محمد بن سلمان بين الإصلاح والقبضة الحديدية


يقود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي عيّن مؤخرا رئيسا للوزراء، مملكته المحافظة بإصلاحات جذرية طموحة وتغييرات اجتماعية متسارعة بدأت مع صعوده سلّم القيادة قبل خمس سنوات، في موازاة ذلك عمل على تحصين موقعه كحاكم فعلي ومستقبلي لأكبر دولة نفطية في العالم، عبر إسكات كل معارضة.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    ويبلغ ولي العهد 37 سنة ومن المتوقّع أن يكون الأصغر سنا بين أفراد العائلة المالكة عندما يعتلي العرش خلفا لوالده الملك سلمان بن عبد العزيز الذي بات متقدّما في السن.

    ومحمد بن سلمان هو الحاكم الفعلي لأكبر قوة نفطية في المنطقة منذ أن أصبح وليا للعهد في العام 2017.

    وعيّن العاهل السعودي الملك سلمان، أول أمس الثلاثاء 27 شتنبر الجاري، ولي العهد في منصب رئيس الوزراء مكانه.

    وبذلك يتولى ولي العهد منصبا جديدا يعزز سلطاته بصفته الحاكم الفعلي للملكة، وفق محلّلين.

    ومن أبرز مشاريع الأمير السعودي الضخمة في خضم سعيه لتنويع اقتصاد المملكة القائم على النفط، بناء مدينة “نيوم” المستقبلية الضخمة وكلفتها 500 مليار دولار.

    وفي إطار حملة الإصلاح التي يقودها، تم تفكيك هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت بمثابة شرطة دينية واسعة النفوذ، وأعيد افتتاح دور السينما وإصدار تأشيرات سياحية للمرة الأولى لزيارة المملكة.

    وتعهّد بن سلمان منذ وصوله إلى سدة الحكم، بأنه سيقود مملكة “معتدلة ومتحررة” من الأفكار المتشددة، ومنفتحة على الديانات الأخرى. وقال خلال منتدى للاستثمار في الرياض في 2017 شارحا فلسفة التغيير، “نريد أن نعيش حياة طبيعية”، مضيفا “نحن فقط نعود إلى ما كنا عليه، إلى الإسلام المنفتح على جميع الأديان والتقاليد والشعوب”.

    في مقابل الإشادة بإصلاحاته، توجّه انتقادات لولي العهد على خلفية قمع المعارضين في الأوساط الدينية والسياسية والفكرية والاقتصادية وحتى في صفوف العائلة المالكة.

    الاستراتيجية والاندفاع

    وقال مسؤول غربي طالبا عدم كشف هويته إن محمد بن سلمان صاحب “رؤية استراتيجية” لكنه “مندفع أحيانا” و”كثير الحماسة” عندما يتحدّث عن مشاريعه.

    وخلافا للكثير من أمراء العائلة الحاكمة، فإنّ الأمير محمد متزوج من امرأة واحدة فقط ولهما ثلاثة أبناء وابنتان، ويقول مقربون منه إنه يعمل 16 ساعة في اليوم.

    وحاز محمد بن سلمان إجازة في الحقوق من جامعة الملك سعود. فور تخرجه، عمل مستشارا لوالده حاكم الرياض آنذاك، وحين وصل الملك سلمان إلى السلطة في مطلع العام 2015، عيّنه وزيرا للدفاع.

    وتمكّن في 21 يونيو 2017، بمساندة والده، من إزاحة ولي العهد ابن عمه محمد بن نايف والحلول محله. وفي مارس 2020، اعتُقل بن نايف وشقيق الملك الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود لاتّهامهما بتدبير انقلاب.

    - إشهار -

    وشهدت السعودية في عهده حملة قمع للنشطاء وكتم أصوات المعارضين عبر سجنهم. وفي إطار حملة حملت شعار “مكافحة الفساد”، اعتقل عشرات من الأمراء ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون الفخم بالرياض في 2017 لأشهر طويلة.

    في بداية عهده، صعّد الأمير محمد المواجهة مع طهران، وقاد مقاطعة دامت ثلاث سنوات ضد الجارة قطر، واحتجز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بحسب تقارير لأيام، قبل أن يتدخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

    لكن لخفض منسوب التوتر تم فتح حوار مع طهران كما تمت تسوية الخلاف مع قطر.

    وبعد أشهر قليلة على تسميته وليا للعهد، أصبح الأمير الشاب مسؤولا عن تنسيق السياسة الاقتصادية والإشراف على شركة أرامكو النفطية وتدخل بلاده العسكري في اليمن. وتعددت مناصب الأمير محمد لدرجة دفعت الدبلوماسيين في الرياض لتسميته “سيد كل شيء”.

    وكان ولي العهد القوة المحركة خلف التدخل السعودي العسكري في اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، لدعم القوات الحكومية في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

    تشوّه الصورة

    قال فريديريك ويري، خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي ومقرها واشنطن إن محمد بن سلمان تمكّن من الاستحواذ على “سلطة ونفوذ كبيرين في وقت قصير جدا”.

    داخليا، في إطار الإصلاحات الاجتماعية شهدت المملكة تحولا كبيرا إذ نظّمت السعودية مهرجانا سينمائيا وسباق الفورمولا واحد ونزالات مصارعة حرة وحفلات موسيقية. وسُمح للنساء فيها بقيادة السيارات والاستحصال على جواز سفر من دون اشتراط موافقة “ولي الأمر”.

    بعد انطلاقة سريعة نحو القمة في واحدة من أثرى دول العالم، ألقى مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بوحشية في قنصلية بلاده في اسطنبول في العام 2018، ظلالا على مسيرة محمد بن سلمان الذي كان قد مضى عام على تسلمه منصب ولي العهد.

    وتعرّض ولي العهد لما يشبه العزل الدولي لسنوات، لكنه تمكّن مؤخرا من العودة بقوة على الساحة الدولية، ففي أواخر العام 2021 استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وفي العام 2022 الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي كان قد اتّهم “مسؤولين من أعلى مستوى في الحكومة السعودية” بالضلوع في اغتيال خاشقجي.

    بعدما تعهّد خلال حملته الانتخابية بالتعامل مع المملكة “كدولة منبوذة” على خلفية سجلها الحقوقي ومقتل خاشقجي، ورفعه السرية عن تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية خلص إلى أن محمد بن سلمان “أجاز” العملية، زار الرئيس الأميركي جو بايدن السعودية في يوليوز الماضي والتقى ولي العهد.

    وكالات

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد