نقطة نظام
إلى السيد : الأمين العام لحزب الاصالة و المعاصرة و من خلاله لكل الرفيقات و الرفاق في المكتب السياسي
إلى السيدة : رئيسة المجلس الوطني لحزب الاصالة و المعاصرة و من خلالها لكل الرفيقات و الرفاق أعضاء و عضوات المجلس الوطني.
إلى الرفاق و الرفيقات مناضلات و مناضلي الحزب عبر مغربنا الحبيب.
الموضوع : نقطـــــة نظـــــــــــــام .
تحية طيبة ، و بعد
لم أجد توطئة لهذه المداخلة ، أفضل من الجملة التي أبن بها الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني الراحل جورج حاوي الشهيد المفكر حسن حمدان عندما قال : ” أصبح المشهد مملا ، اليس كذلك يا رفاق ” .
الرفيقات ، الرفاق
لم ألجأ إلى هذه الوسيلة في التعبير عن مواقفي و قناعاتي ، إلا مضطرا بعدما تسارعت المستجدات السياسية و التنظيمية لحزبنا في الآونة الأخيرة ، و التي مع كامل الأسف وجدت الكثير منها لا ترقى الى انتظارات مناضلات ومناضلي الحزب ، ولا ترقى لتشكل أرضية اتفاق ولا حتى أرضية اختلاف بما انها تعطي انطباعا بكونها حبيسة مزاجية عقيمة وسلوك سياسي – كنت قد اعتقدت أننا قطعنا معها – يحيل الى عهد مقيت بدء بتهريب/ تجاهل المؤسسات المنتخبة للحزب ( أعضاء و عضوات المجلس الوطني ، الامانات الجهوية و الإقليمية المنتخبة و التنظيمات الموازية المنتخبة ) الى غياهب المجهول والترهل التنظيمي، و انتهاءا بالاستفراد بصناعة القرار الحزبي من لدن من عينوا بمواقع تنظيمية بالحزب أو انتدبوا لتمثيل الحزب في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة .
و في ظل قناعتي الراسخة التي طالما دافعت عنها في رفض فكرة عقد أول دورة للمجلس الوطني بعد المؤتمر الوطني الرابع للحزب عن بعد ، لاعتبارات متعددة منها ما هو مرتبط بجاسمة ما ينتظرنا من مهام جسيمة في استكمال ورش انتخاب مؤسسات الحزب بشكل ديمقراطي ، و منها ما هو مرتبط بالجانب التقني ، و على اعتبار أيضا أنه لازلنا بعيدين عن تأمين ” أجواء عن بعد ” تؤمن الشفافية و الفعالية في ظل التجاذبات التي عرفها الحزب بعد المؤتمر ، لذلك كان لابد من وسيلة لمشاركتكم الكثير من الأسئلة الحارقة ولم لا الأجوبة المؤلمة المترتبة عليها وتداعيات الموت السريري لكل ما حلمنا به و تعاقدنا عليه بالمؤتمر الوطني الرابع ، بعد ما بذله المناضلات والمناضلين عبر ربوع وطننا الحبيب من تضحيات جسيمة من أجل بناء تنظيم يعزز مقومات نمط الحكامة المؤسساتية الناجعة و الفعالة و يستحضر العمل الجمعي في القيادة و تقدير الاختلاف و احترام الديمقراطية الداخلية ، وأظنني وبما أن المرحلة هي مرحلة هوان كل شئ جميل حلمنا به ومن ضمنه حلمنا بتنظيم كبير في كل شئ ، وبكل المقاييس فإن أحلامي بل وطموحي لن يقويا اليوم على تحمل وزر المطالبة باحترام الديمقراطية الداخلية وما يليها من آليات حلمي اليوم هو احترام عقولنا وٱمالنا واحترام عرق المناضلات والمناضلين الذين بنوا التجربة بكل سذاجة و أيضا بكثير من الايمان.
الرفيقات ، الرفاق :
مرد هذه المداخلة أن نقفا جميعا على عدد من القضايا التي تسائلنا جميعا كل من موقعه ، بدءا باستقالة عدد من القامات الكبار الذي قدموا الشيء الكثير للحزب ( محمد صلوح ، ياسر اليعقوبي …..) ، دوا أن نقف عندها ، وكأنهم نكرات في كل شئ ، وهذا في تقديري مؤشر عن تدني منسوب الثقة في التنظيم وفي التجربة التي اردناها عظيمة فصارت الى عكس ذلك في الوقت أعطت قيادة الحزب الوقت و الجهد للتفاعل و التجاوب مع من لم يدخر جهدا أو وسيلة لاستهداف الحزب و مؤسساته وجر الجميع إلى فترة ما قبل عصر الانوار حيث الابتذال وسلطة النفوذ و الضرب تحت الحزام هي كلمات السر، وحيث يستطيع فقهاء السياسة و نخب الهذر السياسي ان ينجموا دون المرور من ماكينة التنظيم ولا من تربية المواطنة ، و إن كنت مؤمننا بأن الحزب في حاجة لجميع المؤمنات و المؤمنين بمشروعه ، لكن بعد أن اضطلعنا على هذه ” المصالحة ” كغيرنا من المتتبعين للشأن الحزبي ، حيث اختفت الارضيات / المرافعات لتحل محلها صور العناق ، و حيث أوحت الصورة التي أرخت لها بأن الأمر مجرد عملية استحواذ باعة متجولين على عقول مناضلين يرافعون من أجل بناء فعل حقيقي يرتهن الى التصور والتقدير بدل تبادل القبل بين الزعماء وجودة السلفيات .
