زيارة الملك للبيضاء.. هل دقّت نهاية “الجبابرة” وعجرفتهم على المستثمرين والمواطنين؟!


بعد عدة تأجيلات، ينتظر أن يحل الملك محمد السادس مساء اليوم بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، في زيارة لهذه المدينة، التي كان لا يفارقها، ويتجوّل في شوارعها ويتفقّد منشآتها، فإذا بها في غيابه تتحوّل إلى مدينة كئيبة، مليئة بالمناظر البشعة لمشاريع معرقلة ومتوقفة.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    لقد عرفت الدارالبيضاء ثلاث سنوات من تسيّب “حكامها”، الذين تجبّروا على عشرات المستثمرين، وقاموا بتوقيف أوراش مشاريعهم بدون وجه حق، ثم صمُّوا آذانهم على شكاويهم، وأوصدوا أبواب مكاتبهم في وجوههم، ورفضوا فتح الأوراش حتى بعد أن حصل هؤلاء المستثمرون على أحكام قضائية تؤكد شطط مسؤولي الدارالبيضاء في استعمال سلطتهم تُجاههم، بل أكثر من ذلك عمد هؤلاء “الجبابرة” إلى تحقير هذه الأحكام الصادرة لفائدة هؤلاء المستثمرين باسم صاحب الجلالة، وطبقًا للقانون.

    أكثر من كل هذا، لقد ظل هؤلاء “الجبابرة”، لأكثر من ثلاث سنوات، “يتمردون” على التوجيهات والأوامر الملكية، التي تدعوهم إلى دعم مشاريع الخواص، والتي كان الملك محمد السادس أصدرها، من خلال عدة خطابات ملكية، إلاّ أن هؤلاء “الجبابرة” استقصدوا، لعلة في نفس يعقوب، أن يضربوا هذه التوجيهات عرض الحائط ولا يعيرونها أدنى اهتمام…

    لكل ذلك، فإن الزيارة الملكية المرتقبة للدارالبيضاء تُعدُّ محطة مفصلية عند هؤلاء الضحايا من المستثمرين، الذين ينتظرون أن تضع حدا فاصلا لمآسيهم مع تسيّب وتجبّر مسؤولي العاصمة الاقتصادية…

    ولكي ندرك جيدا حجم هذا التسيب والتجبّر يمكن العودة، على سبيل المثال لا الحصر، إلى تلك التوجيهات، التي طالما أثارها الجالس على العرش في العديد من الخطابات الملكية، التي شدّد فيها على أن “أخطر ما يواجه تنمية البلاد، والنهوض بالاستثمارات، هي العراقيل المقصودة”، وهذه الأفعال “المدبّرة” هي التي كانت وراء أكثر من غضبة ملكية، إلى الحد الذي ساوى فيه الملك “العراقيل المقصودة” بفعل “الخيانة”، إذ قال إنه “عندما يقوم مسؤول بتوقيف أو تعطيل مشروع تنموي أو اجتماعي (…)، فهذا ليس فقط إخلالا بالواجب، وإنما هو خيانة”…

    وهنا، بيت القصيد، إذ باستحضار أوامر الملك ومعها أفعال “جبابرة” الدارالبيضاء، يتبيّن أن ما حصل لهؤلاء المستثمرين، لم تصل حقيقته “كما هي” طيلة هذه المدة لمن يهمهم الأمر بالقصر الملكي.

    تجوال الملك محمد السادس الذي اعتاد أن يقوم به بشوارع الدارالبيضاء، سيجعله يقف بنفسه على حقيقة ما جرى لها في غيابه، عندما يعاين تلك الصور البشعة لعشرات المشاريع المتوقفة، ضدًا على توجيهاته، وعلى الأحكام التي لم يتردد القضاء في تعليلها باتهام مسؤولي الدارالبيضاء باستعمال الشطط في سلطتهم في حق هؤلاء المستثمرين الذين تسببت لهم قرارات توقيف جائرة في خسارات مالية فادحة، علما أن مشاريعهم كان من شأنها أن تدر مداخيل مهمة على مجلس الجماعة، وتعود بالنفع العميم على البيضاويات والبيضاويين من خلال خلق مناصب شغل مهمة مباشرة وغير مباشرة…، خصوصا في ظل الركود الاقتصادي الذي يعرفه المغرب بسبب جائحة كورونا.

    - إشهار -

    إن المسؤولية، اليوم، وبناء على مقتضيات الدستور وعلى إلحاح الملك على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، تفرض، بكل ملحاحية، القيام بـ”مُعاقبة” كل من تجبّر على هؤلاء المستثمرين “المساكين” الذين اضطهدهم والي جهة الدارالبيضاء سطات، سعيد احميدوش، ومدير وكالته الحضرية، العامل توفيق بنعلي، الخارج عن طوع وزيرة التعمير، التي لم يُعر أي اهتمام لدوريتها التي أمرته بدورها برفع العراقيل أمام مشاريع الخواص، والشيء نفسه سارت عليه نبيلة الرميلي عمدة “آخر الزمان”، التي اختارت أن تغضّ الطرف عن كل هذا، كما تآمر زوجها توفيق كميل، بصفته رئيس الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، مع هذه “العراقيل المقصودة”، بسكوته عن كل هذا الذي وقع ويقع لهؤلاء المستثمرين، مادام الأهم، بالنسبة إليه، هو أنه يقوم بتسيير مشاريعه، ومشاريع آخرين، من خلال علاقته الخاصة مع بنعلي، وبصفته زوج “عمدة” الدارالبيضاء، وإلاّ لماذا يُرخصون لفلان، ويمنعون علاّن.

    توفيق كميل هذا، الذي اتهمته إحدى المقالات والمواقع بأنه “فخّخ مصالح التعمير بالانتحاريين”، ضالع من رأسه حتى أخمص قدميه في هذه الانحدار المتردي لوضع الاستثمار في الدارالبيضاء، إذ أنه هو من “يُسيّر من وراء حجاب” مع زوجته العمدة قطاع التعمير والرخص والجبايات والمالية، وكل ما يرتبط بها من امتيازات وتسهيلات، ولهذا ترفض العمدة، منذ أن “ولاّها” زوجها هذا المنصب، بعد “خداع” عزيز أخنوش، ادراج نقطة انتخاب نائبها العاشر بعد استقالة زوجها تحت الضغط. علما أن أخنوش نفسه لم يعد يُطيق هذا الزوج، الذي يُسابق الزمن لمغادرة التجمع الوطني للأحرار، بعد أن انقلب هو وزوجته على قياديي الحزب بالدارالبيضاء، خوفًا من أن يسبق “طرده”.

    وبكلمة، هذه هي مأساة الدارالبيضاء، التي تتجسّد في التدبير الفاشل لمسؤوليها، مأساة مزدوجة، إذ لا من هم “مُعيّنون” لتسيير الدارالبيضاء، ولا حتى من هم “منتخبون”، كلهم باتوا أصغر وأقل جدارة بهذه المناصب، إلاّ من رحم ربي.

    وبالتأكيد لابدّ أن هناك تقارير قد يتم اعتمادها لأخذ القرار الصائب، في الوقت المناسب!!؟ إن “تدبير شؤون المواطنين، وخدمة مصالحهم، مسؤولية وطنية، وأمانة جسيمة، لا تقبل التهاون ولا التأخير”، كما يقول الملك في أحد خطاباته، بعدما لاحظ، بكثير من المرارة، أن “الإدارة المغربية لن تبلغ المستوى المنشود من النجاعة والفعالية، ما لم يتم تغيير العقليات، وإجراء قطيعة مع بعض السلوكات والممارسات المشينة، التي تسيء للإدارة وللموظفين على حد سواء، كالرشوة والفساد واستغلال النفوذ وعدم الانضباط في أداء العمل وغيرها”… وإياك أعني واسمعي يا جارة…

    يُتبع…

    مراد بورجى

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد