تضامنا مع المهدوي.. بوعشرين يضع النقط على الحروف


مقال يونس مجاهد عن محاكم الشرف والتنظيم الذاتي، وربطه بمرجعيات مثل دوركايم وبيير بورديو، لا يثير الاستغراب فقط لغربة كاتبه عن هذه المفاهيم، بل يبعث على قدر غير قليل من السخرية المرة. فهذا شخص باع الجمل بما حمل منذ زمن، وتحول إلى معول هدم للمهنة وتاريخها، وللصحافة وأخلاقياتها، وللالتزام بمقتضياتها. ومع ذلك، لا يزال يتحدث عن خطاب الماضي، مستحضِرًا حنينًا لصحافة ماتت ولم تجد من يدفنها.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    لقد رحلت تلك الصحافة لأنها لم تعد تجد ما يكفي من أوكسجين الحرية لتتنفس. والمقرف أكثر، أن عملية القتل غير الرحيم هذه تجري على أيدي المحسوبين على المهنة أنفسهم، في مقدمتهم نقابة لم يعد أحد يعرف من تمثل،

    ومجلس وطني معين من قبل الحكومة، فاقد للشرعية القانونية والدستورية، ومجرد من المشروعية المهنية، إضافة إلى جمعيات ممسوخة، مكلفة أولًا وأخيرًا بإعلان وفاة شيء اسمه الصحافة، ولهذا تتقاضى مليارات من جيوب دافعي الضرائب فقط لتسير في جنازة المهنة إلى مثواها الأخير.

    اليوم، لا صوت يعلو فوق صوت آلة التشهير وصناعة القتل الرمزي لكل صاحب رأي أو فكرة أو مشروع لا ترضى عنه السلطة. لم تعد هناك في هذه البلاد صحافة ولا إعلام، ولا هم يحزنون.

    وإذا كان يونس مجاهد يصدق حقًا حديث التنظيم الذاتي ومحاكم الشرف ومواعظ التضامن الأجوف، فربما يجب تذكيره بدوره في الحملة المسعورة التي قادها ضد معتقلي الرأي من الصحافيين، وكيف كان صوتًا مستأجرًا للرد على المنظمات الدولية التي كانت تطالب بمحاكمات عادلة للماثلين أمام القضاء، وتندد بالانتهاكات التي طالت شروط المحاكمات العادلة.

    ومادام السيد مجاهد مازال يتذكر عميد السوسيولوجيا الحديث في فرنسا اليه نهدي هذه المقولات لبيير بورديو يقول :عندما تصبح الصحافة أداة للتشهير، فهي لا تقوم بدورها في كشف الحقيقة، بل تصبح وسيلة للضبط الاجتماعي والسياسي )

    - إشهار -

    ويقول:

    (القتل الرمزي للأفراد في الإعلام هو أكثر أشكال العنف الرمزي فاعلية، لأنه يجرد الضحايا من شرعيتهم دون الحاجة إلى استخدام القوة المباشرة).

    واليوم، يتنمر السيد مجاهد على الزميل حميد المهداوي، لأنه “حائط قصير”، محروم من حقه في بطاقة الصحافة التي لم تعد تعني شيئًا ولا تضيف شيئًا لحاملها، ومحروم هو وغيره من حماية القانون له ولأسرته، ومحروم من تضامن زملائه، ورأسه مطلوب لأكثر من جهة يزعجها صوته. ومن أفضل لذبحه غير زملائه، حتى يتفرق دمه بين القبائل وهي عادة جاهلية رجعنا اليها ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    كل التضامن مع الزميل حميد المهداوي .

    أعجبتك المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد