“الجمعية” تسجل تراجعات حقوقية عن مكتسبات الحركة الديمقراطية


أصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي المتعلق بوضعية حقوق الإنسان بالبلاد، بخصوص سنة 2019، وتناولت فيه العديد من القضايا، كقضية احترام الحياة، وقضية الاعتقال السياسي وممارسة الحريات العامة حرية الصحافة، بالإضافة إلى أخرى تجدونها في التقرير المذكور، والذي عمّمته في موقعها الرسمي.

وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن الواقع الحقوقي بالمغرب يتسم في سياقه العام، بتراجعات كبيرة ومتواصلة وملحوظة عن العديد من المكتسبات الحقوقية، التي حققتها الحركة الحقوقية، والقوى الديمقراطية، والحركات الاحتجاجية والمطلبية عبر نضالات مريرة، كلفت الكثير من المجهودات ومن التضحيات.

وأوضحت أن تقريرها أُنجز انطلاقا من المعلومات والقضايا، التي عالجتها فروع الجمعية ومكتبها المركزي ومن خلال الشكايات الواردة عليها، أو بناء على ما جرى رصده بشكل مباشر من انتهاكات في مختلف المدن والمناطق (91 فرعا، ولجنة تحضيرية لتأسيس فروع جديدة، و10 فروع جهوية، من بينها ثلاثة فروع بالخارج)، أو عبر ما وقع نشره من طرف وسائل الإعلام بصفة عامة، مشيرةً إلى أنها لا تدعي تغطية كافة الانتهاكات الماسة بحقوق الإنسان التي سُجلت بالبلاد، وإنما تعتبر تقريرها مُعبّرا بشكل كبير عن الصورة العامة للوضعية.

حق الحياة

وفيما يتعلق بأبرز الحقوق، الذي هو حق الحياة، قالت إنه يُنتهك كثيرا، بفعل عوارض وأسباب متعددة، كالإهمال وغياب الرعاية الطبية اللازمة، وعدم التقيد بقواعد ومعايير السلامة، وانعدام المساءلة وسيادة الإفلات من العقاب.

وذكرت في تقريرها أنها سجلت 23 حالة وفاة بمراكز الاعتقال، و32 في المستشفيات والمراكز الصحية والاجتماعية بسبب الإهمال الطبي أو الأخطاء الطبية، و36 في أماكن العمل أو بسبب حوادث الشغل أو أثناء التنقل للعمل أو بسبب غياب شروط السلامة بأماكن العمل، و19 حالة بسبب لسعات العقارب ولدغات الحيات وداء الكلب/السعار، و13 وفاة بسبب استنشاق أحادي أوكسيد الكربون.

وأضافت أن وفيات الحوامل والرضع لازال يسجل أرقاما كبيرة، مستدلةً بأرقام “منظمة الصحة العالمية” حول صحة الأم والطفل برسم سنة 2019؛ إذ أن عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة ببلادنا لا زال مرتفعا ويبلغ 22 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية خلال سنة 2018، أما الوفيات وسط الأطفال حديثي الولادة فقد بلغت 14 وفاة لكل 1000 ولادة حية خلال نفس الفترة 2018.

وتابعت: أما نسبة وفيات الأمهات في المغرب، وحسب الأرقام الرسمية لوزارة الصحة، ورغم انخفاضها فهي لا زالت مرتفعة؛ إذ بلغت 72.6 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية خلال سنة 2018، كما أن 13.4 في المائة من الولادات تقع خارج المستشفيات، بسبب بعد المرافق الصحية أو انعدامها في بعض البوادي والمناطق الجبلية.

وسجّلت كذلك ارتفاع الوفيات بسبب “ظاهرة الانتحار”، وخصوصا في بالشمال، إذ قالت إن الأرقام المتداولة على مستوى جهة طنجة- تطوان- الحسيمة، تُشير إلى 120 حالة خلال سنة 2019، مبرزةً أن المتخصصين يرجعونها إلى الأزمات النفسية مثل الاكتئاب أو الاضطراب المزاجي ذي القطبين أو كل حالات الذهان، أو نتيجة أزمة اقتصادية أو اجتماعية، إلى جانب كون مستشفيات الأمراض النفسية بالمغرب لا تتوفر فيها أدنى شروط الإنسانية للاستشفاء والعلاج، وتعاني من نقص حاد في بنيات الاستقبال كالمراكز الصحية الوقائية أو أجنحة خاصة بالتكفل النفسي في المستشفيات العمومية.

وذكرت الجمعية في هذا السياق تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية سنة 2016، سجلّت فيه أن عدد الوفيات بالمغرب بسبب الانتحار بلغ 1013 حالة بنسبة 2.5 حالة لكل 100 ألف نسمة.

وأشارت الجمعية إلى أنها وثقت 53 حالة وفاة غرقا وفي حوادث السير الجماعية بسبب غياب التجهيزات الأساسية من طرق وقناطر كافية لتمكين المواطنين والمواطنات، ووسائل النقل من عبور الوديان في ظروف آمنة وسليمة.

ولفتت إلى أن عدد الوفيات الناتجة عن حوادث السير بلغ، حسب، المعلن عنه من طرف الوزارة 3384 وفاة، خلال سنة 2019.

وفي سياق الحديث عن الحق في الحياة، أوردت الجمعية في تقريرها إصدار 15 حكما بالإعدام خلال سنة 2019.

الاعتقال السياسي

التقرير السنوي للجمعية، حصر عدد المعتقلين السياسيين لسنة 2019، في 311 معتقلا سياسيا، أغلبهم معتقلون على خلفية حراك الريف بـ172 معتقلا، يليهم معتقلون على خلفية حراك جرادة 83 معتقلا، ثم المعتقلون الصحراويون 34 معتقلا، وما تبقى من مجموعة بلعيرج 08 حالات، إضافة إلى الناشطة الحقوقية أمينة جبار والفاعل الجمعوي حسن أفريد، و12 معتقلا بسبب الرأي والتعبير.

وبالنسبة للمتابعين في حالة سراح، فسجل تقرير الجمعية أن عددهم يبلغ 44 متابعا، ومن ضمنهم متابعين على خلفية احتجاجات بمنطقة الريف 20 حالة، ونشطاء بحركة 20 فبراير بمنطقة فم الحصن بإقليم طاطا الذين كانوا متابعين منذ 2012، والذين أصدرت محكمة الاستئناف بأكادير في شهر يناير من سنة  2019 حكمها ببراءتهم.

- إشهار -

وأضاف “النشطاء الستة المتابعين منذ سنوات، فيما أصبح يعرف بملف المعطي منجب، ثم متابعة ما لا يقل عن ثمانية نشطاء حقوقيين ومدونين بناء على تدوينات لهم على منصات ومواقع التواصل الاجتماعي، والذين تعتبرهم الحركة الحقوقية والديمقراطية ضحايا انتهاك حرية الرأي والتعبير.

وقالت الجمعية في تقريرها: فعلى الرغم من العفو والإفراج، يوم 04 يونيو 2019 بمناسبة عيد الفطر، عمن تبقى من معتقلي جرادة وحوالي 60 معتقلا سياسيا من معتقلي الريف، وإطلاق سراح عدد مهم من معتقلي الريف بمناسبة عفو 30 يوليوز 2019، إلا أنه بالمقابل تمت اعتقالات ومتابعات جديدة؛ سواء وسط نشطاء حراك الريف، أو في صفوف النشطاء الحقوقيين، خاصة الذين تعرضوا للاعتقال على ضوء تعبيرهم عن الرأي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأبرزت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أنها سجلت، بناء على ما توفر لديها من معطيات عند نهاية 2019، استمرار تواجد 110 من المعتقلين السياسيين، بعد اطلاق سراح عدد منهم، موزعين على العديد من السجون، وأغلبهم يقضون عقوباتهم في سجون بعيدة عن محلات سكن عائلاتهم، التي تتكبد الكثير من العناء والمشاق لزيارتهم.

الحريات العامة

وقالت الجمعية إن السلطات تُواصل هجومها على مجمل الحقوق والحريات الأساسية للمواطنات والمواطنين، والتضييق المتزايد على الحق في التنظيم والتجمع والتظاهر السلمي والحق في حرية الرأي والتعبير، وتبني المقاربة الأمنية والقمعية في مواجهة مختلف الحركات الاحتجاجية للمواطنات والمواطنين المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

وفي هذا السيّاق أوردت، مثلا، قضية المدوّن محمد السكاكي المعروف بـ”مول الكاسكيطة”، الذي اعتقل يوم 30 نونبر 2019 بسطات، وقضية محمد بودوح المعروف بـ”مول الحانوت”، الذي اعتقل يوم 9 دجنبر 2019 بتيفلت.

وأكد التقرير السنوي للجمعية، على معاناة الحركة الحقوقية بصفة عامة، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان بشكل خاص، التي تعرض عدد كبير من أعضائها للمتابعات القضائية والاعتقال والاعتداءات الجسدية من طرف القوات العمومية والتشهير بهم في الإعلام الموالي للسلطة.

وانتقدت في المصدر ذاته، الحرمان المقصود والتعسفي واللاقانوني للتنظيمات الحقوقية، من الفضاءات العمومية، معتبرةً أن ذلك أثر، بشكل كبير، على قدرة الحركة الحقوقية الجادة، بصفة عامة، والجمعية، بصفة خاصة، في مواصلة مجهودها الرائد في النهوض بثقافة حقوق الإنسان.

كما انتقدت عدم حصول الهيئات التي تضع ملفاتها القانونية لدى السلطة، على وصولات الإيداع، ولو المؤقتة التي يفرضها القانون.

وأشارت إلى السلطة تسعى إلى الحد من إمكانيات الوصول إلى مصادر التمويل للبرامج والأنشطة، مبرزة أن ذلك ما تم، بشكل مباشر، عبر مذكرة وجهت لوزارة الخارجية بشأن تمويل الهيئات الدولية للجمعيات وفرض الإبلاغ القبلي لوزارة الخارجية بكل تمويل، وأيضا بشكل غير مرئي وغير مسبوق حيث يتم الضغط مباشرة على الجهات الراغبة في دعم المجتمع المدني المغربي حتى لا تتعامل مع الحركة الحقوقية المناضلة وخاصة مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.

حرية الصحافة

وتميزت سنة 2019، حسب تقرير الجمعية، باستمرار انتهاك حرية الصحافة، و استمرار المتابعات والاعتقالات والمحاكمات الكيدية والانتقامية وغير العادلة ومراقبة شبكة الانترنيت والتجسس على الصحفيين والمدونين واعتراض الاتصالات، وهو ما أكده تصنيف المغرب من طرف منظمة “مراسلون بلا حدود” في تقريرها السنوي برسم سنة 2019 لمؤشر الصحافة في العالم، حيث احتفظ بنفس المرتبة المتأخرة لسنة 2018 وهي 135 ضمن 180 بلدا.

وسجلت استمرار تفشي ظاهرة “صحافة التشهير” المُوجهة ضد نشطاء المجتمع المدني والصحفيين والأكاديميين والمعارضة المستقلة عن السلطة السياسية وتعددت المقالات والأشرطة التشهيرية بشكل غير مسبوق خلال عام 2019، من خلال تزييف الحقائق وفبركة الأخبار والأحداث وتحويرها، ما يساهم في انتهاك خصوصية المستهدفين، وتشويه سمعتهم عبر اختلاق أحداث ومواقف وقصص لا علاقة لها بالواقع.

“وإلى جانب هذه الانتهاكات”، تضيف الجمعية أنه “تم استهداف مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين المغاربة والصحفيين، حيث تم اقتحام هواتفهم بواسطة برنامج التجسس الذي انتجته وتسوقه شركة NSO الإسرائيلية، مما يشكل انتهاكا صارخا لخصوصيتهم”.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد