 في المائة حاليا، بعدما بلغت 30 في المائة في بداية العقد الأول من القرن الحالي، وهو ما يدل على ضعف تثمين الإمكانيات الكامنة التي تشكلها، على الخصوص، النساء غير النشيطات.
وخلص الحليمي إلى أنه يتضح من المقارنة بين فترتي 2000-2009 و2010-2019، أن مساهمة المرأة في النمو الاقتصادي قد انتقلت من 22 في المائة خلال الفترة الأولى إلى مساهمة سالبة قدرها 33 في المائة خلال الفترة الثانية. وتعزى هذه الخسارة في جزء كبير منها إلى تزايد عدم النشاط لدى المرأة الذي سجل مساهمة سالبة تقارب 16٪ في النمو الاقتصادي.