بووانو “يقصف” النقابات بسبب “قانون الإضراب”
تساءل رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب، عبد الله بووانو، عن السبب الذي جعل مشروع قانون الإضراب لا يَطرح مشكلا عند النقابات اليوم، مع أنها هي نفسها التي ظلت ترفض مناقشته في البرلمان، مردفا، “لابد من معرفة أسباب الرفض قبل 2021 وأسباب القبول اليوم، وهل هذه الأسباب لها علاقة بالمصلحة العامة أو مصالح خاصة”.
وشدد بووانو خلال المناقشة العامة لمشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، أمام لجنة القطاعات الاجتماعية، أمس الخميس 18 يوليوز الجاري، على أن المغرب مدعو لاستباق الاستثمارات التي سيستقبلها في إطار الاستعداد لتنظيم كأس العالم، لكن لابد من إعمال التوافق في قانون الإضراب.
ودعا رئيس المجموعة النيابية، وفق ما نقله موقعها الرسمي، إلى إشراك جميع الأحزاب وجميع النقابات، وتابع مخاطبا الحكومة: “إذا كنتم ستأخذون برأي رئيس إحدى النقابات وتقصون بعض الأحزاب وبعض النقابات، فإنكم ستخالفون توجيهات الملك، وستسعون إلى الفتنة”.
وأردف قائلا “نحن مستعدون للتعاون وتيسير المصادقة على مشروع قانون الاضراب، بشرط إشراك الجميع، وبشرط احترام الثقة فيما بيننا، وأنا تلقيت اتصالات من رئيس مجلس النواب بهذا الخصوص، ومستعدون حتى لعدم تقديم تعديلات، ولو أن رئيس الحكومة يعتبر ذلك ضعفا من المعارضة، ولو أن كذلك بعض الكتبة الذين كانوا برلمانيين وأصبحوا ربما مأجورين، يكتبون بأن المعارضة تائهة، والحقيقة أنه هو التائه، لأنه كان في حزب واليوم لا تُعرف له وجهة حزبية”.
وأوضح بووانو أن “المعارضة تعرف ما تفعل، وبإمكانها أن تمارس جميع حقوقها باقتناع وباقتدار، وكان بالإمكان أن تحرص على تطبيق النظام الداخلي، الذي ينص على تقديم المشروع، وبرمجة المناقشة العامة في وقت لاحق، لكن قدرنا أن مصلحة البلد تقتضي أن نشرع في المناقشة العامة، ولذلك نحن اليوم هنا”.
وعبر المتحدث ذاته عن أمله في أن يحمي قانون الاضراب العمال من تعسف العديد من أرباب العمل، كلما طالبوا بحقوقهم أو أسسوا مكاتب نقابية، وأن يوضح هذا القانون عددا من الإشكالات، ومنها الاضراب السياسي والاضراب الاحتجاجي، والاقتطاع من الأجر بسبب الإضراب، وغيرها من الاشكالات، ونأمل كذلك أن يرافق هذا القانون قوانين أخرى لها علاقة به، منها مدونة الشغل، ومراجعة المنظومة القانونية لانتخابات المأجورين.
وسرد بووانو كرونولوجيا إقرار مشروع القانون المذكور، مشيرا إلى أن المشروع المعروض على مجلس النواب، صادق عليه المجلس الوزاري سنة 2016، رغم أن البعض يريد أن يتبرأ منه، مبينا أن الملك يدعو دائما البرلمان للقيام بأدواره، بمعنى أنه يمكن تعديل القوانين وتحسينها أو تجويدها، لكن بالجدية المطلوبة.
ودعا لإخضاع مدارسة هذا المشروع لمنهجية مماثلة للتي عملت بها الحكومة سنة 2013، حيث أصدرت منهجية للتفاوض الاجتماعي، وأحدثت لجنة عليا للتشاور برئاسة رئيس الحكومة، تتضمن أمناء أحزاب الأغلبية والنقابات الأكثر تمثيلية، ورئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
واسترسل المتحدث ذاته، “وتقرر حينها أن تنعقد اللجنة بالتناوب مع اللجنة الوطنية للحوار الاجتماعي، وكلما دعت الضرورة لذلك، وانتظام اجتماعات اللجنة الوطنية للحوار الاجتماعي، وإعطاء دينامية جديدة للجنة الحوار بالقطاع العام والاتفاق على جدول القضايا، ثم إطلاق حوار ثلاثي يتعلق بالقطاع الخاص بين وزارة التشغيل وأرباب المقاولات والمركزيات النقابية”.
وتابع: “وتتضمن المنهجية كذلك مبادئ عامة، والطابع الثلاثي لتركيبة اللجان، وانتظام الانعقاد والتمييز بين الطابع المركزي واختصاصات لجان القطاع الخاص ولجنة القطاع العام وتفعيل آليات الوساطة”، متسائلا عن السبب الذي يمنع إخراج هذا القانون إلى الوجود؟.
وذكر أن هناك من يدعو لسحب مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب فقط لأن حكومة العدالة والتنمية هي من أعدته، فلم يجدوا سبيلا لسحبه، مؤكدا أن الحكومة لا يحق لها دستوريا سحب هذا المشروع.
وعن كرونولوجيا إقرار المشروع، قال بووانو إن حكومة عبد الإله ابن كيران اشتغلت على المشروع، وتم تقديمه في المجلس الحكومي بتاريخ نونبر 2013 ووقعه وزير الشغل وقتها عبد السلام الصديقي.
وتلا ذلك حسب بووانو، خطاب الملك في افتتاح السنة التشريعية -أكتوبر 2015-، والذي جاء فيه “كما أن بلورة مشروع القانون التنظيمي للإضراب يقتضي إجراء استشارات واسعة والتحلي بروح التوافق البناء بما يضمن حقوق الفئة العاملة ومصالح أرباب العمل ومصلة الوطن”، وفي فقرة أخرى من الخطاب يقول الملك: “أما فيما يخص النصوص المعروضة على البرلمان فإننا ندعو للإسراع بالمصادقة على مشاريع القوانين التنظيمية الخاصة بالسلطة القضائية، إضافة إلى مشروع قانون هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز”.
وذكر بووانو أنه تم إعداد نسختين من مشروع القانون، وتم اعتماد النسخة التي صادق عليها المجلس الوزاري في 26 شتنبر 2016 ولذلك لا يمكن تغييره، حيث جاء في بلاغ الديوان الملكي بأن هذا المجلس الوزاري “إثر ذلك وفي إطار مواصلة تفعيل المقتضيات الدستورية تدارس المجلس الوزاري وصادق على ثلاث مشاريع قوانين تنظيمية… صادق المجلس الوزاري على مشروع قانون تنظيمي يتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، ويهدف هذا المشروع الذي تم إعداده طبقا للفصل 29 من الدستور، وطبقا للمعايير الدولية المعترف بها من طرف منظمة العمل الدولية، إلى تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاعين العام والخاص، وفي المرافق الحيوية، كما يحدد في إطار التوازن بين الحقوق والواجبات التدابير الواجب الالتزام بها قبل وأثنا القيام بالإضراب والعقوبات المطبقة على مخالفي أحكام هذا القانون التنظيمي، فضلا عن تمكين السلطات العمومية من ضمان النظام العام وحماية الأشخاص والممتلكات”.
واعتبر رئيس المجموعة، أن مشروع قانون الاضراب ووجه برفض ممنهج، مذكرا بأن الحكومة استدعت سنة 2013 النقابات وتم الاتفاق على عدة اجراءات، لكن النقابات رفضت التوقيع، باستثناء نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، رغم أنها خرجت في مسيرات ضد الحكومة سنة 2013، لكن مواقفها بقيت متميزة في الحوار الاجتماعي إلى الآن.
وشدد المتحدث ذاته، أن “ما تم تقديمه في الحوار الاجتماعي ما بين 2011 و2016 وما بين 2017 و2021، كبير جدا، لكن النقابات رفضت التوقيع على الاتفاقات، وكانت تواجه ابن كيران بأنها لن تعطيه فرصة مثل هاته، والذي حصل هو أن زواج المال بالسلطة وبالنقابات كان معروفا منذ هذه الفترة، ولم يُطرح زواج القاصرات لأن بعض النقابات التي تم الزواج بها كانت قاصرة، ولم يُطرح كذلك التعدد، رغم أن المال تزوج بأكثر من ثلاث نقابات”.
وقال بووانو، إنه خلال حكومة سعد الدين العثماني، أجرى مبادرة من نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، حوار اجتماعيا، لكن بعض النقابات رفضت التوقيع على المحضر مع رئيس الحكومة، فباشر الحوار وزير الداخلية، متسائلا لماذا اليوم أصبح التوقيع متاحا دون مشاكل، وخاصة من إحدى النقابات التي يحضر رئيس الحكومة لمؤتمراتها وتحضر لمؤتمراته.
وذكّر رئيس المجموعة النيابية، بمطالب بعض النقابات بتوقيف مناقشة مشروع قانون الاضراب بعد أن باشر الوزير محمد يتيم حينها المشاورات بشأنه.