هل انهزمنا و انتصر ” الغش” ؟


جواد المومني

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    هل انهزمنا أمام ظاهرة/واقع الغش؟ هل سنعلن العجز أمام هول المُصيبة، و فداحة الأمر؟
    قد باتت منظومة قِيَمنا، الاجتماعية قبل كل شيء، مَحطّ أسئلة عريضة، ما فتِئَ السواد الأعظم لأمتنا يتباهى بها أمام باقي الأجناس و المِلل، و لعلنا اليوم- في مغرب النماذج التنموية- نجتاز امتحاناتٍ إشهادية حقيقية، تَقييمية لمنسوب أخلاقنا؛ و لا ندري أيَّ الصهواتِ نمتطي: أتلك التي تبشر بوطنٍ نامٍ، مزدهر، قادرٍ على رفع التحديات القوية و العظيمة، أم تلك التي تُطَوّحُ بنا رأساً نحو المهاوي و النكوص ؟! (تساؤلان مشروعان لن أجيب عنهما.)

    فما باتت عليه حالة شبابنا اليوم، أمر يُدمي قُلُبَ كل مُحبٍّ خيرَ الغدِ لأمته/شعبه/وطنه. و سأكتفي هنا بمَثل واحدٍ ( لأن النماذج كثُرَت و عَظُمَتْ، حتى ضاقَ سبيلُها و اختلَطَ؛ و حتى لا أُوصَفَ بالعَدَمية و بالتشاؤمية.) مثَلٍ واحدٍ له علاقة بالشابّ المُترشح لامتحانات الباكلوريا؛ فهو ما عاد قادرا على مواجهة ما أمامَه من مسائلَ و إشكالاتٍ و عناصر إجابة، بالقدر الذي رَهَنَ فيه كلَّ آماله على أمرين اثنين: أولهما، اعتبار الغش (النقل !!) حقا مكتسبا يجب الذودُ عنه، ثانيهما، اعتبار الأستاذ المُراقب/ة شخصا مُدَبّرا للعملية و مُسهِّلا لها، بل و مساهما فيها، و إلا كان مصيرُه كلّ ما سقط منْ كلام، و ما تدنّى، هذا إذا لم يتطور المشهد إلى مُشاداة و غيرها، بل و أكثر !!

    ما يحدُثُ، و ما نحن بصدده، أو ما حدث مؤخرا خلال سنوات خلت، يمكن اعتباره هزةً قوية على مستوى نمط التفكير/ الإنتاج، و لعله مُحَصّلة المُعادلة البسيطة غير المركبة: ( حَصادُ ما ابتُذِرَ ! ) و لْنقُلها صراحةً؛ أنْ يتم التسامح أو السماح بالغش بكل أنواعه الحديثة المُستَحدَثة و المتطورة إلكترونيا، داخل فصل الامتحان ( وطنيا كان، أم جهويا أم محليا ) دون اللجوء إلى ردعه و زجره، و لو بإعمال المواد القانونية الضابطة لهكذا سلوكات مُشينة، السماح بذلك خطأ خُلُقيّ جسيم، قبل أن يصير في ما بعد أزمةً بنيويةً عميقةً، تتضرر معها كل مناحي الحياة الاجتماعية و بشكل تسلسلي مُتتالٍ، قد يصعب معها إيجاد الحلول. ثم إنَّ المَهادنة في أفعال كهاته، بعيدا عن الرؤية السوداوية للأشياء، أو تبخيس فداحتها، و دون تَسييسٍ مبالغ فيه، حتماً تؤدي إلى كوارث اجتماعية تحتاج إلى أجيال متعاقبة، مِنَ التقويم و التدخلات العلاجية المتعددة المباشرة منها وغير المباشرة، قصد رأبِ ما تَصَدَّعَ !! كما أنها تدعو إلى مساءلة القيمين على الشأن التربوي و عن نواياهم الحقيقية و غاياتهم، و كذا عن المستفيد من كل هذا الهدم البنيوي ؟!

    - إشهار -

    فهل تمّ استنفاد كل سبل العلاج السريري؟ و هل أنْهَينا كل محاولات التعاطي المباشر مع الإشكال/المرض؟
    لِنَنظُر أيضا إلى مستوى مُتفاعل آخر مع المشكل؛ و هذه المرة من زاويةٍ تَضيق أكثرَ و تَغدو حادّةً، حينما يدخُلُ الأستاذ المُراقبُ للامتحان في الحِساب، و يقوم بعَرض خَدَماتِه (الدنيئة) على المترشحين؛ أي عندما يُساهم مع ( اولاد الشعب) بتَمرير (حجابات النقيل) و تسهيل مأمورية مُرتكبي الفعل الساقط !! هنا، تَصير المسألة أبشع و أخطر !!

    دَعوني أقول بصوتٍ مرتفع: سيكونُ الاحباطُ/إحباطُنا قاسيا علينا، و سيكون شعورنا بالهزيمة أمَرَّ عندما لن نقدر على كبح جِماحِ الهَجمةِ المُنَظمَة هذه ؟!
    الأمرُ جَلَلٌ، بكل المعايير، و لن تُسعِفَنا أصواتُنا و لا دموعنا للندب في ما بعد. النواقيس دُقَّتْ، و صَدى الطنينِ يَرجع، فانظروا أمرَكم، ماذا أنتم صانِعون ؟!

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد