فاعلون يوضحون خلفيات والغرض من التّهم الجنسية
عبّر عبد الرزاق بوغنبور، ناشط حقوقي ومنسق لجنة التّضامن مع الصحفي سُليمان الريسوني، عن أمله في ألا تتأجل محاكمة هذا الأخير، التي ستُعقد في الـ30 من مارس الجاري، على اعتبار أن دفاع الصحفي قد أكد جاهزية الملف، وأن كل المعطيات قد هيئها للترافع، وعلى أساس أن “حرية سليمان معتقلة تعسفيا” بسبب رفض السراح المؤقت الذي تقدّم به الدفاع أكثر من مرة.
وفيما أشار النّاشط الحقوقي، إلى أن الأطراف الأخرى في القضية، ترى ضرورة التأجيل، فقد أوضح أن التأجيل لا يخدم مصلحة سُليمان، وأن الهدف من التأجيل هو الإبقاء على الصحفي أكبر مدة مُمكنة في السجن.
واستغرب بوغنبور خلال مشاركته، يوم الجمعة، في ندوة رقمية مُعنونة بـ”الاعتقال السياسي في المغرب: قضية الصحفي سليمان الريسوني نموذجا”، من ترك سُليمان في السجن، ومنعه من الدفاع عن نفسه، على الرغم من أن الأطراف المقابلة تتوفّر على كل الإمكانات للتحرّك إعلامياً، واللّجوء للمنظمات، والتأثير في الرأي العام.
وأبرز الرئيس السّابق للعصبة المغربية للدّفاع عن حقوق الإنسان، أن اعتقال سُليمان سيّاسي، ووُظف فيه القضاء من أجل تربيته على جرأته ومواقفه، وإلا لماذا يُتابع في حالة اعتقال؟ لمَ لمْ يُتابع في حالة سراح من منطلق أنه ليس هناك ما يُدينه، وعلى اعتبار أنه يتوفّر على كل ضمانات الحضور؟
وبشأن التهم المُوّجهة للصحفي سُليمان، والتي تعود 2018، تساءل بوغنبور: لماذا لم يتقدم (الضحية) منذ سنتين بالشكاية؟ لماذا انتظر كل هذه المدة وقدم شكاية عبارة عن تدوينة، في صفحة مزورة؟ وكيف استطاع الأمن أن يصل إلى هذه التدوينة، من بين ملايين التدوينات؟ وكيف عرف أن الشخص المعني بالتدوينة هو سُليمان؟ ولماذا تمّ الاعتقال منذ البداية؟
وفيما لفت بوغنبور إلى أنه ليس ضد أي كان في أن يتقدّم إلى التقاضي، أكد على ضرورة تمتيع كافة الأطراف بالسراح، حتى يتمتع كل طرف من الدفاع على نفسه، ومن هنا، شدّد على أن المنطق يقتضي أن يكون سُليمان خارج السجن.
وفي المداخلة ذاتها، أبرز الناشط الحقوقي أن ملف الصحفي سُليمان فبركه البوليس السري، أو البنية الشبه السرية، والتي تضم القضائي والأمني والإعلامي، وإلا لماذا لماذا قيل لسُليمان إنه سيُعيّد في السجن.
الحرية والوضوح
ومن جانبه، وفي الندوة ذاتها، تساءل إسماعيل العلوي، أمين عام سابق لحزب التقدّم والاشتراكية، عن الدوافع التي تقف خلف التسلط الذي يستهدف بعض الأشخاص الذين يُعبّرون عن آرائهم بكل حرية ووضوح، طبقا لما ينص عليه الدستور، وما يعرفه البلد من تطور.
وأكد العلوي على أن حرية التعبير لم تكن يوماً جريمة في بلد يُؤسس للديمقراطية، موضحا أن بناء الديمقراطية مرتبط بتوسيع هوامش التعبير.
وفيما أبرز أنه من حق وواجب كل مواطنة ومواطن أن يُعيّر عن رأيه، من أجل المزيد من التقدّم والتطور، فقد استغل الفرصة، ووجه التحايا للريسوني، وكل من يخضع للأسلوب والتعامل الذي تعرّض له، والذي يجب أن ينتهي.
وبعد أن عبّر السيّاسي اليساري، والوزير السابق في حكومة التناوب، عن تخوفه في إعادة ما كان في الماضي، دعا إلى صيانة حرية التعبير، باعتبارها جوهر وأم كل الحريات، الجماعية والفردية، وأساس تطوير الديمقراطية في البلد وحماية حقوق الإنسان.
وفي المداخلة ذاتها، أشاد العلوي بالخطوة التي اتُّخذت في قضية الأكاديمي والناشط الحقوقي المعطي مُنجب، الذي حصل مؤخرا على سراح مؤقت.
مغرب المواطنة
وفي الندوة ذاتها، سجّلت نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، أن المغرب يعيش وضعا يُوشك على الانفجار، بسبب رجوع السلطوية، وضرب الحريات وبالخصوص حرية الرأي والتعبير.
وقالت السيّاسية اليسارية، إننا نرى الدولة وهي تستعد للانتخابات كأن شيئا لم يقع، مبرزة أنهم طالبوا بضرورة أن تكون محطة الانتخابات محطةً لاستعادة الثقة، ومحطةً للمصالحة التاريخية بين أجزاء المغرب، بين شماله وجنوبه، والإفراج عن المعتقلين السيّاسيين، وإحداث قطائع مع الأساليب المعتمدة من طرف الدولة المغربية، كالمحاكمات غير العادلة التي تتجاوز قرينة البراءة.
وشدّدت القيادية ذاتها، على ضرورة إصلاح ورش القضاء، للخروج من قضاء التعليمات، الذي يقمع المعارضين، لافتة أن ذلك يُمكن إذا كانت هناك رغبة، لجعل هذه المحطة محطةً للبناء الديمقراطي، وبناء مغرب العدل والمواطنة.
وعبّرت عن أملها في أن تضع الانتخابات المقبلة المغرب في طريق بناء دولة الحق والقانون، لا أن تكون مجرد “لعبة غير محترمة” تُشارك فيها الأحزاب، بأشخاص غير مثقفين وعديمي الأخلاق، ممّا يُساهم في بقاء الوضع على ما هو عليه.
وأكدت المتحدثة ذاتها، على أن شروط المحاكمة العادلة تنعدم في قضية سُليمان الريسوني، على اعتبار أنه معتقل منذ سنة دون توفر قرائن ثابتة ضده.
وأشارت إلى أنها اطلعت على بعض الأساليب التي تُستخدم، لتبرير الاعتقال السيّاسي، ومنها المس بالحرية والكرامة للشخص، وذلك بتلفيق الاتهامات، التي لا يتسامح معها الشعب، حتى يُصبح اعتقاله مقبولا لدى الرأي العام.
وفي هذا الإطار، وعلى خلفية التهم التي أثيرت مؤخرا، تساءلت منيب: كيف يُعقل هذا؟ لماذا كل هذه التهم المرتبطة بالجنس؟ وتابعت مبرزة أن الغاية منها هــي: تمويه الرأي العام، وبالتالي استمرار الاستبداد.
تُهم مبتذلة
ومن جهته، قال علي بوطوالة، الكاتب الوطني للطليعة الديمقراطي الاشتراكي، إن الاعتقالات والمحاكمات في العهد السابق، أي في فترة حكم الحسن الثاني، كانت تتم بوضوح، بناءً على المواقف السيّاسية، والمطالبة بالحرية التغيير والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وأضاف، في الندوة الرقمية ذاتها، أنه اليوم أصبح فيه اللّجوء إلى أسلوب جديد هو شيطنة المعارضين، وتشويه سمعتهم أمام الرأي العام، موضحا أن الغرض من ذلك هو عزلهم واستعمال اعتقالهم ومحاكمتهم كوسيلة لردع وتخويف وترهيب كل من تسول له نفسه أن يتخذ ذات المواقف.
وأشار بوطوالة إلى أن مثل هذه الأساليب كانت تُستعمل في الأنظمة الفاشية والديكتاتورية، كما حدث في مصر عدة مرات، وفي تونس، وكما حدث في الدول الغربية في عهد النازية والفاشية.
وأبرز أن الأنظمة السلطوية تلجأ إلى احتكار الإعلام، على اعتبار أنه سلاح فعال، وبالتالي تحاول منع أي رأس مخالف، في وسائل الإعلام حتى ولو كانت تلك الوسائل محدودة الانتشار، كالصحافة المكتوبة.
وتأسف بوطوالة على الأساليب التي يتم اللجوء لها، في المغرب، لتدبير التناقضات والخلافات، ولضبط الرأي العام والتحكم فيه، مؤكدا أن هذه الأساليب تؤشر على غياب الديمقراطية، مهما كانت الادعاءات والتصريحات، ومهما كانت الدعاية الخارجية والداخلية أن نحن بلد ديمقراطي.
وشدّد السياسي اليساري، على أن هذا النوع من الاعتقالات يكشف بالملموس هشاشة الوضع الديمقراطي، خصوصا وأن تهم التحرش والاغتصاب لم تكن مألوفة ببلادنا.
وقال إن اللجوء لمثل هذه التهم، هي بغرض عزل أو حجب التعاطف الدولي مع المستهدفين، نظرا لحساسية الغرب تجاه هذا النوع من التهم، إذ أن الغرب يعتبر التحرش والاغتصاب من بين أخطر الجرائم. وأضاف أن هذه التهم، وبسبب تكرارها أصبحت مزعجة ومملة ومقلقة، لأنها وصلت إلى حد الابتذال، وزاد أنه ينبغي وضع حدا لهذا المسلسل الرديء من حيث الإخراج وإطلاق سراح المعتقلين، لأن الخاسر الحقيقي مع الأسف هــو المغرب؛ إذ أنه يخسر سمعته الدولية ومصداقيته.