لزرق: احتجاجات التعليم عرَّت أزمة الفعل النقابي في المغرب
ملف إدارة الحوار بين الحكومة والنقابات فيما يهم النظام الاساسي، ورفضه من قبل التنسيقيات، يؤكد أن الأساتذة لا يحتجون فقط بخصوص النظام الاساسي بل يحتجون كذلك على النقابات و طريقة تدبيرها للحوار و المواضيع التي حققت فيها مكتسبات، والتي لا تلبي تطلعات الاساتذة، وتنفيذ كل الاتفاقات الموقعة منذ اتفاق أبريل 2011.
الأمر الذي يطرح سؤال مصداقية النقابة في تمثيل رجال و نساء التعليم، و يجب الانتباه له، فالفعل النقابي بات محتكرا من قبل محترفي التنظيم، و خضوع النقابات للهيئات السياسية في ملفات لها تاثير، وعجز الاطار النقابي عن التجدد في زمن الثورة الرقمية، و الحال أن تأثير التنسيقيات، يطرح مسألة الثقة في النقابات حيث استطاعت هذه التنسيقيات تأطير حراك الاساتذة ،الشيء الذي فشلت فيه النقابات لانتزاع مكاسب من الحكومة،
بفعل انتماء بعضها لاحزاب التحالف الحكومي، و هذا ما جعل عددا كبيرا من المدرسين يكتشف أن النقابة جزء من الأحزاب، تحاول ايجاد تسوية على حساب الاستاذ بدل الدفاع الحقيقي عن المصالح الفئوية في إدارة المفاوضات، لهذا فان اخراج النظام الاساسي وجد رفضا لم تستطع النقابات التحكم فيه مما اجبرها على التراجع تحت ضغط التنسيقيات التي توجهت نحو التصعيد .
ان اتهام فصيل سياسي بتسيس مطالب الاساتذة، معارض للمؤسسات عن التعبير عن نفسه والدخول في باب المزايدات أربكت الحكومة، وهذا الفصيل لا يفوت الفرصة للاستعراض في مختلف القضايا.
لا يجب ان يُحجب علينا أن هناك أزمة حقيقية للطبقة الوسطى وللفعل النقابي مما يفرض سؤال قدرة هذا الأخير بشكله الحالي عن القيام بادوارها مع بروز جارف للتنسيقيات.
وهذا التجاذب يؤثر على السلم الاجتماعي ويعطي شكوكا للمستثمرين المغاربة والأجانب في مناخ العمل والسلم الاجتماعي بالمغرب في ظل موجة المطالب وإجبار المؤسسات على زيادة الأجور والعلاوات أيا كان وضعها المالي رابحة أم خاسرة.
كما يتطلب من النقابات التجدد ومواكبة الثورة الرقمية عبر التواصل. ولعل هذا ما قوى الشكوك وافرز ديناميكية وظفتها التنسيقيات على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، في مقابل فعل نقابي لازال رهينا للحزب السياسي أو في انتظار تقدير الزعيم مما جعل الاساتذة يجدون في التنسيقيات اطارات لتحقيق مطالبهم، في المقابل لازالت النقابات مسيطر عليها من لدن محترفي التنظيم و انتظار الاشارات ، و اغلاق الأبواب أمام كفاءات اظهرتها التنسيقيات التي هي فضاء ديمقراطي منفتح على الافكار.
و هذا الامر يظهر بشكل جلي حيث ان عدد التنسيقيات تجاوز 21 تنسيقية، في حين عجزت أربعة تمثيليات نقابية عن احتضانهم، و لهذا فإن المفاوضات القادمة المرتقبة ستكون محكا حقيقيا أمام مطلب إشراك التنسيقيات جنبا لجنب مع النقابات الأربع المشاركة في المفاوضات بغية ايجاد حلول.