مؤسسة الدفاع شريك أساسي لا يمكن تجاوزه
محمد توفيق القباب – كان مفترضا في الحكومة و قد تم تنصيبها دستوريا أن تسارع إلى رفع شعار احترام حقوق الإنسان و حرياته و إقرار الديمقراطية كأساس للتنمية –و أن تجسد كل مبادراتها و في مختلف المجالات صون كرامة المواطن المغربي و حماية حقوقه و ضمان حرياته وكل ذلك عبر إشارات تنبئ بإرادة الحكومة في تعزيز مناخ الحوار الديمقراطي و احترام المؤسسات و الإقرار الفعلي لسيادة القانون و المساواة أمامه و بوضع حد للمظالم و الخروقات و لمحاكمة حرية الرأي و التعبيرو ضمان شروط المحاكمة العادلة التي لا تقوم من دون قضاء و دفاع مستقلين يمارسان استقلالهما في حياد ونزاهة و تحقيق الانفراج المنشود عبر مصالحة وطنية تفضي إلى إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي و التعبير و معالجة كل الملفات العالقة و المطروحة بحدة و تعزيز الحقوق الاقتصادية و السياسية و المدنية بكل أبعادها و بإعادة النظر في القوانين المنظمة للانتخابات و تنظيم ظاهرة الترحال السياسي و إقرار عدم جواز الترشح لأكثر من ولايتين مما يتيح إشراك وجوه جديدة و إعطاء نفس جديد للحياة السياسية و مواكبة مختلف الوضعيات الاجتماعية و توفير شروط حمايتها و محاربة الفساد السياسي و الاقتصادي و الانتخابي ..
إنها مبادرات أساسية كان من شأنها أن تبعث الاطمئنان لدى المواطن المغربي و تأكيد حرص الحكومة على ترجمة وعودها و ممارسة مسؤولياتها فيما يتعلق بالنهوض بوضعياته الاقتصادية و الاجتماعية و السهر على ضمان أمنه القضائي وإشراك كل النخب مثقفين و فاعلين مدنيين و حقوقيين و كل شرائح المجتمع الأخرى في عملية البناء الديمقراطي و ترسيخ دولة القانون مما تتعزز معه أدوار المجتمع المدني و السياسي في تعميق وعي المواطنين بثقافة الديمقراطية و بما يحققه فضائها من نمط جديد للحياة في اتجاه تنمية شمولية و على مختلف المستويات .
و للأسف الشديد فإن كل الإشارات التي بعثت بها الحكومة و كل المبادرات التي اتخذتها مند تنصيبها لم تؤشر سوى لأجواء من التوثر و التشنج بمختلف المجالات لم يسلم منها قطاع العدالة ببلادنا بوصفه مرفقا حيويا – وجب الحرص على سيره العادي و استمرارية خدماته -ضدا على المشروعية القانونية و الدستورية وفي مساس صارخ بحقوق الدفاع و صلاحياته.
لقد اضطر المحامونفي ظل هاته الحكومة إلى الاحتجاج في مواجهة من لم تحضره لا الحكمة و لا التبصر عندما جازفبالتجاوزعن مؤسسة الدفاع – وليطالبواباحترام المشروعية و احترام المؤسسات و الحرص على نفاذ مبدأ الفصل بين السلط انسجاما مع أحكام الدستور و القوانين الجاري بها العمل و كذا كل الاتفاقات الدولية التي صادق عليها المغرب.
هي غضبة الدفاع في مواجهة من استهدف و لا يزال مهنة المحاماة و يريد النيل منالشريك الأساسي للقضاء و المساس باستقلاليته و نسف الحوار بينهو بين السلطة القضائية و تعطيل الشراكة القائمة بينهما و التي لم يتخلف الدفاع عن تثمينها و تعزيزها في إطار كل ما يخدم العدالة ببلادنا .
إن استهداف المحاماة والإمعان في توجيه الضربات إلى جسم الدفاع كلما سنحت الفرصة لن يثنيه عن مواصلة نضالاته و عبر مختلف الجبهات من أجل سيادة القانون و احترام المشروعية .و ستظل المحاماة مؤسسة قائمة بذاتها تتمتع باستقلاليتها و تدافع عنها ، و على من يؤمن بقيم الحرية و العدالة أن يحترم حرية الدفاع و استقلاليته و أن يستحضر أدواره الطلائعية لفائدة الوطن و المواطنين وأن يدرك بأن في استهدافهمجازفة بأمن البلد القانوني و القضائي و إضرارباستقراره الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي في وقت تحتاج فيه البلاد تعبئة كل شرائحها وشحذ كل طاقاتها و كفاءاتها من أجل تحقيق مشروعها التنموي وإعلاء مكانة الوطن، و أن يكون مدافعا عن دولة القانون و المؤسسات وأشد حرصا على تعزيز الشراكة القائمة بين مؤسسة الدفاع و السلطة القضائية و على ترسيخ الحوار فيما بينهما وكل مكونات العدالة في إطار مؤسساتي ينضبط للمشروعية القانونية و الدستورية و أن يجعل من أولوياته تعزيز حصانة الدفاع و توسيع صلاحياته و مجالات عمله و دعم استقلاليتهكما أنه من أوجب الواجبات عليه أن يحرص و في كل محطة على دعم استقلال السلطة القضائية بمفهومه الحقيقيو الذي كان محاميي و محاميات هذا البلد في طليعة من ناضل من أجل تحقيقه و أن يؤمن دائما بأن العدالة لا تقوم في غياب سلطة قضائية مستقلة و نزيهة و دفاع حر مستقل و نزيه .
إن على كل من يؤمن بقيم العدالة و الحرية و ينصب نفسه مدافعا عنها و حريصا على الانتصار لها ، أن يحرص على التطبيق السليم للقانون واحترام الدستور وينئ عن المساس بالقضاء و بحياده كسلطة مستقلة – ضدا على المشروعية القانونية و الدستورية التي أسست لمبدأ الفصل بين السلط و حددت اختصاصاتها – و محاولة الزج بسمعته و مكانته و ضرب مصداقيته داخل المجتمع مما يثير أكثر من سؤال حول الهدف من وراء خلق أزمة بين مؤسسة الدفاع و السلطة القضائية و الدفع نحو تعكير الأجواء داخل منظومة العدالة ؟.
و من له مصلحة في إضعاف مؤسسة الدفاع و الإساءة للمحامين و المحاميات و من خلالهم للمتقاضين و المرتفقين و التسبب في عرقلة السير العادي لمرفق هام و حيوي ضدا على الإرادة المعلنة لترسيخ الأمن القانوني و القضائي للمواطن المغربي و تعزيز لبنات دولة القانون و المؤسسات .؟
و هل ليس من مصلحة الوطن و المواطنين ان نحرص جميعا على استقلال المحاماة و على ضمان ممارسة السلطة القضائية لاستقلالها ؟و أن ننئ بهما عن أي تدخل للسلطة التنفيذية في شؤونهما ؟ .
إن على المحامين أن يحرصوا على استمرار نضالهم من أجل الديمقراطية و قيم العدل و الحرية و سيادة القانوندفاعا عن رسالة المحاماة و تصديا لكل المناورات التي تستهدف المشروعية و خلق الصدام بين المؤسسات و ضرب المحاماة و تقزيمها و الإجهاز على مكتسباتها و تقويض شراكاتها و المساس بهيبتها واستقلالها و الحيلولة دون ممارسة السلطة القضائية لاستقلاليتها و حيادها واستغلالها سياسيا .
و على المحامين أن يستحضروا أهمية محطات استحقاقاتهم المهنيةو التي يجب أن تفرز دائما قيادات مهنية في مستوى رسالة الدفاع و تطلعاته و لتضطلع دائما بأدوارها دفاعا عن المحاماة و المحامين و تسهر على حماية حقوق الدفاع و تحرص على وحدة الصف المهني و إقرار المشروعية و حتى يظل الدفاع دائما بقواعده و قياداته ذلك السد المنيع لكل المؤامرات و المناورات التي تحاك ضده و تحاول الإساءة لعدالة بلادنا و لكل القوى الحية بها.
و إن على من لم يهتم لأمر الدفاع أن يدرك أنه مهما بلغت درجة الاستهداف فإن المحاماة بمحاميها و محامياتهاالأقحاح و بكل أطيافهم و توجهاتهمهي جسم واحدا و جبهة واحدة لمواجهة كلتهور يطال تدبير شؤون العدالة و يتوخى ضرب المكتسبات و الإجهاز على المشروعية.وأن المحامين و من موقعهم كحماة للعدالة و المشروعية سيظلون رمزا للنضال الوطني ببلادنا متشبثين بقيم رسالتهم النبيلة حريصين على مكانتها و هيبتها مدافعين عن كرامة المحامي و المحامية يتحلون و كعادتهم في كل المحطات النضالية بالشجاعة الواجبة للذود عن حرمة مؤسستهم و لشرف انتسابهم إليها.
و يبقى من واجب الحكومة أن تحتكم في كل مبادراتها إلى المشروعية القائمة على احترام المؤسسات و الفصل بين السلط و تتجنب كل المجازفات التي لا تخدم مصلحة الوطن و تحرص في القادم من الأيام و على وجه الاستعجال على توفير الأجواء الملائمة لإقرار مناخ ديمقراطي يقطع مع ممارسات الماضي و يحقق الانفراج المنشود .
و ليدرك من لم يهتم لأمر الدفاع أن الدفاع شريك أساسي لا يمكن التجاوز عنه أيا كانت المبررات أو الأسبابوأنه حريص على حماية المشروعية القانونية.
محامي بهيئة الرباط