ميلوني تتجه نحو رئاسة وزراء إيطاليا كأول امرأة في تاريخ البلد
تتجه رئيسة حزب فراتيلي ديتاليا جورجيا ميلوني نحو تشكيل الحكومة الإيطالية المقبلة، إثر الفوز في الانتخابات التشريعية بنحو ربع أصوات الناخبين. وفيما يلي النقاط الرئيسية الخمس لهذه الانتخابات العامة، التي واجهت خلالها أحزاب ميلوني وماتيو سالفيني وسيلفيو برلسكوني، كتلة جناح اليسار التي يهيمن عليها الحزب الديمقراطي وحركة خمسة نجوم.
أول رئيسة وزراء إمرأة لإيطاليا
أضحت جورجيا ميلوني أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في إيطاليا، باعتبارها رئيسة أكبر حزب في الائتلاف اليميني الفائز، وفي بلد يهيمن فيه النظام الأبوي، حيث أبرز الوجوه السياسية فيه من الذكور، فإن فوز جورجيا ميلوني يعتبر قطعا مع الماضي.
وخلال مقابلة مع يورونيوز قبيل الانتخابات، قالت ميلوني: “سيكون شرفا لي أن أكون أول امراة تقطع مع هذا التقليد في بلادي”. وربما تكون جورجيا حازت على نوع من المساندة من لدن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، التي قالت: “إن انتخاب النساء للمناصب يمثل خطوة إلى الأمام”. ولكن ليس كل واحد مقتنع بأن ميلوني ستخدم حقوق المرأة بشكل جيد.
وتصف ليا كوارتابيلي البرلمانية من يسار الوسط ميلوني، بأنها الرمز المميز لليمين الذكوري، ملاحظة أن برنامج حزب فراتيلي ديتاليا يتحفظ في الإشارة إلى النساء والجنس.
أكبر حكومة يمينية في إيطاليا منذ الحرب العالمية 2
ستكون الحكومة الإيطالية المقبلة على الأرجح مؤلفة من تحالف، تقوده ميلوني زعيمة فراتيلي ديتاليا، المتحدر من الحركة الاجتماعية الإيطالية، وهو حزب فاشي جديد تأسس إثر الحرب العالمية الثانية، ويضم التحالف كلا من زعيم رابطة الشمال ماتيو سالفيني الذي يحظى بقاعدة جماهيرية شعبوية ومعادية للمهاجرين، وكذلك سيلفيو برلسكوني زعيم حزب فورزا إيطاليا الأكثر اعتدالا، والذي تميل سياساته أكثر نحو النزعة المحافظة اللبيرالية.
لقد سيطرت الديمقراطية المسيحية التي أفل نجمها على إيطاليا، خلال معظم الحقب التي أعقبت الحرب، وهو حزب محافظ واسع ومؤيد للحزب الأمريكي، ويجمع جناح اليمين وفصائل يسارية. وفي أعقاب فضيحة “بريبزفيل” بداية التسعينات، تغير المشهد الحزبي في إيطاليا بصفة جذرية، وظهر برلسكوني كشخصية سياسية بارزة ترأست عديد الحكومات اليمينية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها اليمين المتطرف في الحكومة بعد الحرب العالمية الثانية، فقد كانت ميلوني نفسها وزيرة الشباب من 2008 إلى غاية 2011، ولكنها المرة الأولى التي سيتولى فيها اليمين المتطرف القيادة، بينما يكتفي وسط اليمين (وهو برلسكوني في هذه الحالة) بالمقاعد الخلفية.
كذلك تشكلت حكومة شعبوية لم تدم طويلا سنة 2018 مع رابطة الشمال، ولكنها انضمت أيضا إلى قوى شملت حركة خمس نجوم التي اختلطت فيها سياسات اليمين واليسار.
وستكون الحكومة التي ستترأسها ميلوني من أشد الحكومات المنتقدة للاتحاد الأوروبي، رغم أن المشاعر المشككة في الاتحاد الأوروبي قد تعززت بالفعل من جانب حكومات ائتلافية يمينية سابقة.
عزوف تاريخي عن التصويت
لطالما سجلت في إيطاليا مستويات مشاركات سياسية عالية، وكانت نسبة الإقبال على التصويت أعلى مما هو عليه الحال في عديد البلدان المجاورة لإيطاليا. وفي سنة 1979، خرج أكثر من 90% من الناخبين للتصويت، وظلت الأرقام مرتفعة خلال التسعينات.
ولكن خلال هذه الانتخابات، نجد أن 64% فقط ممن يحق لهم التصويت قد ادلوا بأصواتهم. وفي عام 2018 أدلى 73% من الناخبين بأصواتهم، والإقبال على التصويت بدأ يتراجع طيلة أكثر من عقد.
لماذا آل الوضع إلى ما هو عليه الآن؟ إن عدم رضى الناخبين وشعورهم بالتعب في تصاعد، كما أن المشهد الحزبي في تقلب وتغير، ثم إن انطلاق الحملة الانتخابية في أغسطس، انتهكت المكانة المقدسة للعطلة الصيفية لدى الإيطاليين.
عرض ضعيف ليسار الوسط
قبل أشهر من الانتخابات، كانت أكبر قوة في يسار الوسط بقيادة انريكو ليتا على رأس الحزب الديمقراطي، تتمتع بتقدم مريح وفق استطلاعات الرأي بنحو 20%، بل إنها كانت تتنافس ندا لند مع فراتيلي ديتاليا خلال السباق، لتكون القوة الأكبر في البلاد. لكن استطلاعات الرأي كشفت بعد ذلك أن يسار الوسط حصل بالكاد على 19% وقد لا يصل إلى 20%.
لقد تعثر مسار يسار الوسط عندما حاول التحالف مع حزب الوسط (العمل) لكنه فشل. أما حركة خمسة نجوم الشعبوية فيعتقد أنها حصلت على نسبة من الأصوات تتراوح بين 13.5% و17.5%، وهو ما يمكن أن يكون أعلى مما توقعته استطلاعات الراي، ولكنها نسبة أقل مما تحقق سنة 2018، حين بلغت 32.7%.
كما أن الحزب عاني من الانقسامات الداخلية، بعد أن غادر الزعيم السابق للحزب لويجي دي مايو، وانضم إلى تحالف يسار الوسط، ليكون حزبه الخاص: “التعهد المدني”.
هل هي عودة برلسكوني؟
لم يعد رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني على الأرجح الشخصية المهمة الوحيدة التي خاضت الانتخابات، خاصة وأن وجود حزبه لم يكن سوى صدفة، مقارنة بما كان سابقا، حين كان أكبر قوة سياسية في البلاد، والذي شهد أخلص أعضاءه مثل الوزيرة السابقة مارا كارفاغنا، تغادر.
ولكن دعم برلسكوني لجناح اليمين ضروري لضمان حصوله على أغلبية المقاعد، وهو ما يعني ان رئيس الوزراء السابق المثير للجدل مازال بإمكانه ممارسة تأثير كبير.
وقبيل تنظيم الانتخابات، أثار برلسكوني أجواء محمومة، جراء تصريحات علنية بشأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي كانت تربطه به صداقة طويلة، فقد ادعى برلسكوني أن بوتين أجبر على غزو أوكرانيا، وإن كل ما كان يريده هو تعويض حكومة زيلنسكي، “بأشخاص محترمين” على حد تعبيره.
وكالات