جدل بطنجة حول استنفاذ الأراضي المخصصة للمقابر


تجدد الحديث في مدينة طنجة عن مشكل استنفاذ الأراضي المخصصة للمقابر، في غياب أي مشروع لمقبرة جديدة، خصوصا وأن المقبرة الرئيسية التابعة للجماعة وهي مقبرة المجاهدين بدأت تتقلص المساحة المتقبية بها للدفن بشكل واضح وبين.

وهذا المشكل طرح منذ 14 سنة على الأقل، وكان الحل آنذاك هو مشروع المقبرة النموذجية بمنطقة الرهراه على مساحة 15 هكتارا، هذا المشروع الذي لقي اعتراضا واسعا من قبل المجتمع المدني المحلي لكونه سيتم على حساب مساحة واسعة من المجال الغابوي. ومنذ إعلان الجماعة عن هذا المشروع في بلاغ لها بتاريخ 13 شتنبر 2011 لم يتم اتخاذ أي خطوة لإنجازه واكتفت ببناء مركز الطب الشرعي الذي تأخر كثيرا ولم يشرع في العمل إلا في 2020 خلال جائحة كورونا.

ولعلاج هذا المشكل قمت بمبادرة فردية في شهري ماي ويونيو سنة 2016 (وكنت آنذاك رئيسا للجنة التعمير وإعداد التراب والمحافظة على البيئة) بإعداد دراسة حول وضعية المقابر المستغلة في ذلك الوقت والطاقة الاستيعابية للمقابر المقترحة من قبل مشروع تصميم التهيئة، ومقارنة كل ذلك بالحاجيات المستقبلية للمدينة، هذه الدراسة أنجزتها بصفر درهم، حيث تعاون معي في إنجازها أطر الجماعة مشكورين في قسم التعمير وقسم حفظ الصحة.

- إشهار -

الدراسة خلصت إلى أن ما كان متوفرا من أراضي صالحة للدفن في مجموع مقابر المدينة لا يلبي حاجيات المدينة إلا لمدة ست سنوات أي أننا سنحتاج لأراضي جديدة للدفن في عام 2022، وأن المقابر الجديدة المقترحة في مشروع تصميم التهيئة وعددها 9 مقابر بمساحة إجمالية تتجاوز 67 هكتارا بالرغم من كونها ستلبي الحاجيات لمدة 28 سنة بالإضافة إلى ال6 سنوات المتبقية للمقابر الموجودة آنذاك، إلا أن نسبة كبيرة من أوعيتها العقارية هي في ملكية الخواص مما سيكلف الجماعة مبالغ كبيرة لحيازتها في الوقت الذي كانت تعاني فيه الجماعة آنذاك من ضائقة مالية بسبب الحجز على مواردها المالية. وكان الاقتراح الذي عرضته في هذه الدراسة هو (كما جاء بالنص):
“نظرا للصعوبات المالية التي تعرفها الجماعة
وتقليصا لنفقات التسيير والصيانة
ومن أجل تدبير عقلاني ومستدام
يقترح الاستغناء عن جميع المقابر الجديدة المقترحة في مشروع تصميم التهيئة،
والعمل على توفير 100 هكتارا من الأراضي خارج المدار الحضري لإنجاز مقبرتين نموذجيتين: الأولى في شرق المدينة والثانية في الجنوب،
وهذا الاقتراح سيضمن توفير حاجيات المدينة من المقابر لمدة 40 سنة”.
اقتنع السيد العمدة آنذاك بمقترحي وعرضه على السيد الوالي الذي وافق هو أيضا مبدئيا عليه، كما عرض السيد العمدة خلاصة نتائج الدراسة على أعضاء المجلس الجماعي.
لكن، وبسبب عدم اتخاذ إجراءات عملية لتفعيل المقترح، اضطر السيد العمدة للعودة إلى مشروع المقبرة النموذجية بغابة الرهراه، وكلف مكتبا للدراسات بإعداد دراسة تهيئة هذه المقبرة، والتي توصلت إلى أن أراضي المقبرة لن توفر إلا عددا محدودا من المقابر لكون الموقع عبارة عن منطقة صخرية ذات انحدار شديد.
وكحل مؤقت للمشكل قامت الجماعة في عام 2020 بتوسيع مقبرة المجاهدين، بنزع ملكية الأراضي المجاورة تكفي لخمس أو ست سنوات للدفن. وفي نفس الوقت تم اقتراح مقبرة كبيرة في منطقة مغوغة بمساحة 26 هكتارا (انظر تصميم تهيئة مقاطعتي مغوغة والسواني).
لذلك، يبقى مقترح المقبرتين النموذجيتين هو المقترح الواقعي الذي ينبغي على الجماعة وسلطات الوصاية العمل من أجل إخراجه لحيز الوجود.
وللتذكير، فإننا كنا نخطط في حالة الموافقة على المقترح، باستغلال أراضي المقبرتين كمشتل جماعي تتقلص مساحته تدريجيا مع توسع مناطق الدفن.

أحمد الطلحي
خبير في البيئة والتنمية

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد