رد شعبي مغربي على “مؤتمر دعم انفصال الريف”
استنكار وغضب كبيران في المغرب، أثارهما احتضان الجزائر للقاء تحت عنوان “جمهورية الريف وحق استعادة الاستقلال”، في خطوة اعتبرها المغاربة “عدائية ضد المملكة المغربية من طرف الجزائر”، ورغبة متكررة في “تصعيد التوتر” بين البلدين.
فيما اعتبرها آخرون اعتداء صريحاً على المغرب وتحريضاً واضحاً لا غبار عليه لتفكيكه وتفتيته.
وفسَّر الأستاذ الجامعي محمد كريم بوخصاص، التصعيد الجزائري المستمر ضد المغرب بأمرين، يتعلق الأول بالتحولات الحاسمة في ملف الصحراء المغربية، التي كانت بمثابة ضربة موجعة للنظام الجزائري، فيما يتمثل الثاني بكون قضية الصحراء باتت محسومة دولياً، ما يدفع النظام الجزائري للبحث عن ذريعة جديدة لإلهاء شعبه عن أزماته الداخلية.
وأفاد، أنه من الممكن لدولة ذات سيادة أن تكون خصماً لدولة أخرى، لكن الأسوأ هو أن يكون هذا الخصم بلا رؤية أو بوصلة، فينسف بنفسه السردية التي يدّعي الارتكاز عليها، ذلك أن النظام الجزائري، الذي ظل يتشدق بأنه يدعم انفصال الصحراء “لأنها بيد الأمم المتحدة”، يُظهر الآن تناقضه للعالم من خلال افتعال أزمات تفتقر إلى أي منطق أو هدف سوى استفزاز المغرب.
وأبرز المتحدث أن العداء الجزائري يدفع المغرب إلى التحرك بعقلانية وهدوء، مع التركيز على تعزيز مكانته الاستراتيجية وتطوير قدراته الوطنية وتحقيق مكاسب حاسمة في قضية وحدته الترابية. وفي الوقت ذاته، يتعامل المغرب مع هذا النظام باعتباره خارج السياق التاريخي، متجنباً الاستفزازات الإعلامية، ومتمسكاً بسياسة اليد الممدودة، لكن دون أن يتردد في إظهار “العين الحمراء” عند الضرورة، مع الاستعداد الدائم لأسوأ الاحتمالات، دون بهرجة.
و قال المحامي والحقوقي، محمد الغلوسي، إن نظام العسكر بالجزائر يسعى إلى خلق توتر وأزمة مع المغرب حيث تصاعدت حدة هجومه بعد تحولات في مواقف دول أوروبية من قضية الصحراء المغربية، موضحاً أن جبهة “البوليساريو” ليست حركة تحرر كما يزعم البعض، بل إنها حركة انفصالية رهينة في يد النظام الجزائري، وأكد أن من له أطماع في الصحراء المغربية ليست “البوليساريو” بل النظام الجزائري.
وأضاف المتحدث قائلاً: “جزء من مشاكل الريف تتشابه في معظمها مع مشاكل كل جهات المملكة وليس هناك أي نقص أو عقدة للاعتراف بهذا الواقع، لكن علينا ونحن نعترف بذلك ونريد أن تسعى كل الجهات المسؤولة إلى إيجاد حلول لها عبر تنمية مستدامة واحترام للحقوق والحريات وتوزيع عادل للثروة، أن نحذر في الوقت نفسه من السقوط في ربط كل هذا الواقع بمحاولة إيجاد تبرير لما يقوم به النظام الجزائري. ما يقوم به النظام الجزائري شيء ومشاكلنا الداخلية شيء آخر، ليس هناك ما يجمع بينهما”.
وتابع، على المغاربة أن يكونوا واضحين في الانحياز إلى الوطن، لأن الوطن فوق كل الاعتبارات مهما كانت الظروف، وأن للمغاربة مشاكلهم المتعددة وعلينا أن نسعى لطرحها بكل وعي ومسؤولية وموضوعية ودون أية مزايدات أو خلط، وأن نسعى لإيجاد حلول لها عبر النضال والتفاوض مع كل المؤسسات المعنية.
