في ذكرى “الاستقلال”.. بديل يستحضر أسماء أهم المقاومين المساهمين في تحرير البلاد
يحتفل المغاربة يوم الأربعاء 18 نونبر الجاري، بالذكرى 65 ل”عيد الإستقلال”، إذ تم التخلص من المستعمر الفرنسي الإسباني من الأراضي المغربية، بعد نضال طويل من قبل أبطال ضحو بالغالي والنفيس من أجل وطنهم.
موقع “بديل.أنفو” يستحضر بعضا من هؤلاء الأبطال، الذين خاضوا معارك طويلة ضد الإستعمار، من أجل إحقاق حرية وكرامة شعب واسترجاع حقه المسلوب.
محمد بن عبد الكريم الخطابي
محمد بن عبد الكريم الخطابي ( 1882 – 1963م) هو قائد وطني، وزعيم المقاومة المغربية في الشمال، خلال الفترة ( 1919- 1929)، وكان قائد الحرب الوطنية (حرب الريف الشهيرة)، وهو قيادي بارز ضد الاحتلال الفرنسي – الأسباني للمغرب.
ولد محمد بن عبد الكريم الخطابي في بلدة أجدير بالمغرب الأقصى سنة 1822م، و نشأ في أسرة كريمة تحت كنف والده الذي كان يتزعم قبيلة بني ورياغل. تلقى تعليمه في جامعة القرويين؛ حيث درس العلوم الشرعية واللغوية. تولى منصب القضاء الشرعي في مدينة مليلية.
قاد الخطابي، ثورة الريف ضد الإسبان. وحقق انتصارًا عسكريًّا هائلاً على الإسبان في معركة أنوال سنة 1921م، ليقيم بعد ذلك “جمهورية الريف”، إذ وضع لها دستورًا، وأسس لها جمعية وطنية، لكن اجتمعت فرنسا وإسبانيا على حربه، وتمكنا من هزيمة قواته.
واضطر الأمير عبد الكريم الخطابي إلى الاستسلام للقوات الفرنسية، إذ تم نفيه إلى ريونيون، إحدى جزر المحيط الهندي، سنة 1926م، وظل بها أكثر من عشرين عامًا. قبل أن يلتجأ إلى القاهرة سنة 1947م، ليتخذها وطنًا له.
وفي فترة إقامته بالقاهرة كان يتابع نشاط المجاهدين من أبناء المغرب العربي من خلال لجنة تحرير المغرب، التي أسسها وتولى رئاستها.
وظل الخطابي مقيمًا بالقاهرة حتى وفاته سنة ( 1963م).
موحا أوحمو الزياني
اشتهر موحا أو حمو الزياني بنضاله المستميت في المعركة الشهيرة التي تسببت مقتل الكثير من قوات الجيش الفرنسي في الأطلس المتوسط قرب مدينة خنيفرة، وتسمى هذه الواقعة بمعركة لهري التي وقعت سنة 1914م، بعد أن حاصر الفرنسيون مخيم قائد قبائل زيان من جميع النواحي قصد القضاء عليه بصفة نهائية.
و تسبب موحا أوحمو الزياني لفرنسا المحتلة خسائر فادحة في العتاد والأرواح لمدة ست سنوات من المعارك والحروب التي أبلى فيها الزيانيون البلاء الحسن بفضل حنكة وخبرة البطل المجاهد الأمازيغي موحا أوحمو الزياني إلى غاية استشهاد الزعيم في سنة 1921م.
وتعتبر معركة لهري الملحمية من أهم المعارك التي خاضها الزيانيون الأمازيغيون ضد المحتل الفرنسي الذي استهدف إذلال الأطلسيين وتركيعهم، واستنزاف خيراتهم واغتصاب ممتلكاتهم، والتصرف في مواردهم وأرزاقهم،والتحكم في رقابهم وحرياتهم التي عاشوا من أجلها. ولايمكن الحديث في الحقيقة عن المقاوم البطل موحا أوحمو الزياني إلا في ارتباط وثيق مع هذه المعركة التي سجلت معالم وجوده بدماء حمراء في صفحات التاريخ الحديث والمعاصر في القرن العشرين الميلادي.
واستشهد الزياني في معركة أزلاغن تزمورت بنواحي تملاكت يوم 27 مارس 1921م، حيث أصيب برصاصة العدو الاستعماري التي أودته شهيدا.
ابراهيم الروداني
ازداد إبراهيم الروداني عام 1912، على الأرجح، في إحدى القرى بنواحي تارودانت، والتحق بالدار البيضاء في عنفوان شبابه عام 1932، وامتهن عدة مهن، من كتبي إلى بناء وميكانيكي وبائع “الخردة”، حتى وصل إلى إحداث معمل لبيع ماء جافيل، ومتجر لبيع اللحوم، في الحي الأوروبي، قرب ساحة بوندونغ بشارع محمد الخامس حاليا، وكان دكانه يزدحم بزبناء من مختلف الشرائح، من المغاربة والأوروبيين.
واستطاع الروداني أن ينسج علاقات متميزة مع الجالية الأوروبية، من خلال معاملاته التجارية والمهنية، وكان يتمتع باحترام كبير حتى في الأوساط الفرنسية.
التحق الروداني بالحركة السياسية في وقت مبكر، وكان منزله في الحي الذي كان يسمى درب اليهودي، ملتقى لاجتماعات سياسية تنظيمية متواصلة، مع أصدقائه من أمثال عبد الرحمن اليوسفي، وعبد الرحيم بوعبيد، والهاشمي المتوكل، وحميدو الوطني، وغيرهم بكثير، ومحجا لفئات عريضة من شرائح والمقاومين العمال والحرفيين والطلبة وصغار التجار.
