خبير دستوري: إحالة شباط على لجنة الأخلاقيات انتهاك صارخ للحصانة البرلمانية
أكد أستاذ القانون الدستوري، ورئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، رشيد لزرق، ان “إحالة النائب ريم شباط إلى لجنة الأخلاقيات لمجرد توجيه نقد لاذع لرئيس الحكومة انتهاك صارخ لمبدأ الحصانة البرلمانية وتفريغ لمضمونها الدستوري”.
وأحال رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، أول أمس الإثنين 27 يناير الجاري، برلمانية فاس، ريم شباط، على لجنة الأخلاقيات، بسبب ما اعتبره خرقا للدستور، بعد تدخلها وانتقاداتها القوية لرئيس الحكومة، خلال جلسة الأسئلة الشهرية الموجهة لأخنوش.
ووجهت شباط انتقادات حادة لرئيس الحكومة، خلال الجلسة التي خُصصت لمناقشة موضوع متعلق بقطاع السياحة والتي تم خلالها التطرق لاستعدادات المغرب لاستضافة كأس افريقيا ومونديال 2030، والذي ستكون فاس ضمن المدن المستضيفة لهما. كما عرضت لافتة كبيرة عيها صور بعض حافلات النقل العمومي بفاس المتهالكة والمحترقة.
وقالت شباط خلال تدخلها، موجهة خطابها للرئيس عزيز أخنوش: “السيد رئيس الحكومة، واش بهاد الشياطة والخردة ديال الطوبيسات لي صيفطو لنا لفاس غادي نستقبلو السياح؟، واش الطوبيسات كيمشيو بالفاخر ومعندهم فرانات؟.. “.
واعتبر الطالبي العلمي، تعقيبا على تدخل البرلمانية، ان شباط “خرقت مقتضيات الفصلين 135 و141 من الدستور، من خلال حديثها عن النقل الحضري، الذي يعدّ من اختصاصات الجماعات الترابية وليس من اختصاص الحكومة”.
وقال لزرق، في تصريح لموقع “بديل”، إن “الحصانة البرلمانية وجدت أساساً لتمكين النواب من ممارسة دورهم الرقابي بحرية تامة، بما في ذلك توجيه النقد الشديد للحكومة ومسؤوليها”.
واعتبر الخبير الدستوري والناشط السياسي أنه “عندما يتم استخدام لجنة الأخلاقيات كأداة لتقييد حرية النواب في التعبير عن آرائهم، فإن ذلك يؤدي إلى إضعاف الدور الرقابي للبرلمان وتقويض مبدأ الفصل بين السلطات”.
وتابع لزرق، “مثل هذا الإجراء يخلق مناخاً من الترهيب والتخويف يمنع النواب من أداء واجبهم في مساءلة الحكومة ونقد سياساتها، مما يفرغ الحصانة البرلمانية من جوهرها ويحولها إلى مجرد نص دستوري بلا معنى حقيقي”.
وفي أول تعليق على قرار إحالتها على لجنة الأخلاقيات، قالت البرلمانية ريم شباط، “أنا فخورة بهذا ‘الإجراء التأديبي’ لأنه جاء على اثر قيامي بعملي ودفاعي عن مصالح ساكنة فاس”.
وذكّرت شباط، ضمن تصريح سابق لموقع “بديل”، أنه “سبق لعدد من النواب ان طرحوا مسألة النقل الحضري و’الطوبيسات’، ضمنهم برلمانيين ينتمون لحزب التجمع الوطني للأحرار، دون ان يُشهِر في وجههم رئيس المجلس الفصول التي استعملها ضدي، ودون أن يقول لهم ان هذا الموضوع يدخل ضمن اختصاصات الجماعات الترابية وليس من اختصاص الحكومة”.
وانتقدت شباط ما أسمته بـ”التحكم” الذي أصبح يمارسه حزب التجمع الوطني للأحرار، ورفض الأغلبية لكل الأصوات التي تنتقدها أو التي لا تتناغم مع سمفونية “العام زين وحكومة الكفاءات”، وتعزف لحناً مختلفا عنها.
وتابعت البرلمانية شباط، “حالة حافلات فاس، المدينة التي ستستقبل سياح كأس افريقيا والمونديال، كارثية، وكنت أتمنى ان يكون لي وقت أكثر للحديث، لكنت أسهبت في نقل معاناة المواطنين مع هذه الحافلات والتي يعيشونها بشكل يومي”.
وزادت شباط، “مثل هذه القرارات لاتزيدني إلا قوة وإصرارا على مواصلة عملي، وأنا فخورة بتعاطف الناس مع ما أقوم به، لأنهم يحسون أنني أنقل معاناتهم ومشاكلهم، رغم الهامش الصغيرة المتاح لي للتعبير داخل مجلس النواب”.
وأكدت البرلمانية “أنا لا أذهب للبرلمان من أجل التقاط الصور أو تسجيل الحضور، أنا أحضر من اجل القيام بواجبي، وتنبيه الحكومة، وفي حالة ما إذا اقتنعت ان الحكومة قامت بشئ جيد، فسأشكرها وأثني عليها، ولن اجد اي حرج في ذلك”.
وفي نفس السياق، أفادت شباط ان عمدة فاس، المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار- نفس حزب رئيس المجلس ورئيس الحكومة- سبق له التأكيد ان الجماعة استنفذت كل الوسائل لحل مشكل “طوبيسات فاس” وأن الامر يحتاج الى تدخل الحكومة لإنهاء هذا الوضع غير المقبول.