واستطرد قائلاً: “علينا أن نحتاط كثيراً من الآراء والمواقف الملتبسة والغامضة التي تحاول بشكل ماكر أن تلبس ثوب الموضوعية وتتخفى خلف المشاكل المعروفة لدى الجميع لتبرير وإيجاد مسوغات لكل المحاولات اليائسة التي تسعى إلى الدفاع عن أطروحة الانفصال وإشعال الفتن، والذين اختاروا هذا الطريق أو وضعوا أنفسهم تحت الطلب لخدمة هذا التوجه لن يكونوا إلا مأجورين ومرتزقة والوطن بريء منهم”، وفق تعبيره.
إلى ذلك، اعتبر الباحث في القانون الدولي وحقوق الإنسان عزيز إيدامين، أن أجمل هدية يقدمها النظام الجزائري للمغرب، هي أنه بمناوشاته، يدفع لمصالحة أكبر بين المغاربة وخاصة أبناء الريف والسلطة المركزية، وأضاف أنه “رغم وجود عدد من المغاربة الريافة في منفى اختياري، فإنهم تبرأوا من أي تقسيم للبلاد وتمسكوا بمغربيتهم”، وأكد أن كل مناوشة من الجارة الشرقية، تخدم المصالح الوطنية للمغرب، وتنقي ترابه من الانتهازيين.
واستطرد: “ومع ذلك، وجب أن يتم التعامل مع الموقف بشكل حاسم، لا مجال فيه للمجاملة وحسن الجوار”.
و قال محمد أوزين الأمين العام لحزب “الحركة الشعبية”، إن “تصرفات الجيران تجاوزت حدود العقل والحكمة، ولم يبق أمامنا سوى أن نرفع أكف الدعاء لهم بالهداية والتواب”.
أما محمد تنداوي، الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، فكتب على صفحته في “فيسبوك”: “نحن، في الريف، لا نطالب بالانفصال ولا نتطلع إلى إقامة جمهورية في هذا الجزء من تراب المغرب.
وتابع، عندما أستخدم ضمير الجمع “نحن”، فأنا أعبر عن رأي وقناعة الساكنة المرتبطة دوماً ارتباطاً عقلياً ووجدانياً بوطنها بكل ما يرمز من قوانين ونظم وتاريخ وحضارة وأمجاد، والحريصة أشد الحرص على سلامته من كل الأخطار والأضرار التي يمكن أن تمسه”.
وأبرز عبد الصمد بنشريف، مدير قناة الثقافية، أن السرعة التي يسير بها النظام الجزائري تحت قيادة فعلية للمؤسسة العسكرية قصد نسف ما تبقى من جسور الجوار وتمزيق ما ظل صامداً من روابط الأخوة تفوق كل تصور وخيال، تعكس حالة متقدمة من التهور والتخبط وتجسد الدرجة الصفر حتى في هندسة وتخطيط المؤامرات للنيل من الوحدة الترابية للمغرب والمساس باستقراره وأمنه وتماسكه الوطني. ويقول بنشريف إن احتضان الجزائر للقاء الذي حمل شعار “جمهورية الريف وحق استعادة الاستقلال” هو اعتداء صريح على المغرب وتحريض واضح لا غبار عليه لتفكيكه وتفتيته، ورغبة من الجنرالات والنظام في التصعيد والانتقام، خاصة بعد الاعترافات المتوالية بمغربية الصحراء والانتصارات المبهرة للدبلوماسية المغربية.
وأضاف: “الجنرالات أصيبوا بصعقة مزلزلة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، والتي عبر فيها عن مساندة ودعم بلاده لمشروع الحكم الذاتي للصحراء في إطار السيادة المغربية”. ولرد الصاع صاعين كما يقال، انخرط النظام الجزائري من خلال إعلامه في حملة مسعورة غير مسبوقة لتسويق مجموعة من الروايات المضللة والوقائع الكاذبة وترويج سرديات هشة ومهزوزة.
المصدر: الأناضول + مواقع التواصل