و ما دامت هذه المصالحة سريعة و سرية و غامضة على أهل الدار و علنية لمن تبقى ، و على اعتبارها أنها كانت أسرع في الولادة و التنفيذ ، حتى أنها اغتالت ثلاث سنوات من عمر الحزب في بناء الارضيات و حشد الأنصار و أيام من المرافعات الطويلة – وليت البناء كان على قدر سهولة هاته المصالحة التي تمت في زمن عمر مباراة بيلياردو كنا فيها الكرات فقط نتلقى الضربات بعصا لا نرى حاملها ولا سلطة لدينا على نتائجها ، ما أحقرنا والحالة هاته – ،و ما دامت هذه المصالحة أيضا ستتحكم في رسم ملامح حزبنا مستقبلا وجب أن نضعها على مشرحة البحث السياسي ، وأن نتساءل : ما مضمونها ؟ و لماذا أضعنا كل هذا الجهد و هذا الوقت من عمر الحزب و عمر كل المنتسبات و المنتسبات للحزب ما دام الصراع / الاختلاف كان يمكن أن يحل و يختفي بمجرد جلسة دامت ساعة أو أقل ؟ و من يدفع فاتورة الإساءة للحزب و مؤسساته و مناضليه ، ما دام الامر كان هينا لهذه الدرجة ؟ .
الرفيقات ، الرفاق :
الأمر من هذا هو سنوات العمر التي ضاعت ونحن نبحث لأنفسنا عن فضاء للتكوين السياسي ونحن طلبة نحلم بالمدينة الفاضلة و نبحث عن الكمال في الفكر و السياسة ، ثم ضاعت ونحن كبار نبحث عن فضاء حزبي أكثر إيجابية حيث الفكر يدحض القبل وحيث النجاعة يثبتها صندوق الاقتراع ليصدمنا الواقع الحزبي المبني على مزاجية القيادة وعدم اكتراثها لمن وضع ثقته فيها .
كانت كلفة التغيير جسيمة في تجربتنا الحزبية وكلفت الكثير من الألم والعمل الشاق على إخراج تعاقداتنا من زاوية المستحيل الى فضاء رحب للممكن والمتمثل في تنظيم بعافية جيدة وقيادة تستوعب التنوع وتجعل ضمن قائمة محظوراتها العودة إلى أساليب عمل مقيتة لا تبني إلا بقدر ما تهدم وتجمع بروفايلات الفشل لأجل تسويق فشل اكثر جسامة.
وللتذكير ولو ان التذكير صار بدوره مكلفا ومرهقا ، فقد ارتكز نداء المستقبل / حزب الأصالة و المعاصرة الذي تبنيته منذ إعلانه على ” كسب رهان بناء حزب المؤسسات ” ، و إصلاح اعوجاجات الحزب و القطيعة مع الممارسات الهدامة و الانتهازية المقيتة و الصراع الداخلي الذي طالما تحكمت فيه الهرولة نحو المواقع و المكاسب ، و فتح الامل و الباب ايضا لممارسة سياسية /حزبية جديدة تقوم على احترام و اعمال الديمقراطية الداخلية و تجديد النخب الوطنية و المحلية و الانفتاح على جيل جديد من القيادات و الكفاءات ، و مما لاشك فيه أن هذه الرؤى و الافكار تطلبت ممن صاغ النداء و دافع عنه شجاعة و رباطة جأش استحضرت الى حد كبير العودة و الانتصار للفكرة التي انبنى عليها الحزب .
وطالما ان التذكير قد صار رياضة وطنية حيث الذاكرة هي ذاكرة السمك فانا اذكر ان نور الشفافية يصنع قيادات المستقبل وان ظلال الكواليس يصنع اشباح المستقبل .
الرفيقات ، الرفاق :
و أنا اقدم هذه المداخلة ، لا يعني أنني أبخس المجهود الكبير الذي بدل في ظل التحديات التي فرضتها جائحة كورونا من طرف المكتب السياسي و اللجنة الوطنية للانتخابات في استعادة توهج الحزب ، غير أنه أيضا وجب التأكيد اننا أخلفنا الموعد مع عدد من التحديات/ القضايا التي تعاهدنا على الترافع عنها في ملحمة الولادة الثانية /المؤتمر الوطني الرابع من قبيل : انصاف مغاربة العالم ، المناصفة و التشبيب على مستوى المسؤوليات التنظيمية و تمثيل الحزب في الاستحقاقات الانتخابية ، المساواة بين المناضلين في الولوج إلى الاعلام العمومي و الاوراش التي فتحها أو يستدعى لها الحزب …إلخ .
الرفيقات ، الرفاق :
التحدي اليوم لا يتعلق فقط بما تم إنجازه بل في تؤكد قيادة الحزب أنها تقدر تضحيات المناظلات و المناضلين و أنها متمسكة بالجميع ، و لن تفرط في أي من المؤمنات و المؤمنين بمشروع الحزب ، والتحدي أيضا في تحقيق الإنجازات و الأدوار الدستورية و الاجتماعية للحزب ومواصلة الانصات إلى نبض المجتمع المغربي بشبابه و نسائه و شيوخها و منع أسباب التردي السياسي من العودة مجددا و تقديم عرض عمومي للمشاركة المواطنة يليق بمغرب الالفية الثالثة .
* عضو المجلس الوطني للحزب