دفاعا عن البوحسيني.. إلى من يوهم نفسه ناطقا باسم الغيرة على الدين والقضية و الوطن


رأيناك تطلق النار على الأستاذة لطيفة البوحسيني، لا لأنها أخطأت بل لأنها لم تصطف في طابور التزكية الذي نصبته لنفسك محكمة ومحرابا. لم يغضبك موقفها بل جرأتها على أن تملك موقفا خاصا لا يحتاج إلى إذنك ولا يسبح بحمدك.

سيدي،
لقد سلحت هجاءك بلباس الدين لكنك نسيت أن الدين لا يوظف لتصفية الحسابات ولا لتحصيل البيعة، هاجمت امرأة لم تقل شيئا، ثم جعلت من صمتها تهمة ومن سكوتها خيانة وكأنك استحدثت شريعة تدين بالظن، وتحكم على النيات، وتكفر بالصمت كما يكفر بالكلام.

أتراك تنصب نفسك نبيا يعرف الخفايا ويميز بين أولياء القضية وأعدائها؟…أم أنك ضقت بالاختلاف فقررت أن تقصي كل من لا يسير في ركابك، ولو كان حضوره أنظف من كل خطبك و ردودك؟.

لقد استخدمت الحجاب كقناع لا دفاعا عن فضيلة بل كأداة تأديب لامرأة أزعجتك حريتها واستقلالها، وجرأتها على أن تكون حيث تريد لا حيث يؤمر لها أن تكون…

قلت إنها “محجبة بصمتها” وأردت أن تصورها خائنة متسترة…
لكن أين كنت أنت حين كانت النساء يغتصبن في معتقلات العار؟ أين كانت حميتك حين كانت فلسطين تباع بالمزاد العلني؟

أكان صمتك يومها تقية؟ أم لعلك كنت تنتظر إذنا من شيخ أو تنظيم؟ أو لمن تشتغل لصالح مصالحهم…

ثم جئت تدافع عن أندري أزولاي لا عن يهوديته كما توهمت، بل عن دوره في هندسة تطبيع ناعم تراد له الوطنية زيفا وزورا… من ينتقد رموز التطبيع لا يمارس عنصرية بل يمارس شرف المقاومة، أما من يساوي بين الديانة والموقع السياسي، فهو من يزرع الطائفية، لا من يفضحها.

- إشهار -

سيدي،
هجومك على الأستاذة البوحسيني لم يكن نقدا لموقف، بل محاولة قمع لامرأة حرة، وخنجرا في خاصرة النضال المشترك.

أردت أن تجعل من فلسطين أداة تصنيف وفرز فجعلت منها مطية لأدلجتك لا عنوانا للوحدة… لكننا نعلم ويعلم الناس، أن من يهاجم الصف من داخله، أو يشكك في رفاقه بدل أن يسائل العدو، إنما يخدم الصهيونية، ولو لبس عباءة النصرة ورفع شعار المقاومة.

المناضلة لطيفة البوحسيني التي لا يجمعني معها سوى مواقفها و لم أكن لأجالسها أو حتى سبق لي إن إلتقيتها و حدث أن إختلفت معها، لا تحتاج من يدافع عنها فهي أكبر من ذلك لكننا نقف لنقول:

إن الصمت موقف، وإن الاستقلالية شرف، وإن المرأة حين تقف بصمتٍ وكرامة، تُربك كل من لا يستطيع الوقوف إلا متكئا على جوقة، لكنك وجدتها الحائط القصير على ما يبدو…

في الختام إن القط لا يمسك من رقبته نعم…لكن حين يخدش فاعلم أن من خدشه كان يخشى النور، وارتعب من امرأة لا تلتفت إليه، لأنها ببساطة أكبر من أن تراه.

ونعلم أن عبيد الصهيونية يكيلون بمكيالين: يُقصون العدل والإحسان فقط لأنها “عدل وإحسان”، ويُحصّنون المقرّبين من التطبيع بدعوى الديانة وخدمة المشروع الصهيوني. لكن الإيمان الحقيقي بمغرب المستقبل، هو إيمان بوطن يتسع للجميع، لا تمييز فيه إلا بالمواطنة.

أعجبتك المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد