اقتصاد الصورة في فيلم “حياة الماعز”
تحتاج السينما مصاريف باهضة للإنتاج، تمثل بعض أفلام “هوليود” هذا النموذج على المستوى العالمي. وهناك أمثلة أخرى قليلة تكون “مدعمة” لغرض معين، أحيانا لا يعبر عنه صراحة، كما وقع مع فيلم “الرسالة”..
أي منتج سينمائي خاص يغامر ماليا من أجل فيلم، وهو طبعا ينتظر الربح. لهذا يحاول تنويع مصادر التمويل وليس الحصول على” الدعم” كما هو حاصل في المغرب..
التمويل يكون كذلك من أجل “ربح”معين..
قد تساهم قناة تلفزية في الإنتاج، مقابل عرض الفيلم على جمهورها الواسع بعد الانتهاء من عروض القاعات.
قد يكون التمويل من طرف شركات كي تظهر منتوجاتها من خلال العرض..
وحتى جماعات منتخبة محلية أو جهوية تقدم بعض الدعم كما يحصل مثلا في فرنسا..
وأمام ضعف التمويل أو عدم كفايته يلجأ المخرج السينمائي (وحتى كاتب السيناريو) إلى تبني نوع من “الاقتصاد” في النفقات منذ البداية، خاصة طريقة اختيار المشاهد وأماكن التصوير..
في حالة فيلم حياة الماعز هناك الكثير من المشاهد التي تؤكد هذا المَخرَج، رغم أن ذلك يُضعف نسبيا من قوة الفيلم، لكنه حلّ لابد منه..
أهم هذا الاختيار يتجلى في حظيرة المواشي؛ بسيطة جدا، بل بدائية، مشكّلَة على عَجَل، ويلجأ المصور إلى أخذ صور جانبية مصغرة حتى لا تظهر الحقيقة الفاضحة.
ثم الالتجاء إلى تقنية صنع الصورة بالفيديو، ودمجها في الفيلم، مثل مشهد “طناطح الخرفان”، ومشهد “النسور الصلعاء”، والأفاعي وهي تزحف حول قدميّ “نجيب” في الصحراء، ومشهد هجوم العواصف الرملية على الفارين الثلاثة..
لو عزلت هذه المشاهد وأعدت مشاهدتها، ستظهر خافتة بدون حس فني وتعبيري، ما يشفع لها غير موضوع الفيلم وقوة التشخيص من طرف الممثلين.
لكن أهم لقطة ظهر أنها تمثل “اقتصاد الصورة”، هي لما خرج “نجيب” من المطار ليعود إلى بلده، اكتفى المخرج بإظهار جزء من الطائرة وعليها كلمة AIR مكتوبة بخط أحمر، وبذلك تجاوز ذكر أية شركة، واللقطة أعطت أكلها.
عند متابعة الفيلم تظهر مشاهد ولقطات كثيرة من هذا الصنف، مثلا المكان الذي أنزل فيه” نجيب” من طرف صاحب سيارة.. رغم أنه شارع بمدينة ويحيل على بلد أو أكثر، لكن يظهر مجال حركة الممثل ضيقا، وقد أعدّ بعناية، من ذلك ظهور شابين بلباس سعودي طردا “نجيب” وهو يحتك بسيارة أحدهما.
في مجال السينما ليس بالضرورة توفير ميزانية صخمة ليكون الفيلم ناجحا.
—————-
للإطلاع على مقال سابق للكاتب مصطفى المودن: