قيادة “البام” في مواجهة اختبار جديد عنوانه “الانشقاق”


بعد أيام قليلة على انعقاد مؤتمره الوطني الخامس، استيقظ حزب الأصالة والمعاصرة على وقع ما يمكن أن نسميه بـ”زلزال سياسي من الدرجة 6″، حيث كثف بعض “القادة التاريخيين” لما عرف بـ”المولود الجديد” تحركاتهم في سبيل “إعادة الاعتبار للقيم المؤسسة للجرار، ونفض الغبار عن مشروعه الذي توارى للخلف لفائدة الماكينات الانتخابية”، وفق وصف أحد أعضاء المكتب السياسي في عهد الأمين العام السابق حكيم بنشماش.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    وأفاد المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، أن “هناك دينامية وسط بعض القادة التاريخيين والمؤسسين لحزب الأصالة والمعاصرة، انطلقت قبل المؤتمر، وتكثفت بعده، وتجري حاليا اتصالات ببعض الأعضاء الغاضبين من داخل الحزب، مستفيدة من الطريقة التي دبّر بها المؤتمر، والمخرجات التي آل إليها”.

    وقال المصدر، في تصريح لموقع “بديل”، “نحن اليوم أمام لحظة ميلاد ثانية لمشروع الحزب الذي كنا نحلم به نهاية العقد الأول من القرن الـ21، يتم التفكير فيها بجدية، والعمل على الاستفادة من تجارب الماضي، قصد عدم تكرار اخفاقاته وأخطائه”.

    قبل المؤتمر الخامس

    قبل يوم من انعقاد المؤتمر الخامس، قال رئيس المؤتمر الوطني الرابع، عبد المطلب اعمير، إن “هذا الأخير فرط في جزء من الهوية السياسية للحزب، وتم خلاله إزاحة جناح بكامله، والذي كان مصطفا في إطار ‘تيار الشرعية’، وتم تصفية عشرات الأطر البارزة للحزب من طرف القيادة التي كانت تتزعمها فاطمة الزهراء المنصوري”.

    وأضاف اعمير، في حوار مع الصحفي حميد المهدوي، بداية فبراير الجاري، أنه “تم بعد ذلك إدارة الحزب خارج قواعد الصراع الديمقراطي، وقواعد الاعتراف المتبادل بين الحساسيات والتعبيرات المختلفة”، موضحا أنه خلال فترة ما بين المؤتمرين، “تمت إدارة الحزب بشكل مغلق، دون الالتفات لباقي التعبيرات الأخرى التي أزيحت بطريقة غير سليمة، لا تليق بالمشهد الديموقراطي”.

    من جهته، اعتبر أول أمين عام لحزب الأصالة والمعاصرة، حسن بنعدي، في يناير الماضي، أن الحزب “انحرف” عن سكته خلال السنوات الأخيرة، وتمت “قرصنته” ليصل إلى ما يعيشه اليوم، باستحضار ملفات الفساد التي كان ابرزها ملف “إسكوبار الصحراء”، الذي يشتبه في تورط العضوين في مكتبه السياسي السابق فيه، سعيد الناصيري وعبد النبي البعيوي.

    وأفاد بنعدي، في حوار أجراه معه الصحفي يوسف بلهيسي، على قناة “مدار21” أن “المخاض الحالي الذي يعيشه ‘البام’ هو نتاج انحرافات ظهرت منذ البداية، بعد تأسيس الحزب في 2008 واكتساحه للانتخابات الجماعية”، مضيفا أن الحزب “لم يعد حاملا لفكرته وأصبح فاشلا مثل الأحزاب التي همها كيفية الحصول على المقاعد البرلمانية”.

    وفي رسالته التي كتبها من الإكوادور، اتهم الأمين العام الأسبق (خلال المؤتمر 3) حكيم بنشماش، من وصفهم بـ”المليارديرات الفاسدين” من الشمال و الحسيمة ومراكش وبني ملال بـ “الفساد ومحاولة اختطاف الحزب” بـ “الاعداد للاتجار في التزكيات الحزبية للاستحقاقات المقبلة”.

    وتابع بنشماش، في رسالته الشهيرة، “صبرا جميلا ومزيدا من الثبات والصمود والدفاع عن قيم مشروعنا المشترك كما صغناه وبلورنا معالمه الكبرى مع الكوكبة الأولى من الرجال والنساء والشباب الذين ما بدلوا تبديلا، ومع من التحقوا بنا على طول المسار وعيونهم وقلوبهم مسكونة بهواجس المساهمة في تنمية وتقوية مناعة بلدنا، وهي تواجه المخاطر والتحديات المحدقة بها، من الداخل والخارج”.

    “ترويكا القيادة”.. الدلالات والرسائل

    وكما توقع بعض المتتبعين، أفرز المؤتمر الوطني الخامس لحزب “الجرار” قيادة جماعية، بعد تواري الشخصيات “الكاريزمية”، مشكلة من الوزيرة و”القائدة” الفعلية للإنقلاب ضد “تيار الشرعية”، فاطمة الزهراء المنصوري، والوزير الشاب، محمد المهدي بنسعيد، ورئيس جماعة مديونة، صلاح الدين أبو الغالي.

    - إشهار -

    ويرى الفاعل السياسي وأستاذ القانون الدستوري، رشيد لزرق، أن القيادة الثلاثية التي أفرزها المؤتمر هي عنوان بارز للأزمة التي يعاني منها “الجرار”، في اعقاب تفجر القضية التي عرفت إعلاميا بـ”اسكوبار الصحراء”، والتي يتوقع مراقبون أن تشهد تطورات “دراماتيكية” خلال مستقبل الأيام، مؤكدا أن “هذه الصيغة هي مجرد مرحلة انتقالية لا أكثر”.

    وقال لزرق، في تصريح لموقع “بديل”، “القيادة الجماعية تعني، بكل وضوح، أن تداعيات قضية ‘اسكوبار الصحراء’ لم تنته بعد”، معتبرا أنه “تم اختيار هذه الصيغة كي لا يتحمل أحد بعينه المسؤولية السياسية في ما حصل”.

    قيادة.. بهواتف مغلقة

    رغم الكلام “الجميل” الذي قالته منسقة القيادة الجماعية للأمانة العامة للحزب، فاطمة الزهراء المنصوري، خلال الندوة الصحفية التي عقدت في ختام المؤتمر، والتي تحدثت على دور الصحافة وضرورة التواصل معها، إلا أن هذه القيادة ظلت بعيدة عن التفاعل، بعد انتهاء المحطة التنظيمية، إلا في مناسبات محدودة، وفضلت أن تبقي هواتفها “موصدة” في وجه أسئلة الصحفيين، رغم الملفات التي تفجرت والأسئلة التي تحتاج لإجابة رسمية، لتقطع الطريق أمام التكهنات والروايات التي بدأت تنتعش خلال الأيام الأخيرة.

    واختارت قيادة الحزب أن تعمل بنصيحة “كم حاجة قضيناها بتركها”، في مواجهة الأسئلة التي وجّهت لها بخصوص موقف الحزب من الشكايات التي وضعها أمينه العام السابق، وعضو مكتبه السياسي الحالي، عبد اللطيف وهبي، بعدد من الصحفيين والنشطاء، والتي تم على اثر واحدة منها الحكم بسجن “اليوتوبر” محمد رضا الطاوجني، سنتين حبسا نافذا.

    وعلى سبيل المثال، حاول موقع “بديل” التواصل مع أعضاء القيادة الثلاثية، ومع رئيسة المجلس الوطني، نجوى كوكوس، ومع المكلف بالتنظيم، سمير كودار، حول تجمدي عدد من منتخبي الحزب في جهة العيون لعضويتهم، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، وقوبلت بالتجاهل.

    “صفعة” العيون

    وفقد حزب الأصالة والمعاصرة، نهاية الأسبوع الماضي، عددا مهم من منتخبيه بجهة العيون الساقية الحمراء، بعد تجميد 16 منهم لعضويتهم بشكل جماعي احتجاجا على ما أسموه بـ”الأوضاع التي يعيشها الحزب”، والتي جاءت بعد أيام قليلة من المؤتمر الوطني الخامس.

    وأكد المنتخبون، في رسالة وجهوها لمنسقة القيادة الجماعية، أن هذه الخطوة جاءت بسبب “الوضعية التي عاشها الحزب مؤخرا”، والتي كشفت على حد قولهم على وجود “فجوة وتباعد كبيرين بين الأصالة والمعاصرة كفكرة آمنا بها جميعا، وبين الأصالة والمعاصرة المختزل في بعض الأفكار والممارسات البعيدة كل البعد عن الممارسة الديمقراطية، والتي مع كامل الآسف فشلت في مقاربتها المجالية، فالمقاربة المجالية السليمة هي المرتكزة على التنزيل السليم لمشروع الجهوية المتقدمة وفق الرؤية الملكية السامية”.

    وأضاف الموقعون، على الوثيقة التي توصل موقع “بديل” بنظير منها، إن هذه الخطوة جاءت إيمانا منهم بـ”الالتزام السياسي والأخلاقي الذي يربطنا بالساكنة والذي على أساسه تم انتخابهم ممثلين شرعيين لهم عبر صناديق الاقتراع، وممثلين لمناضلي الحزب ضمن هيئاته التنظيمية، وامتثالا للتوجيهات المولوية السامية بضرورة العمل على تخليق الحياة السياسية، والعمل على إعادة الثقة بين المواطنين والسياسة”.

    وتمنى الغاضبون، وفق المصدر ذاته، عودة “الروح والفكرة إلى سابق عهدها، حزبا لجميع المغاربة قبل المناضلين في تماشي تام مع الثوابت الوطنية ووفق مقاربة مجالية، تحفظ كرامة جميع المغاربة ويكون الحزب فيهـا عامل دعم لا هدم لمناضليه ومنتخبيه في معاركهم التي يخوضونها ضد من يتربص بالوطن”.

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد