التحول الرقمي في المغرب… تسريع الجاهزية وبطء الإقبال


نشر الموقع الإلكتروني أندبندنت عربي(independentarabia) يومه الخميس 7 دجنبر، مقالا للصحافي نوفل الشرقاوي تحت عنوان” التحول الرقمي في المغرب… تسريع الجاهزية وبطء الإقبال”.

وقد أحال فيه إلى إفادات الباحث في التحول الرقمي سليمان العمراني.

ونعيد نشره لكل غاية مفيدة

شرع المغرب منذ نهاية الألفية الثانية في التخطيط لمسار التحول الرقمي بهدف تيسير الخدمات العمومية والحد من البيروقراطية ومحاربة الفساد.

ومع مطلع الألفية الثالثة شرعت البلاد في اعتماد إطارات قانونية ومؤسساتية للتعجيل بالانتقال الرقمي، منها إنشاء اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في عام 2009، التي تعمل على “التحقق من أن عمليات معالجة المعطيات الشخصية تتم بصورة قانونية، وأنها لا تمس بالحياة الخاصة أو بحقوق الإنسان الأساسية أو بالحريات”.

وفي عام 2017 أنشئت وكالة التنمية الرقمية (الحكومية) لمراقبة تطبيق استراتيجية المغرب في مجال التنمية الرقمية، وتشجيع ونشر الوسائط الرقمية بين المواطنين، وعبر مجموعة من المهام التي تهدف إلى هيكلة المنظومة والعمل على خلق فاعلين متميزين في الاقتصاد الرقمي، وتشجيع الإدارة الرقمية عبر تقريبها للمرتفقين، إضافة إلى أنه اعتمدت مخططات “المغرب الرقمي 2009 – 2013″، و”المغرب الرقمي 2020″، إضافة إلى المخطط الحالي “المغرب الرقمي 2030”.

تسريع التحول

من جانبها أعلنت الوزيرة المنتدبة المكلفة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة غيثة مزور أن الحكومة تعمل على تسريع عملية التحول الرقمي، لا سيما من خلال تعزيز اندماج وجودة ورش الحكومة الرقمية، مؤكدة أن المغرب يسعى إلى التحول من بلد مستهلك للرقمنة إلى بلد منتج لها، بخاصة عبر قطاع ترحيل الخدمات، وكذلك قطاع الشركات الناشئة القادرة على المساهمة بصورة فعالة في إنتاج الرقمنة محلياً، لافتة إلى أن عدد المنصات الرقمية لتيسير الخدمات الإدارية فاق 600 منصة.

وكان وزير الصناعة المغربي رياض مزور قد صرح في وقت سابق بأن مسار التحول الرقمي الذي تم بين عامي 1991 و2021 أسهم في خلق نحو 1.2 مليار وظيفة عمل جديدة في المغرب.

انتقال بطئ

ويؤكد باحثون أنه على رغم اعتماد المغرب استراتيجيات مهمة باتجاه الانتقال الرقمي، فإن تطبيق ذلك الانتقال يشهد تعثراً وتفاوتاً، إضافة إلى عدم تطبيق جميع نواحي المخططات المحددة لذلك الغرض، ووجود ضعف جزئي للبنيات التحتية الرقمية.

وأشار الباحث في مجال إصلاح الإدارة والتحول الرقمي سليمان العمراني إلى وجود بطء في الانتقال الرقمي بالمغرب على رغم وجود وزارة خاصة بذلك الانتقال، والجهود الرسمية المبذولة في ذلك المجال، وكذلك ما نص عليه البرنامج الحكومي من مقتضيات في هذا الإطار، ولكن بالمحصلة تظل العبرة بالمنجزات المحققة فعلياً. وأوضح أن مسيرة التحول الرقمي تمشي بسرعتين، باعتبار وجود مؤسسات عمومية رائدة رقمياً، تعتمد نماذج متقدمة من التحول الرقمي وتقدم خدمات عمومية متميزة، في مقابل تواضع كبير لمؤسسات حكومية أخرى ولجماعة ترابية من حيث اعتمادها على المجال الرقمي.

قاطرة مؤسساتية

وأكد العمراني أن مسار التحول الرقمي في المغرب لا يزال يفتقد قاطرة مؤسساتية، مشيراً إلى أن “هناك وزارة تنهض بهذه الورش وتقوم عليها، ولكن الطبيعة الاستراتيجية للتحول الرقمي ووظيفتها الإنتاجية لا تسمح بأن يكون هذا القطاع قادراً على تحقيق كل الرهانات المطروحة، إذ إن التجارب الرقمية الناجحة في العالم وراءها إدارات مؤسساتية على أعلى مستوى، من أهمها مؤسسات يديرها رؤساء الحكومات ورؤساء دول”.

ولفت الباحث المغربي إلى أن من المحتمل معالجة ذلك الخلل عبر مصادقة الحكومة قبل أسبوعين على القانون المنشئ للجنة الوطنية للتنمية الرقمية، والذي أناط بهذه اللجنة مهمة الإشراف على بلورة استراتيجية التنمية الرقمية، ومواكبة تنزيلها والإشراف على تنفيذها.

تقارير دولية

- إشهار -

تباطؤ مجال الانتقال الرقمي في المغرب يؤكده تصنيف التقارير الدولية، وفق ما ذكر العمراني، مشيراً إلى أن “الخطاب الحكومي يركز على بعض التموقعات الجيدة في بعض المؤشرات، خصوصاً على المستوى الأفريقي، بينما تغيب التصنيفات الدولية التي تحتل فيها البلاد مراتب متواضعة جداً”، مستدلاً على ذلك بمؤشر الحكومة الإلكترونية للأمم المتحدة الذي يصدر كل سنتين عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، والذي صنف الرباط في 2022 في المرتبة 101 من أصل 193 دولة، بعدما حلت في المركز 106 في تقرير 2020. واستشهد الباحث كذلك بمؤشر جودة الحياة الرقمية الصادر عن منظمة “surfchark” البريطانية، والذي صنف المغرب عام 2020 في المرتبة الـ70 عالمياً، وفي 2021 حلت في المرتبة 84، ثم في المرتبة الـ71 من أصل 117 دولة، والثامن عربياً، والثالث أفريقياً العام الماضي.

وأكد العمراني أن “المغرب غني بكفاءاته البشرية في مجالات عديدة، وليس التحول الرقمي استثناءً من هذه القاعدة، وهناك جهود عمومية مقدرة تبذل من أجل تثمين تلك الطاقات على المستوى الرقمي وتنمية الإنتاج التكنولوجي الوطني”، موضحاً أن هناك جهوداً حكومية لجذب الاستثمارات الخارجية لتوطين التكنولوجيا، إذ تتواصل عمليات ترحيل شركات عالمية لخدماتها للمغرب، وتسهم بذلك في إنعاش التشغيل.

تنمية وتمكين

وذكر الباحث أن هناك تكوينات تتم على المستوى الجهوي والوطني من أجل تنمية الكفاءات الرقمية، من قبيل البرنامج المعتمد مع وكالة التنمية البلجيكية (E-tamkeen) الذي يهدف إلى تمكين 10 آلاف من موظفي القطاع العام، وكذلك برنامج الأكاديمية الرقمية للتكوين الرقمي من بعد المعتمد من وكالة التنمية الرقمية (وكالة حكومية تراقب تنفيذ استراتيجية التنمية الرقمية)”، مشيراً إلى أن “الجديد اليوم هو الاتفاق المبرم بين وزارة الانتقال الرقمي والإصلاح الإداري ووزارة التعليم العالي الذي يستهدف في أفق 2027 تكوين 22500 كفاءة على المستوى الجامعي في المجال الرقمي، وهو الأمر الإيجابي في التجربة الوطنية، لكن مع ذلك فإنه لا يستجيب لكل الرهانات المطروحة”.

وعلى رغم أن المغرب يشهد ارتفاعاً كبيراً للوسائط الرقمية يفوق بعضها عدد السكان، فإنه في المقابل يشهد ضعفاً في حجم الثقة في استخدام الخدمات الرقمية، حيث يشير سليمان العمراني إلى “مستوى الانتشار الكبير للأدوات الرقمية في المجتمع، إذ أحصت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات في آخر تقرير لها لشهر سبتمبر (أيلول) الماضي وجود ما يتجاوز 54 مليون هاتف محمول في المغرب، وأكثر من 34 مليون انخراط في شبكة الإنترنت بأنواعها المختلفة”، وفي الوقت نفسه ضعف الثقة الرقمية لدى المجتمع، إذ إن عموم المواطنين ليس لديهم إقبال على استعمال ما بحوزتهم من الهواتف المحمولة في الخدمات الإلكترونية.

حيازة معلومات

من جانبه، أوضح الباحث في القانون العام والعلوم السياسية عبدالرفيع زينون أن الانتقال الرقمي في الإدارة العمومية بالمغرب شهد تطوراً من خلال عديد من التطبيقات والبوابات الإلكترونية التي أسهمت بصورة كبيرة في تيسير إجراءات الحصول على الوثائق الإدارية، مشيراً إلى أن مسار التحول الرقمي أنتج في المقابل “البيروقراطية الرقمية”، المتمثلة في صعوبة الاستفادة من الخدمات، بالنظر إلى التفاوت في حيازة تكنولوجيا المعلومات.

وأوضح زينون أن المؤشرات الرسمية لتقييم الإدارة الإلكترونية قد تخلق انطباعات غير حقيقية، بالارتكاز في عملية تقييم التحول الرقمي على مؤشرات كمية وانتقائية لا تعكس فاعلية وجودة الخدمات المقدمة، مثل معدل زيارات المواقع وعدد ردود المجيب الآلي وحجم الخدمات والملفات المتاحة، بغض النظر عن استجابتها للحاجات الفعلية للمرتفقين.

وأشار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (الحكومي) في دراسة صدرت عام 2022 إلى وجود عديد من مكامن الضعف في مجال الانتقال الرقمي بالمغرب، منها على وجه الخصوص “تسـجيل تأخر فـي تنفيذ الاستراتيجيات السابقة المعتمدة في قطاعات عدة منها الإدارة والصحة والتعليم والصناعة”.

ونوه المجلس بوجود تغطية جغرافية ضعيفة علـى مستوى البنى التحتية الخاصة بالإنترنت ذي الصبيب العالي والعالي جداً، وكذلك الطابع المجزأ وغير الملائم أحياناً للإطار التشريعي والتنظيمي، وخصوصاً مـا يتعلق بالعمل من بعد، وغياب فاعلين تكنولوجيين محليين، مع ضعف إنتاج محتوى رقمي وطني ثقافي وتعليمي، وغياب خريطة طريق وطنية للذكاء الاصطناعي.

كفاءات بشرية

يشهد المغرب تنامياً في الكفاءات البشرية في عديد من المجالات، خصوصاً في مجال التقنيات الحديثة، إذ قالت الوزيرة المغربية المنتدبة في الانتقال الرقمي، “إن البلاد تسير بقوة في مسار التحول الرقمي، وأكثر ما يمكن أن يسرع هذا التحول الرقمي هو الكفاءات البشرية، لأن الرقمنة مجال معرفة بامتياز”، مضيفة أن المملكة تزخر بشباب متفوق في مجال الرقمنة وقادر على التعلم وله قابلية للتأقلم بسهولة مع التقنيات الحديثة.

وكان رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش قد شدد على كون ورش التحول الرقمي تدخل في صميم أولويات العمل الحكومي، باعتبار أن رقمنة الإدارة وسيلة أساسية لتحقيق الفعالية والشفافية وتعزيز الثقة بين الإدارة والمواطن، موضحاً أن “الحكومة تجعل من إصلاح الإدارة العمومية ورقمنتها، حجر الزاوية لكل إصلاح إداري واقتصادي واجتماعي للدفع بعجلة التنمية وتقديم أفضل الخدمات، من خلال جعل الإدارة فعالة وفي خدمة المواطن، وذلك من خلال تقريبها من المرتفقين وتحسين خدماتها عبر تسريع وتيرة التحول الرقمي”.

المصدر: موقع “مرصد التحول الرقمي”

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد