المغاربة، كغيرهم من الشعوب، مذهولون من بربرية نتنياهو


لقد قتل إلى الان اكثر من 55 الف فلسطيني ثلثهم أطفال وثلثهم نساء، وجعل غزة مكانا غير صالح للعيش …

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    وكل هذا العالم بتفرج عليه يبول على الضمير البشري ويساعده ترامب العنصري والمجنون بعودة الحلم الضائع : امريكا سترجع قوية …قوية ليس بمبادئها ولا بكونها ارض الحرية والتعددية، والحلم الفردي والجماعي، بل قوية بسياسة انعزالية وقرارات مجنونة، وتوجهات ضد القانون الدولي وضد حقوق الإنسان وضد حرية التجارة وضد باقي البشر ..

    لم تتوقف المجازر عند هذا الحد. بل أعقبها حديث صفيق وصريح عن تهجير الفلسطينيين من ارضهم ، وعن إعادة إحياء مخطط ترامب، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي يلقي منشورات على سكان غزة، يدعوهم فيها إلى مغادرة بيوتهم.

    إسرائيل أعلنت تشكيل هيئة خاصة لمساعدتهم على “الخروج”… لمن بقي حيًّا منهم، حتى لا يلقى مصير إخوانه …كل هذا والعرب صامتون والشوارع تغلي والفجوة بين الحاكم والمحكومة تتسع يوما بعد آخر …
    بعد ثلاثة أيام، خرجت وزارة الخارجية المغربية بتصريح رسمي على لسان ناصر بوريطة، يدين المجزرة وعودة إسرائيل إلى الحرب، ويدعو لوقف إطلاق النار، واستئناف مفاوضات السلام، والسماح بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

    وهنا، لا بد من التوقف قليلاً. فالمسألة معقدة…
    إسرائيل اليوم لا تهدد فقط حياة الغزاويين، بل تهدد السلم والأمن الدوليين.

    والمشكلة ليست في عملية حماس يوم 7 أكتوبر، بل في الاحتلال القائم منذ 76 سنة. الدولة المغربية ترى في التطبيع مع إسرائيل ورقة ضغط دبلوماسية في ملف الصحراء، بعد اعتراف إدارة ترامب بمغربيتها. وبما أن المغرب قوة إقليمية متوسطة لا تمتلك أوراق إغراء كبرى في واشنطن، فإن تل أبيب ونفوذها هناك يُعتبران وسيلة ضغط فعالة من اجل تحقيق مصلحة وطنية .

    وهنا أروي، دون تعليق، ما نقله لي مصدر مطّلع، وأترك الحكم لكل واحد منكم:
    الجزائر تتسلح بوتيرة غير مسبوقة، والدولة المغربية ترى أن الانفتاح على إسرائيل وسلاحها ونفوذها العالمي، قد يكون رادعًا استراتيجيًا لأي مغامرة عسكرية من الجار الشرقي.

    نعم، كبار المسؤولين المغاربة لا يثقون بنتنياهو ولا يحبونه، لكن السياسة ليست اختيارًا بين الخير والشر، بل بين السيئ والأسوأ. والدولة تحاول الحفاظ على توازن دقيق بين ضرورات ردع الجزائر عن اللجوء إلى الحرب وقد اتخذت كل اجراء يسبق المواجهة، اغلقت الجو أمام الطائرات المغربية، وأقفلت سفارتها في الرباط .

    - إشهار -

    ورجع الديبلوماسيون كل إلى بلده، وفوق هذا سمحت الجارة الشرقية لميلشيا البوليساريو بإرسال مقذوفات إلى مدن الصحراء، في خرق واضح لوقف إطلاق النار في الصحراء ، كل هذا في كفة وفي الكفة الأخرى هناك نبض الشارع المغربي المتألم والمتضامن مع فلسطين وأهل غزة والزافض للتطبيع لانه لا يراه يخدم اي مصلحة ”.

    مع أني لست من مناصري التطبيع، وأرى أن إسرائيل لا تكتفي بتطبيع بارد كالذي وقع مع مصر والأردن، بل تطمح إلى تحالف سياسي وعسكري مع “دول الاعتدال العربي” والمغرب وسط هذا التحالف
    -اولاً لتصفية القضية الفلسطينية،
    -وثانيا لضرب المشروع النووي الإيراني،
    -وثالثا لمحاصرة أي مشروع ديمقراطي عربي محتمل .

    لأن اسرائيل تعلم أن الديمقراطية لا تخدمها على المدى البعيد وان الصناديق دائما ستاتي بمن لا يقبل باسرائيل وجرائمها في فلسطين …
    إلا أنني أستحضر هنا أطروحة الفقيه اللبناني الراحل السيد محمد مهدي شمس الدين التي تقول :
    “خيارات الأمة وضرورات الأنظمة”.
    وهي أطروحة تميّز بين ما تفرضه حسابات الأنظمة من سياسات وضرورات تقدر بقدرها ، وما تعبّر عنه إرادة الشعوب الحرة من آمال واختيارات في الحرية والعدالة والتحرير .

    وعليه، أعتقد أننا في المغرب اليوم بحاجة إلى مقاربة مزدوجة ومركبة، بين الدولة والمجتمع في هذا الموضوع الحساس جدا ،والذي تتداخل فيه اعتبارات سياسية ودينية وثقافية وديبلوماسية وتاريخية معقدة جدا اكثر مما ترى نخبنا التكنوقراطية وأبواقها الإعلامية :
    • الدولة تُبقي تدبير ملف إسرائيل حكرًا عليها، دون تفويض أو “تفويت” دون شراكات ولا شركات أو جامعات او إذاعات او سماسرة شنطة او لوبيات تلمع صورة اسرائيل في المغرب أو زيارات مكوكية أو استثمارات تطبيعية، مع الابتعاد عن كل ما يستفز مشاعر المغاربة في الأوقات الحرجة .
    • والمجتمع يُسمح له بالتعبير عن موقفه بحرية، دون سجون ولا محاكم ولا تخوين، مع وعي دقيق بالظروف المحيطة، وتجنّب شيطنة الدولة أو إحراجها في سياقات دقيقة وخطيرة من قبل المناهضين للتطبيع .

    هذا هو الخيار الأقل سوء اليوم للأسف فلا يجب ان يشكل موضوع التطبيع هو الآخر مصدرا من مصادر التوتر والخلاف بين الدولة والمجتمع في ظرف حساس جدا وصعب جدا وضبابي جدا…

    لعل الله يفتح لنا بابًا من الفرج في زمن الندرة… ندرة الخيارات السياسية التي لا تتعارض مع مشاعر الناس، وآمالهم، وثوابتهم.

    على ذبذبات هذا الدعاء، نختم الكلام: دمتُم في رعاية الله.

    أعجبتك المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد