الرواية المسافرة أو الهروب من جحيم الأنترنت إلى جنة الكتاب (حوار)
الرواية المسافرة أو (المكتبة المسافرة) كما يحلو للبعض تسميتها هي مبادرة فيسبوكية يحلق الكتاب من خلالها ليطوف أرجاء المملكة في بذل وعطاء منقطعي النظير من نخبة من المثقفين المغاربة الذين اختاروا مواجهة المد العنكبوتي بنشر ثقافة القراءة من خلال تبادل الكتب عبر نظام دقيق يشرف عليه مجموعة من أعضاء المجموعة لتسافر الكتب من مدينة لأخرى بحثا عن هاربين من جحيم الشبكة العنكبوتية إلى جنة الكتاب المهجورة منذ زمن.
التقينا أحد مؤسسي المبادرة، شكيب أريج من مواليد مدينة تارودانت عام 1979 أستاذ مادة اللغة العربية وخريج جامعة ابن زهر كلية الآداب والعلوم الإنسانية، كاتب وصحفي سابق بمجموعة من المنابر الجهوية. نشيط جمعويا وثقافيا، يكتب القصة والمقالة النقدية ونشر له في 2018 عن مؤسسة الرحاب الحديثة بلبنان مجموعة قصصية تحمل عنوان: “مدينة تأكل أولادها” وله إصدارات مشتركة سابقة في القصة: “أصوات الفراشات”، “وللحروف صدى”، “قريبا من النص”. فاز بالرتبة الأولى في مسابقة رابطة أدباء الجنوب للقصة 2012. وعلى مستوى المبادرات الثقافية بالعالم الافتراضي هو من مؤسسي مجموعة “المهلوسون الجدد” (2007-2009) ثم من مؤسسي مبادرة “الرواية المسافرة” ابتداء من 2017.
وكان لنا معه هذا الحوار:
كيف جاءت فكرة مجموعة الرواية المسافرة؟
انبثقت فكرة الرواية المسافرة من داخل مجموعة “إصدارات روائية”، وهي مجموعة يلتقي فيها مجموعة من عشاق القراءة، يتبادلون الاقتراحات والعناوين، وتطورت الفكرة لتتسع إلى تبادل روايات وكتب حقيقية من ورق ملموس، وللإشارة – وقليلون يعرفون- فإن أول كتاب تم إرساله هو كتاب الجوارات لعبد القادر الشاوي حين أرسله إلي السيد رشيد لبيز من مدينة تمارة، وربما منذ ذلك الحين بدأت فكرة تسفير الكتب تتشكل وكان السيد رشيد لبيز قد تحدث معي على الكيفية التي يمكن أن ننشر بها هذه العادة الإيجابية لا سيما أن خدمات البريد التي لا ينتبه إليها الكثيرون تتيح الإرسال بثمن رمزي، بعدها فكرنا سويا أنا ولبيز في طريقة محفزة لنشر عدوى الرواية المسافرة، وخططنا لأن يتم إرسال الرواية الأولى وهي أم النذور ويكون ذلك بمناسبة الذكرى 14 لوفاة عملاق الرواية العربية عبد الرحمن منيف، وفعلا توصل الصديق مصطفى الكناب بأول رواية اعتبرناها فاتحة لرحلات كثيرة قادمة.
قربنا قليلا من مؤسسي مبادرة الرواية المسافرة والمشرفين عليها
أشخاص كثيرون كان لهم الفضل في تأسيس المبادرة فهي فكرة انطلقت ووجدت دعما نوعيا من مجموعة من الأفراد كان محور نشاطهم حينها يتمركز في مجموعة إصدارات روائية، وفي مرحلة التأسيس أتذكر سلسلة من الاجتماعات وأصوات الأصدقاء والصديقات الذين أغنوا التجربة ومنهم: مصطفى الكناب، نجاة أيت عزيزو، الحسن الياسميني، محمد العدوني، صلاح الدين أقرقر، فاطمة عبد الرزاق، فاطمة الحافظ، زينب ألوان، عبد العالي حيمود..
وفي وقت لاحق سيصبح للمجموعة أصدقاء ومنسقون في مختلف ربوع المملكة.. وستجد دعما جميلا من مجموعة من الكتاب والكاتبات الذين نتداول كتبهم..
لكن أعتقد أن المرحلة الثانية ستعرف تطورا لافتا للمبادرة بعد انضمام حنان بنحدوش وخالد الخراز ويونس الحمزاوي ومجموعة من الأصدقاء.
ما الأسباب التي دفعت مؤسسي الرواية المسافرة إلى التفكير في خلق هذه المبادرة التطوعية؟
الأسباب الأولى والمباشرة كانت تتلخص كما سبق وأسلفت في الانتقال من تبادل الاقتراحات والعناوين إلى الانتقال إلى تبادل كتب حقيقية بين مجموعة من الأصدقاء يجمعهم عشق الكتب والروايات، ثم في إتاحة إمكانية جديدة للوصول إلى كتب وتقاسم متعتها وكما يقول الصديق رشيد لبيز فإن المبادرة تسمح بنفض الغبار عن كتب وروايات تبقى طويلا في رفوف مكتباتنا دون مستفيد، ولاحقا سنجد أن هناك أسبابا أخرى وجيهة من بينها فك العزلة عن كتاب غير مكرسين من الصعب الحصول على كتبهم وقراءتها، ومنها إيصال الروايات والكتب إلى مداشر ومناطق بعيدة لا تتوفر فيها مكتبات لاقتناء جديد الإصدارات وكذلك المبادرة كانت وسيلة لدمقرطة القراءة وتمكين من يعشقها ولا يجد إليها سبيلا لغلاء الكتاب أو ندرته.
ما هي شروط الاستفادة من خدمات الرواية المسافرة؟
شروطنا تنظيمية صرفة وليست شروطا مادية أو تعجيزية وتتلخص في ضرورة ملأ استمارة الانخراط والتعامل بالاسم الحقيقي وليس باسم مستعار وتسجيل الطلب في مكانه تحت صورة الكتاب بالتعليق بالاسم الكامل والمدينة. وحين يصل دور المستفيد فإن طاقم إدارة المجموعة يتواصل معه ويتأكد من دقة العنوان ويتعين على المستفيد أن يعلن عن توصله بالكتاب ليكون الأمر موثقا في المجموعة وكذلك يلزم أن يخبر على المجموعة بإنهاء قراءة الكتاب.
ما هي المشاكل التي تعترض السير العادي للمبادرة؟
طورنا بشكل كبير قدراتنا على التواصل ولكن مع ذلك تبقى هناك بعض المشاكل المتمثلة في تأخير الإرسال أو إضاعة الكتاب ولحسن الحظ فإن هذا لا يقع دائما. وتبقى بعض مكاتب البريد على قلتها نقطا سوداء بسبب خدماتها وتشبت موظفيها بمحاولة إلغاء خدمة توصيل الكتب التي تتيح إرسالها بثمن تفضيلي. وأخيرا فإن تكاثر الكتب بالمكتبة المسافرة هو أمر جيد ولكنه يعقد مهمة فريق إدارتها المكون من ثلاثة أشخاص فقط.
ماهي الآفاق التي يطمح إليها منظمو المبادرة؟ هل تفكرون في إخراج المبادرة من طابعها الافتراضي إلى الطابع الواقعي بتأسيس جمعية أو مؤسسة لتسييرها واقعيا؟
التفكير في مأسسة هذا الفعل قائم منذ البداية، لكنه يحتاج إلى دعم كبير من طرف مؤسسات حكومية أو غير حكومية، وهو طموح مشروع لإخراج المبادرة من طابعها التطوعي إلى طابع مؤسساتي. لا أعتقد أن هناك صعوبة في تأسيس إطار جمعوي، لكننا لا نريده حاليا مجرد إطار فارغ أو شكلي وأقول إنه إذا توفرت الظروف الموضوعية لتأسيس جمعية أو مؤسسة تحمل على عاتقها هذا المشروع القرائي الإقرائي فلن نتردد لحظة واحدة.