وكان الروداني عنصرا نشيطا في صفوف حزب الاستقلال، إذ أصبح في وقت وجيز أحد أعمدته، إلى جانب حميدو الوطني، وابراهيم التروست، وبوشتى الجامعي، وكنون العبدي، وغيرهم ممن كانوا يؤثرون بشكل قوي في الأوساط الشعبية، بينما ربط علاقة وثيقة مع صديقه في العمل المسلح الشهيد محمد الزرقطوني، تركزت على التخطيط في إطار العمل السري، وكانا الاثنان من المخططين والمنفذين للعديد من العمليات التي استهدفت القوات المستعمرة، في الدار البيضاء على وجه الخصوص.
في خضم النشاط السياسي والتنظيمي الذي ميز السنوات الأولى للخمسينيات، وبعد إقدام القوات الاستعمارية على نفي الملك الراحل محمد الخامس، والأسرة الملكية إلى المنفى في غشت عام 1953، ازدادت وتيرة الكفاح في مواجهة المؤامرات الاستعمارية.
و أسفرت عن اعتقال العديد من النشطين ضدها، وكان من ضمنهم إبراهيم الروداني، الذي زج به، على الفور في سجن داركوم في درب اليهودي، قبل أن يقتاد بعد ذلك إلى سيدي بنور، ليخضع لإقامة محروسة عدة أيام.
عسو أوبسلام
عسو أوبسلام “أو عسو وْ بَسلام”، من زعماء مقاومة الاحتلال الفرنسي بأيت عطا في جبل صاغرو، ولد حوالي سنة 1908/1890، بقصر “تاغيا” جنوب تنغير، وهي السنة التي شهدت ميلاد حلف التآزر والتضامن بين مختلف قبائل أيت عطا.
واقترن هذا الحلف بإنشاء مجلس أطلق عليه “تافراوت نايت عطا” (حصن أيت عطا).
واشتغل أوبسلام بالتجارة التي ساعدته على وعيه المبكر بنوايا الاستعمار الفرنسي على المنطقة وخاصة عند احتكاكه بمدينة مراكش، وانتخب سنة 1919 “شيخا” على قبيلة “إيملشان”.
كان عسو بسلام متصوفا وزعيما فذَّا وقد تأثر بالدور القيادي لوالده، الذي لعب دورا مهما في تسيير شؤون القبيلة وقد لقب والده ب “أمغار نْتَامازيت” واكتسب عسو بسلام الخبرة وحسن الاضطلاع بشؤون القبيلة، فأصبحت له العضوية في الجماعة المسيرة للقبائل “أْجْمَّاع” في سن مبكرة إضافة إلى تمتعه بخصال حربية تجعله يقوم مقام مجموعة من الفرسان يمكن للقبيلة استنفارها في حالة الحرب.
اندلعت معركة بوغافر يوم 12 فبراير 1933 في محاولة من قبائل آيت عطا لمنع المستعمر الفرنسي الذي كان يومها في أوجهه من التغلغل في المنطقة إلى غاية 24 مارس من نفس السنة. وقد أبان المجاهدون رجالا ونساء عن شجاعة كبيرة بقيادة البطل عسو بسلام. ونظرا للخسائر التي لحقت بالمستعمر في الأرواح والعتاد، قرر الجنرال “هوري” الذي كان يقود العمليات إيقاف الهجوم يوم فاتح مارس 1933.
وتبنى خطة جديدة تهدف إلى تكثيف القصف وبشكل مستمر لمواقع المجاهدين في جبل بوغافر، مع فرض حصار شديد على المقاومين، وذلك بقصف نقط التزود بالماء داخل بوغافر وقصف المخابىء والمسالك التي اعتاد المجاهدون التحرك عبرها، مما عرض الشيوخ والنساء والأطفال للجوع والعطش.
لقد واجهت قبائل آيت عطا المجاهدة التي كانت تتألف من 5000 من المجاهدين مسلحين ببنادق تقليدية الجيش الفرنسي الذي كان يتوفر على المدفعية والطائرات إضافة إلى خبرات عسكرية وحوالي 75 ألف جندي خلال فترة المقاومة، مواجهة طويلة وعنيفة وعنيدة في ملحمة بوغافر بقيادة عسو بسلام الذي تلقى رسالة من السلطات الفرنسية سنة 1930 تطالبه بإيقاف هجوماته فكان جوابه كالتالي: “إن الذي صاغ هذه الرسالة، عليه أن يأتي ليأخد الجواب من هنا”.
و بعد المقاومة التي شهدتها قرى “تَاوْزا” و”امسيسي” و”دالْنيفْ” و”تَازَارينْ” و”دي ميتير” و”نَّاقُوبْ”، قسمت قبائل آيت عطا إلى ثلاث مجموعات، حيث تمركزت أهمها في بوغافر فيما تمركزت الثانية في جبل “بادو” أما الثالثة فكانت بمنطقة كولميم.
واضطر عسو بسلام إلى التفاوض وقبل المستعمر أغلب الشروط بينها “إقرار عسوا بسلام في منصبه كشيخ عام على آيت عطا، وهو منصب احتفظ به إلى الاستقلال، وإعفاء المرأة العطاوية من المساهمة في الحفلات التي تنظمها الإدارة الاستعمارية في مناسبات مختلفة، وإرجاع كل ممتلكات
المقاومين المصادرة إلى أصحابها مع إعفائهم من الخدمات الإجبارية”.