للسلطة إغراء لا حدود له

ماهي السلطة ؟ إنها ببساطة وبدون تعقيد هي قدرة فرد او مجموعة على التأثير في الجماعة وفرض القوانين والقواعد التي يرونها صالحة لهم او لمن يسوسونهم على هذه الأرض.
هذه باختصار هي السلطة، وهي نوعان: سلطة شرعية تحوز قبول الموضوعين تحت يدها، او سلطة غير شرعية لا يرضى الناس عنها إلا خوفا او طمعا ..
تعرف السلطة عندما تراها او تكون ضحية لها او عندما تكتسبها …انت وحظك.
السلطة تجلب امتيازات كثيرة لصاحبها، لكنها تحمل معها أخطارًا كبيرة أيضًا.
* السلطة تجذب إليها غالبًا بشرًا من نوع خاص( مغامرون، أشخاص بإحساس اقل من غيرهم،أفراد بشهية مفتوحة على الآخر للقوة والمال والهيبة …)، هؤلاء الذين يحيطون بالحكام عمومًا كمساعدين ومستشارين ومنفذين.
لماذا تجلب السلطة هذا النوع من البشر؟ لأن محيطها مليء بالصراعات والمغريات والمنافسات والحسد والكيد والدسائس، دسائس البلاط.
لهذا فالسلطة تُخرج من أصحابها أسوأ ما فيهم، هذه هي القاعدة والاستثناء لا حكم له…
(حكى لي مصدر أثق فيه أن إدريس البصري كان حريصًا دائمًا على وضع رجله في المديرية العامة للأمن الوطني.
سنة 1993 وفي ظروف خاصة قام الحسن الثاني بوضع رجل من خارج دائرة إدريس البصري في الإدارة العامة للأمن، هذا الرجل هو أحمد الميداوي، الرجل القادم من ولاد عمران بتاونات.
ورغم أنه اشتغل في “أم الوزارات”، كما كانت تُسمّى وزارة الداخلية في خطاب المعارضة في ذلك الزمن، حيث كان الميداوي عاملاً على المحمدية ثم طنجة، قادمًا من وزارة المالية… فإن إدريس البصري لم يتحمّله، أولًا لأنه لم يكن يخضع للرجل القوي في البلاد آنذاك، ثم لأنه فُرض على البصري فرضًا.
فماذا فعل ابن سطات لإزاحة غريمه من منصب حساس دون أن يظهر معارضته لقرار تعيينه من قبل الملك الحسن الثاني؟ انحنى للقرار مدة، ثم بدأ مناوراته، فبعث إلى الميداوي بطلب إلى مكتبه مفاده:
“ابعث إلى الوزارة الوصية لائحة بأسماء رجال الأمن الذين وصلوا إلى سن التقاعد، من أجل البحث في إمكانية التمديد لهم.”
في الظاهر، هذا طلب عادي، بل وودي إلى حدٍّ كبير، لأن كل مديري الأمن الوطني كانوا يرغبون في التمديد لأطرهم، خاصة المجربة منها، في زمن كان فيه التوظيف في أسلاك الأمن محدودًا جدًا، ليس كما هو عليه الأمر الآن…
الميداوي حوّل طلب الوزير إلى مديرية الشؤون القانونية للموظفين لإعداد قائمة برجال الأمن الذين وصلوا إلى التقاعد.
المديرية أعدت اللائحة وبعثتها إلى الداخلية، فتلقفها إدريس البصري بفرح، وحملها إلى القصر مباشرة، وعليها واحد من أبرز حراس الملك الشخصيين، الذي كان محسوبًا على الأمن، ملحقًا بالحراسة الخاصة للجالس على العرش. ومع اللائحة وضع البصري جملة بسيطة لكنها سامة،
قال البصري للملك الراحل:
“سيدنا، هاد مدير الأمن كيتدخل فشي حاجة ماشي شغلو… باغي يحيل الحارس الخاص ديالكم فلان على التقاعد.”
ولكم أن تتصوروا بقية القصة… أو الخدعة.
لم يُعمّر الميداوي بعدها إلا أيام حتى وجد نفسه خارج مكتب المدير العام للأمن الوطني الذي لم تدم إقامته فيه سوى ثلاث سنوات
، وربما لهذا الغرض وبهذه الخلفية تولّى المهمة مكان أشهر وزير داخلية للحسن الثاني بعد ان دارت عجلة الزمن وانقلب الحال غير الحال .
جرى اختيار الميداوي لتسلُّم مفاتيح وزارة الداخلية مباشرة بعد إقالة إدريس البصري سنة 1999، في الأشهر الأولى لمجيء محمد السادس إلى العرش.
وكم كانت غصة ومرارة البصري مضاعفة، وهو يفقد السلطة والحظوة، ومعها يجري مراسيم تسليم السلط مع غريمه أحمد الميداوي…)
* السلطة تقتل عادةً داخل الإنسان أحسن ما فيه.
* السلطة لا تمنح نفسها لكل من عشقها، بل تمنح نفسها للذين ينحنون إلى الأرض لالتقاطها، ويضحّون بأشياء كثيرة للظفر بها…
* السلطة إغراء وإغواء ومتعة بلا حدود، وقليلون أولئك الذين يقاومون سحرها، أو يكتفون بالقليل منها، أو يعرفون كيف ينزلون من قطارها في الزمان والمكان المناسبين…
* السلطة مثل الخمر: كثير منها يُسكر، والقليل منها يفتح الشهية للمزيد، حتى يُفاجَأ صاحب السلطة بالحقيقة… تحكي روايات السلطة ان قائداً من قياد العهد القديم سافر إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج فذهب يسأل احد فقهاء الحرم اي الادعية يفضل ان يرددها المؤمن في المقام المقدس تلك فأشار اليه الفقيه بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم ونصه : اللهم أغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك ) تامل القايد المغربي نص الدعاء ومضامينه وقام واقفا وقال للفقيه : هذا معناه أن (تقيادت مشات الفقي )
- إشهار -