علماء يابانيون يستنسخون الفئران لوقف انقراضها
تمكن علماء يابانيون من إنتاج فئران مستنسخة باستخدام خلايا مجففة بالتجميد، في تقنية يعتقدون أنها قد تساعد يوما ما في الحفاظ على الأنواع والتغلب على التحديات الحالية المرتبطة باستخدام أساليب البنوك الحيوية.
وكانت الأمم المتحدة حذرت من أن انقراض الحيوانات يشهد تسارعا في العالم، وقد يختفي أقله مليون نوع بسبب الآثار الناجمة عن النشاطات البشرية كالتغير المناخي.
ولمواجهة هذا الخطر، انتشرت مرافق متخصصة في العالم لحفظ عينات من الأنواع المهددة بالانقراض بهدف منع انقراضها من طريق الاستنساخ المستقبلي.
ويتم حفظ هذه العينات بشكل عام بالتبريد مع استخدام النيتروجين السائل، أو ضمن درجات حرارة منخفضة جدا، وهما أسلوبان قد يكونان مكلفين ومعرضين لانقطاع التيار الكهربائي.
وعادة ما تتضمن العينات حيوانات منوية أو خلايا بويضات يصعب أو يستحيل الحصول عليها من الحيوانات الكبيرة في السن أو تلك المصابة بعقم.
وأرادت مجموعة علماء من جامعة ياماناشي اليابانية معرفة ما إذا كان بإمكانهم إيجاد حلول لهذه المشكلات عن طريق اعتماد أسلوب التجفيف بالتجميد على الخلايا الجسدية، أي الخلايا التي ليست حيوانات منوية أو بويضة، في محاولة لإنتاج حيوانات مستنسخة.
تزاوج الفئران المستنسخة وإنجابها
نفذ العلماء تجاربهم على نوعين من خلايا الفئران وتوصلوا إلى أنه رغم أن التجفيف بالتجميد يقتلها ويتسبب في تلف كبير للحمض النووي التابع لها، لا يزال بإمكانهم إنتاج أكياس أريمية مستنسخة، وهي كرة من الخلايا تتطور إلى جنين. واستخرج العلماء من هذه الأكياس تسلسلات الخلايا الجذعية التي استخدموها لإنتاج 75 فأرا مستنسخا.
وعاش أحد الفئران لعام وتسعة أشهر فيما نجح العلماء بتزويج أنثى وذكر مستنسخين من فأرين مولودين بشكل طبيعي وأنتجوا صغار فئران طبيعية.
وأنتجت الفئران المستنسخة نسلا أقل مما كان يتوقع من فئران مولودة بشكل طبيعي، فيما اقتصر إنتاج إحدى تسلسلات الخلايا الجذعية المطورة من خلايا ذكر على فئران إناث مستنسخة فقط.
وفي السياق، صرح تيروهيكو واكاياما، الأستاذ في كلية الحياة والعلوم البيئية التابعة لجامعة ياماناشي والذي ساعد في إعداد الدراسة التي نشرت في مجلة “نيتشر كومونيكيشن” خلال الشهر المنصرم: “لا ينبغي أن يكون التطور صعبا”.
وأضاف لوكالة الأنباء الفرنسية: “نعتقد أننا سنكون قادرين في المستقبل على الحد من التشوهات وزيادة معدل الولادات من خلال البحث عن عوامل تقي من التجميد والتجفيف بالإضافة إلى تحسين أساليب التجفيف”.
وبرزت بعض من العوائق الأخرى تتمثل مثلا في أن نسبة نجاح استنساخ الفئران من الخلايا المخزنة في النيتروجين السائل أو ضمن درجات حرارة منخفضة جدا تتراوح بين 2 و5 بالمائة، بينما تقتصر نسبة نجاح تقنية تجفيف الخلايا بالتجميد على 0,02 بالمئة فقط.
ورأى واكاياما أن هذه التقنية لا تزال في مراحلها الأولى، مقارنا إياها بالأعمال البحثية التي أسفرت عن استنساخ النعجة “دولي” في عملية نجحت بعد أكثر من مائتي محاولة. وقال “نعتقد أن الأهم هو أن الفئران المستنسخة أُنتجت من خلايا جسدية مجففة بالتجميد، وأننا حققنا تقدما كبيرا في هذا المجال”.
تخزين المصادر الجينية
وفيما لا يرجح أن تحل هذه التقنية محل الحفظ بالتبريد بشكل كامل، إلا أنها تمثل “تقدما مهما للعلماء المهتمين بالتنوع البيولوجي العالمي المهدد بأساليب البنوك الحيوية”، وفق ما يؤكد سايمون كلولو، وهو زميل أبحاث أقدم في مركز حفظ البيئة والجينوم التابع لجامعة كانبيرا. وأضاف كلولو الذي لم يشارك في الدراسة “قد يكون العمل على بروتوكولات الحفظ بالتبريد صعبا ومكلفا، لذلك يرحب بشكل كبير بالبدائل بخاصة تلك الأقل تكلفة والأكثر فعالية”.
وأقدم العلماء في الدراسة على تخزين الخلايا المجففة بالتجميد في حرارة 30 درجة مئوية تحت الصفر، لكنهم كانوا توصلوا سابقا إلى أن الحيوانات المنوية للفئران المجففة بالتجميد يمكنها البقاء على قيد الحياة لعام أقله في درجة حرارة الغرفة، ويعتقدون أن الخلايا الجسدية ستتفاعل بالطريقة نفسها كذلك. وأوضح واكاياما أن التقنية قد “تتيح في نهاية المطاف تخزين المصادر الجينية من مختلف العالم أن بتكلفة أقل وبأمان أكبر”.
وتعد هذه الأعمال البحثية امتدادا لسنوات من البحث تناول تقنيات الاستنساخ والتجفيف بالتجميد تولاه واكاياما وزملاؤه. وتناول أحد أحدث أبحاثهم الحيوانات المنوية لفأر جففت بالتجميد وأُرسلت إلى محطة الفضاء الدولية. وأعيد ترطيب الخلايا بنجاح بعد عودتها إلى الأرض رغم أنها كانت موجودة في الفضاء لست سنوات، وأنتجت فئرانا صغيرة بصحة جيدة.