الطفل ريان.. تراجيديا إنسانية أبكت الملايين وألهمت العالم


بديل.أنفو-

لم يكن الطفل ريان وحده في العالم أو في تاريخ البشرية من زلت به قدمه إلى عمق البئر أو ربما لن يكون آخر طفل يعيش نفس الحادث، لكن الأقدار شاءت لابن الربيع الخامس أن يجعل عيون العالم تتجه إلى شاشات التلفزة التي تبث صورا لفوهة ضيقة من قرية صغيرة في منطقة نائية قرب شفشاون.

كانت المفارقة صعبة بالنسبة لمتتبعي القصة منذ بدايتها، لتلك الدقائق القليلة التي جمعت بين فرحة وصول فرق الإنقاذ إلى ريان وإخراجه من البئر، وبين خبر الوفاة الذي نزل كالصاعقة على كل من شدته قصة ريان وتشبث بذلك الخيط الرفيع من الأمل مترقبا خروجه بفارغ الصبر سالما معافى من بئر مكث فيه خمس أيام بدون أكل ولا شرب.

ريان في البئر

غصت مواقع التواصل الاجتماعي منذ صباح يوم الأربعاء بخبر سقوط طفل في بئر، قيل إن عمقها “60 مترا”، وكان ريان آنذاك قد قضي ليلة بكاملها داخل جب ضيق مظلم، فسارع الجميع نحو مكان الحادث وأولهم فرق الإنقاذ الذين بدأوا محاولاتهم لانتشال الطفل العالق وسط الحفرة.

الأمر في البداية لم يبدوا معقدا، حيث بدأت محاولات الإنقاذ بطرق تقليدية عهدتها فرق الإنقاذ وتمثلت بدخول أحد من المستغورين أو من الخبراء في مجال الإنقاذ وسط البئر في محاولة للوصول إلى ريان وإخراجه، ونظرا لعمق المكان الذي سقط فيه ريان والذي يصل إلى 32 مترا، وبسبب منحنياته الضيقة والصعبة استحال الوصول إليه بعد ثلاث محاولات فاشلة.

وفي غضون ذلك، اضطرت فرق الإنقاذ التي توافدت إلى المنطقة بكل طاقمها وخبراءها في مجال الطبوغرافيا والجيولوجيا والسلطات المحلية، البحث عن خطة بديلة وآمنة في الوصول إلى ريان دون حدوث أي مشاكل جانبية خاصة وأن طبيعة المنطقة الجبلية كانت تحتم عليهم “الدقة” في الوصول إلى الحل؛ إذ أن العملية تتسم بالعديد من الصعوبات والمخاطر أبرزها خطر الإنهيار الأرضي وانجراف التربة، والتي كانت تهدد حياة المنقذين، وحياة الطفل ريان.

وبموجب الخطة المعتمدة، أقامت فرق الإنقاذ حفرة كبيرة موازية لمكان سقوط الطفل ريان، وعند بلوغ العمق الذي يوجد به، تم الشروع في حفر أفقي.

العملية التي وصفها الكثيرون بـ”المعقدة” و”الصعبة” مكنت فرق الإنقاذ من الوصول إلى الصغير ذي الخمس سنوات بعد قضائه لخمسة أيام في البئر، وهي المدة التي عاشها ذويه وأهله والمتتبعين بثقل وقلق الانتظار.. ورغم وصول فرق الإنقاذ إلى الطفل، إلا أن النهاية لم تكن سعيدة، وتوفي الطفل ريان قبل خروجه من داخل الأرض.

ملحمة إنسانية 

- إشهار -

“الطفل ريان” أو كما أحب التسونامي البشري الذي واكب العملية طيلة الأيام  الخمسة، أن يسميه “ريان حبيب الله”، تمكن بابتسامته المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي وبقصته المؤلمة أن يجذب تعاطف وقلوب الناس ويأخذهم إلى “قرية إغران”؛ إذ يتسَّمر الملايين من متتبعي قصته أمام الشاشات والهواتف منخرطين مع أوجاع والده وأحزان أمه.

وأعادت قصة ريان المنطقة من المحيط إلى الخليج إلى قيمها الأخوية والتضامنية، حيث عبّرت شعوب دول المنطقة عن تعاطفها واهتمامها وتضامنها مع أسرة وأقارب ريان وعموم الشعب المغربي.

وفي هذا السيّاق، أظهر الشعب الجزائري تعاطفا كبيرا مع الشعب المغربي، حتى قيل أن ريان “أطفأ نار التجاذبات” التي وقعت واستمرت بين الشعبين على مدى عدة أشهر بسبب التنافس الرياضي، وتأثير الخلاف السياسي بين البلدين.

الواقع المخفي

ولم تتوقف التراجيديا الإنسانية التي كتبت على مدى خمس أيام عند هذا الحد، بل قام بوخزة منبهة إلى واقع يعيشه أهالي منطقة “إغران” حيث ينحدر الطفل ريان، من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية؛ حيث عانى طاقم الإنقاذ من عدة صعوبات قبل الوصول إلى المنطقة والاشتغال بها، كما نبهت إلى خطورة الآبار التي يتم استعمالها، وتُترك بعد ذلك دون طمرها.

وفي سياق متصل، أثارت قصة ريان، قصاصا أخرى لأطفال آخرين في دول المنطقة، حيث تم تداول صورهم من قبل عدة وسائل إعلام، مشيرة إلى أنهم تعرضوا لحوادث آليمة مشابهة في المعاناة ومختلفة في الوقائع، ومنها صور للمئات من الأطفال الذين لقوا حتفهم في أزمات الحروب والصراعات السياسية في كل من سوريا واليمن وفلسطين..

وداعا ريان

وبعد إخضاعه للتشريح الطبي في المستشفى العسكري في الرباط، وإعادته يوم أمس إلى بلدته “إغران”، بجماعة “تمروت” التابعة لإقليم شفشاون، سيُدفن اليوم الـ7 من فبراير الجاري، وبذلك يكون العالم قد ودع الطفل ريان.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد