ذهنية وزير أو مؤشر عودة التوجه التحكمي لما قبل 2011؟


صرح السيد وزير العدل (حزب البام)، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، مؤخرا، بما يفيد صراحة نيته العمل على تقنين “منع الجمعيات من وضع الشكايات ضد المنتخبين”، وذلك من خلال التعديلات التي سيقدمها “سيادته” ضمن النسخة الجديدة لمسطرة القانون الجنائي.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    وفي محاولة لـ”تبريد الطرح”، صرح الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس (حزب الأحرار) بأن الأمر لا يعدو كونه مجرد فكرة من الأفكار!.

    وفي كل الأحوال، فإن تصريح وزير العدل يعبر عن الذهنية الجماعية لأغلبية الأحزاب المشكلة للحكومة، إن لم يكن هذا توجه حزب الاستقلال أيضا أو على الأقل الجناح المشارك في الحكومة (الأيام ستؤكد أو تنفي الأمر)، ونأمل أن يتفكك ذلك التحالف الهجين بخروج حزب علال الفاسي منه لأنه لا يليق به.

    لا يمكن النظر لتصريح السيد عبد اللطيف وهبي الحالي على أنه فعل معزول، بل يدخل ضمن توجه تسلطي استراتيجي لمنظومة الاستبداد-الفساد، بدليل قيام الحكومة الحالية بسحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن #تجريمالإثراء غير_المشروع من مجلس النواب يوم 8 نونبر 2021، كما تم سحب مشروع قانون من مجلس النواب يتعلق بتنظيم «الاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة»، وضمنها الأراضي المملوكة للدولة ضمن ما يسمى الملك البحري، أو الأملاك الأخرى في يناير 2022، وتم كذلك سحب مشروع القانون 46/20 الذي يغير ويتمم القانون 33/13 المتعلق باستغلال المناجم دون تبرير.

    إن “التصريح المشؤوم” لوزير العدل، يدخل في نفس السياق، وهو أخطر من سابقيه، وهو قرار تراجعي عن مكتسبات المجتمع المدني، والشعب المغربي عموما، ويهدف لاستئصال أي حق لمراقبة مدنية مشروعة للمسؤولين، منتخبين كانوا أو معينين، ومؤشر خطير بعودة التوجه التحكمي للأصولية المخزنية التي ردعتها حركة 20 فبراير المغدورة ردعا، التوجه الذي اختفى ليعود بعد عشر سنوات ليكشر عن أنيابه في شكل سلالة متحورة جديدة أفرزتها انتخابات شتنبر 2021 المزورة.

    إن تناوب توجهي “التمكين” و”التحكم” وتسلطهما على الشعب المغربي منذ 2011، وهما معا وجهان لعملة واحدة باعتبارهما ينفذان أجندة الوكلاء المحليين للنيوليبرالية الجشعة، هذا التناوب، في اعتقادي، توجه واحد متحالف في عمقه، توجه يُبْقِي وَلا يذَرُ من المكتسبات والحقوق المشروعة للشعب المغربي أي شيء، ويحاول هنا والآن، خنق أي صوت مقاوم حر.

    - إشهار -

    لكن هيهات.. هيهات، إن دوام الحال من المحال، فيقظة الجماهير الشعبية، ونضالاتها وصمودها ومقاومتها، رغم القمع والمنع، لكل أشكال التسلط والاستبداد السياسي والردة الحقوقية والظلم الاجتماعي سيتقوى عوده وسينتصر في النهاية. تلك قوانين الفيزياء المتسقات من الدينامية الطبيعية: فلكل فعل رد فعل مساوٍ ومعاكس، وفي النهاية، دائمًا ما يفشل الظالم.

    قد يستطع وزير العدل، صاحب الخرجات البهلوانية، ومن وراءه في حماية الفساد والمفسدين بتمرير تعديل القانون الرجعي التحكمي داخل #البرلمان لكون تحالف الفساد يتوفر على أغلبية مزورة خاصة وأن المسمات بالمعارضة تفتقد للشجاعة والجرأة للوقوف صفا واحدا ضده. لكن، في المقابل، لن يفلح في خنق أصوات الديناميات المواطناتية المناضلة وسط #البرلمان الشعبي الواسع التي هزمت توجهه اللاشعبي واللاديمقراطي سنة 2011.

    فأي عدل وأية عدالة يمكن أن يتغنى بها الحاكمون بعد فضيحة #التصريح المشؤوم لوزير العدل الذي يكيل بمكيالين؟: القبول بمساءلة #المواطنين ومنع مساءلة #المنتخبين و#المسؤولين المعينين من طبقة الفساد حليفة الاستبداد؟ إنه تجل صارخ من تجليات الصراع الطبقي، حيث الطبقة المخزنية الحاكمة تحمي نفسها من المساءلة والمحاسبة والإفلات من العقاب، وتدوس على الطبقة الكادحة وعموم المواطنين بفرض قانونها الرجعي.. قانون الفساد.
    فبعد كل هذا، أين المبدأ الدستوري “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، الذي تحاول ذهنية الاستبداد تسويقة بعد أن فرضه ضغط الشباب العشريني؟

    فإذا مرر هذا القرار المشؤوم، فلا عظم الله أجر من صوت لهؤلاء القوم الفاسد. والدعوة مشروعة لخلق جبهة تضم ليس فقط، جمعيات المجتمع المدني، بل أيضا الأحزاب الديمقراطية الجادة، لأن الأمر يعنيها أيضا، وذلك لحمل الحكومة على التراجع عن قرارها التحكمي الاستبدادي.

    إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.
    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد