هل انتهت الأزمة المغربية الفرنسية؟
اعتبرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن تعيين الملك محمد السادس للإعلامية المغربية-الفرنسية، المقيمة في باريس، سميرة سيطايل، سفيرة جديدة للملكة لدى فرنسا، أحدث مفاجأة، كون الصحافية، التي أمضت معظم حياتها المهنية مديرة للأخبار في القناة التلفزيونية العامة الثانية في المغرب، لم تشغل قط أي منصب سياسي أو دبلوماسي.
“لوموند”، نقلت عن الصحافي والمحلل السياسي عبد الله الترابي قوله إن “السيرة الذاتية لسميرة سيطايل لا علاقة لها بالسّير الذاتية للوزراء أو الدبلوماسيين رفيعي المستوى الذين شغلوا قبلها منصب سفير المغرب لدى فرنسا. وبالتالي، فهو تعيين غير مسبوق، لكنه يستجيب بلا شك لمنطق معين، لأن المغرب يريد إسماع صوته بشكل أفضل في فرنسا. والسفيرة الجديدة، تعرف وسائل الإعلام، وتعرف كيف تتحدث معهم، ولديها شبكة في الصحافة والثقافة، تتجاوز المجال السياسي فقط”.
أسست سميرة سيطايل، المقيمة في باريس، حيث يشغل زوجها منصب سفير المغرب لدى اليونسكو، شركتها الاستشارية في مجال الاتصال منذ بضعة أشهر، تُشير “لوموند”، موضّحة إلى أن هذه الأخيرة غير معروفة في فرنسا، لكنّها اكتسبت مؤخرا بعض السمعة بعد ظهورها على قناة BFM-TV الفرنسية ذائعة الصيت عقب الزلزال الذي وقع في الثامن من شتنبر، والذي تسبب في وفاة نحو ثلاثة آلاف شخص، حيث احتجت بشدة على الجدل الذي أثارته وسائل الإعلام الفرنسية بعد اختيار المغرب قبول المساعدات من أربع دول فقط هي إسبانيا وبريطانيا وقطر والإمارات العربية المتحدة، رغم عرض حوالي 60 دولة منها فرنسا تقديم المساعدة.
وقالت سميرة سيطايل، حينها: “من الخطير للغاية أن نقول إن المغرب يرفض المساعدة من دولة ما، بل إن ذلك يمثل دعوة للتمرد من قبل المواطنين المغاربة.. المغرب هو دولة ذات سيادة”.
ولاقى احتجاجها هذا ترحيبا واسعاً في الإعلام المغربي وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك في أوج أزمة دبلوماسية بين المغرب وفرنسا.
وتساءلت “لوموند”: هل يُعلن تعيين سميرة سيطايل عن بدء ذوبان الجليد بين البلدين، اللذين تمر علاقاتهما بأزمة عميقة منذ أكثر من عامين. على أية حال- توضّح الصحيفة- فإن تعيين سيطايل يضع حداً لشغور في منصب سفير المغرب لدى باريس استمر منذ يناير الماضي.
كما أن التعيين يأتي أيضًا بعد أسبوعين من تقديم كريستوف لوكوتييه، السفير الفرنسي لدى المغرب، أوراق اعتماده للملك محمد السادس، يوم الرابع من أكتوبر الجاري، بعد مرور عام تقريبًا على تعيينه، والذي تبعته زيارة وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير إلى مراكش من 11 إلى 13 أكتوبر الجاري في إطار الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والتي تباحث خلالها مع رئيس الحكومة المغربية.
ونقلت “لوموند” عن “مراقب مغربي” قوله: “نحن في تسلسل جديد، حيث تتوالى الإشارات الإيجابية للغاية على جميع المستويات”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه إذا كان المغرب ممثلا في مدريد بسفيرة، كما كان الحال في لندن وواشنطن، فهذه هي المرة الأولى التي تتولى فيها امرأة منصب سفيرة المملكة لدى باريس، والتي تعتبر من أهم السفارات في شبكة المغرب الدبلوماسية.
لكن المعطى الجديد- تتابع لوموند- يكمن قبل كل شيء في مسيرة سميرة سيطايل. فهي ولدت في فرنسا وأكملت كل تعليمها في منطقة باريس. وتنقل الصحيفة عن الصحافية نادية لارغيت المقربة من سيطايل، قولها: “تعيين سيدة سفيرة للمغرب لدى فرنسا هو لفتة قوية. إنها تعرف المغرب وفرنسا ولديها كل الأوراق للمساهمة في التهدئة بين البلدين، خاصة أنها فرنسية مغربية”.
غير أن الجنسية المزدوجة للسفيرة الجديدة للمغرب لدى باريس يمكن أن تكون موضوع جدل في المغرب، حيث يتعرض العديد من المسؤولين لانتقادات منتظمة لأنهم يحملون جواز سفر فرنسيا، وهو موضوع “تضارب محتمل في الولاءات”، تقول “لوموند”، مشيرة إلى أنه قبل ثلاث سنوات، قام نواب من حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية، وحتى ناطق سابق باسم القصر، بمهاجمة شكيب بنموسى، سفير المغرب لدى فرنسا حتى عام 2021، بسبب جنسيته المزدوجة المزعومة، والتي لطالما نفاها هذا الأخير.
المصدر: القدس العربي، باريس.