ملاحظات المجلس الاقتصادي بشأن “مشروع قانون الإضراب”
عاب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على مشروع قانون الإضراب- الذي باشر مجلس النواب نقاشه في اعقاب اعادته من طرف الحكومة، بعد أن أحيل عليه لأول مرة سنة 2016- (عاب) تغليبه للبعد الزجري، حيث خصص 12 مادة من أصل 49 لذلك، مما يرجح المقاربة التقييدية ويخلق انطباعا غير ايجابي وتوجسي تجاه المبادرة التشريعية برمتها.
واعتبر المجلس، ضمن رأيه حول مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15، أن “اللاتوازن يطبع هيكلة مشروع القانون التنظيمي، حيث خصص 22 مادة من أصل 49 تتعلق بممارسة حق الاضراب في القطاع الخاص، في حين لم يخصص المشرع سوى 4 مواد لممارسة نفس الحق في القطاع العام والمؤسسات العمومية”.
وأغفل المشروع، وفق المصدر ذاته، “إفراد بيان أو مادة تمهيدية توضح روح القانون وفلسفته، إلى جانب الاهداف والمقاصد المرجوة منه مع التذكير بالأسس والمرتكزات التي ينهل منها قواعده”.
وأكد المجلس أن تعريف الاضراب كما ورد في النص التشريعي يطرح إشكالات متعددة ومن ضمنها، حصر ممارسة الحق في الاضراب على الاجراء دون غيرهم من الفئات الاجتماعية الأخرى، بالإضافة لعدم توضيح المقصود بالمصلحة الاجتماعية والاقتصادية المباشرة.
وأوصى المجلس في هذا السباق بإعادة النظر في تعريف الإضراب مما سيستلزم مراجعة المشروع برمته ليجيب على كل الإشكالات المطروحة، وعلى رأسها تدارك ضم جميع الفئات المهنية التي تتمتع بحرية الانتقاء النقابي طبقا لأحكام الدستور والمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل كالعاملات والعمال المنزليين والتجار والمهن الحرة.
وبخصوص حق الدعوة للاضراب، يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ضرورة التنصيص، سدا للفراغ التشريعي على أن لكل المنظمات النقابية والجمعيات المهنية المؤسسة والمعترف بها قانونيا الحق في الدعوة إلى الإضراب متى توفرت لها التمثيلية. داعيا إلى مراجعة كل الإشكالات المتعلقة بالتمثيلية ومعاييرها في القطاعين العام والخاص، بما يسمح برفع القيود عن ممارسة حق الإضراب والحق في التنظيم ويعكس التمثيلية الحقيقية على مستوى الشرعية والمشروعية.
وعند حديث المشروع عن الفئات الممنوعة من الإضراب، أوصى المجلس بتحديد النص التشريعي بوضوح وإلى أضيق حد ممكن فئات الموظفين العموميين الذين يتم تقييد حقهم في الإضراب، بما يتوافق مع توجهات منظمة العمل الدولية والتجارب الدولية التي تقيد هذا الحق عادة بالنسبة لحملة السلاح والفئات التي تمنع أنظمتها الخاصة صراحة ممارسة حق الإضراب.
وبخصوص الملف المطلبي، شدد المجلس على ضرورة تحديد الشروط والكيفيات لتنظيم هذه العملية، مقترحا التمييز بين المطالب الاستعجالية الخاصة بإيفاء الحقوق وتنفيذ الالتزامات وقضايا الصحة والسلامة وبين المطالب المادية المتعلقة بتحسين الدخل. وكذا الاهتداء بالممارسات العملية في هذا المجال التى تتوافق مع خصوصيات المرافق والوحدات الإنتاجية، وإسناد دور التتبع والمواكبة والتوثيق لمفتشية الشغل.
كما أوصى المجلس بتجنب إدراج عقوبات سالبة للحرية، مع مراجعة كل مقتضيات القوانين التي تتنافى مع الحق في ممارسة الإضراب وخاصة الفصل 288 من القانون الجنائي، وذلك بإلغاء المقتضى الذي يفيد أنه يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إلى خمسة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط من حمل على التوقف الجماعي عن العمل أو على الاستمرار فيه.
وشدد المجلس على ضرورة العمل على جعل المشروع منسجما مع المرجعية الدستورية والالتزامات والمعايير الدولية ويرسي الامن القانوني والحقوقي ويضمن توازن المصالح لضمان بيئة سليمة ومستقرة تقل فيها المنازعات والانحرافات ويسهل فيها الاحتكام إلى سلطة القانون والقضاء.