بصدد الأزمة الأوكرانية


بديل.أنفو

صرح السفير الهولندي السابق لدى أوكرانيا وروسيا، في حوار تلفزي قبل ثلاث أيام، أنه يتذكر عندما قدم أوراق الاعتماد لبوتين لأول مرة، في موسكو سنة 2009 سأله بوتين: “السيد Keller كنتم سفيرا لبلدكم في أوكرانيا لمدة أربع سنوات كما كنتم في نفس الأن ممثلا للناتو (منظمة الحلف الأطلسي)، خلال هذه المدة في نفس البلد، هل يمكن أن تشرحوا لنا لماذا لا يزال الناتو موجودا؟ ولماذا أنا عدو؟ ولماذا يندفع الناتو باستمرار في اتجاهنا؟

ويضيف الديبلوماسي الهولندي:” إن ما حدث اليوم كان متوقعا ومنتظرا، ولم نتمكن من وقوف حدوثه. يبدو الأمر غريبا ومضحكا لكننا لم نفهم بوتين. الأمر ليس فيه الكثير من التعقيدات، وجب حل المشكل وكفى. طبعا بوتين صعب الميراس وعنيد لكنه ذكي جدا، وله “أجوندا” واضحة transparant ولم يجعل منها عملا سريا حتى. يريد أن تبقى روسيا مؤثرة في محيطها وليس بالضرورة من أجل فرض قوتها بل من أجل حمايتها أكثر، لأن الدول العظمى supermacht (يقصد النووية) تريد دائما أن تحتفظ بمحيط آمن حولها، وهذا ليس بجديد، وهو ما تفعله الدول العظمى الأخرى التي نسميها الغربية..”. ويضيف:” كنت شاهدا كممثل للناتو في أوكرانيا كيف حاولوا فرض/جر opdrogen أوكرانيا للدخول في الحلف الأطلسي.:”. أقول هذا الكلام والدموع في عيني، وأصرح لأول مرة بهذا الكلام، وأعتقد لدي الحق في ذلك كمتقاعد:”. كلامه بالحرف.

من الصدف كان كلام هذا الدبلوماسي متضمنا في خطاب بوتين بصدد دخوله إلى أوكرانيا حيث عبر هذا الأخير بكثير من الخيبة بما يلي:”.. انتهى الاتحاد السوفياتي قبل 30 سنة، وحاولنا العمل من أجل الاندماج في الأسرة الدولية لكن بقوا ينظرون (الغرب) إلينا دائما كعدو، وقد عبروا عن ذلك من خلال محاولاتهم توسيع حلف الناتو جهة الشرق منذ 1997، بل حاولوا تمويل الفوضى والإرهاب في القوقاز الذي كسرنا ظهره بصعوبة. لقد نسجوا قصصا كلها كذب من أجل تدمير العراق ويوغوسلافيا وليبيا وسوريا، بدون اللجوء إلى مجلس الأمن. لماذا تصرون على توسيع الحلف الأطلسي العسكري إذا كنتم جادين في صنع السلام؟؟ ولماذا ارسال هذا الكم الهائل من السلاح إلى أوكرانيا؟:”.

صاحب هذا الكلام كان سفيرا لهولندا بأوكرانيا بين 2005 و2009 وممثلا للحلف الأطلسي في نفس الأن. وبعد ذلك سفيرا في روسيا بين 2009 و2013. وهو يعترف أنهم على غلط في التعامل مع روسيا.

لذا أكرر أن أمريكا دفعت الجميع إلى الحائط من بينهم الأوربيين. أمريكا لم تتحرر بعد من فلسفة وعقيدة الحرب الباردة، رغم أن روسيا لم تعد لا اشتراكية ولا شيوعية، إنها بلد رأسمالي، بل يكفي أن يكون لها قرارا مستقلا، وطرفا في حل القضايا الدولية حتى تصير عدوا.

فبالإضافة إلى المعطى الأمني، المشروع كما قال السفير، هناك المعطى الثقافي والتاريخي (القومية السلافية) التي لها حضور في الأزمة (ولو بشكل ثانوي) حيث أشار بوتين في خطابه إلى هذا الأمر من خلال القول:”لا نريد استبدال ثقافتنا، بثقافتكم، ولن تفرضوها علينا”.

- إشهار -

نحن نعيش هنا (كمجموعة صغيرة) والنقاش مايزال حامي الوطيس لمدة 40 سنة، حول اندماج أو عدم اندماج المغاربة بهولندا. بل الأمر انتقل إلى الصدام. بالأحرى عندما يتعلق الأمر بقومية لا تغيب عنها الشمس ( من بولندا حتى آلاسكا).

طبعا سينظر العالم إلى بوتين على أنه مجرم، ووو.. لأن الغزو مدان، لكن كما قال هذا السفير، وكما قال البروفيسور Vladimir Pozne في الشريط فيديو :”في هذه الحالة فالدول العظمى ستتصرف كما تصرف بوتين.. إنها مسألة حياة أو موت لا مكان للغة القانون الدولي فيها”.

في نظري على أحرار العالم رفع صوتهم عاليا، من أجل المطالب بحظر منظمة الحلف الأطلسي العدوانية، التي تستعمل كسيف الرقبة وإثارة الفتن والدمار. أتمنى أن يحتكم الجميع إلى العقل من أجل توقيف هذه الحرب المدمرة.

خاتمة والأمر خطير جدا:

قبل 16 سنة ونحن في المدرج في جامعة “لايدن” سأل طالب من أصل عراقي، شعبة العلوم السياسية، (كان يشتغل مترجما لدى وزراة الدفاع الهولندية) لماذا لم تتدخل روسيا لحماية حليفها العراق أمام الغزو الأمريكي، كان جواب الأستاذ:” لو تدخلت روسيا سينتهي الأمر إلى صدام نووي… لذا يصعب ايجاد منقذ لك اذا انفردت بك دولة نووية..:”. تدخل الدول الأخرى في النزاع الأوكراني، سيدفع بوتين إلى استعمال السلاح النووي، بدون شك إذا لم يتم حل المشكل سلميا، مع الحفاظ على مصالح روسيا. الكرة في ملعب الغرب.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد