“ضد الانتهازية”: بناجح يكتب.. الله ينصر من أصبح
ظاهرة “الله ينصر من أصبح” تعكس حالة من الانتهازية السياسية المقيتة.
هذه المقولة التي تُتداول على سبيل التبرير أو الدفاع عن الانحياز للقوي في أي صراع، تختزل القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية في معادلة سطحية تربط الحق بالانتصار بغض النظر عن الوسائل المستخدمة لتحقيقه.
إن أصحاب هذا المنطق يتحركون وفق بوصلة المصالح، وليس وفق بوصلة القيم. فهم لا يرون في المظلوم إلا خاسرا لا يستحق الدعم، ولا في الظالم إلا منتصرا يستحق الإعجاب. يتناسون أن التاريخ مليء بالانتصارات المؤقتة التي بُنيت على الظلم، وأن العدالة، وإن تأخرت، هي التي تترك بصمتها الخالدة.
هذه الظاهرة تكمن في أنها تُكرس ثقافة الخضوع للقوة على حساب المقاومة للظلم. وبدلا من أن تكون المواقف مبنية على المبادئ، يصبح الولاء مشروطا بالنتائج: من الذي انتصر اليوم؟ من الذي يُرجح أن ينتصر غدا؟ هذه الانتهازية لا تساهم فقط في دعم الطغاة، بل تضعف النسيج الاجتماعي والأخلاقي للمجتمعات، حيث يصبح الانتهاك مقبولا طالما أنه يأتي من “المنتصر”.
“الله ينصر من أصبح” هي دعوة مبطنة للتخلي عن الوقوف مع المظلومين، والتطبيع مع الظلم كحقيقة لا مفر منها. لكنها تغفل أن الله، في عدالته المطلقة، لا ينصر من “أصبح”، بل ينصر من عمل بالحق والعدل، حتى لو كان ضعيفا في عيون الناس.
في خلاصة؛ هذه الظاهرة ليست إلا انعكاسا لروح الانهزامية التي تتوارى خلف قناع الواقعية. وهي دعوة للتفكر: أي مجتمع نريد أن نكون؟ مجتمع يتماهى مع القوة بلا مبادئ، أم مجتمع يرفع راية الحق حتى في وجه أعتى الطغاة؟.