تقرير حقوقي.. المغرب استغل كورونا لإعادة إنتاج “السلطوية”
بديل.أنفو-
انتقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تقرير حول واقع الحريات العامة بالمغرب خلال سنة 2021، المقاربة التي واجهت بها الدولة المغربية، المطالبين بالحقوق والحريات إبان فترة انتشار وباء كورونا، واعتبرت أنها استغلتها لـ”تسييد مقاربتها الأمنية أكثر، وإعادة إنتاج ممارسات سلطوية على حساب الحقوق والحريات”.
وأكد التقرير الذي صدر عقب ندوة نظمتها اليوم الخميس 13 يناير الجاري الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمقرها المركزي بالرباط، أن جائحة كوفيد-19 “أظهرت هشاشة وضعف الضمانات الدستورية للحقوق والحريات”.
وأضافت الجمعية “بالرغم من التعديلات التي عرفها دستور 2011، تحت ضغط حركة 20 فبراير، والتي توحي بالتزام الدولة المغربية باستيفاء المعايير الدولية لحقوق الإنسان، عبر إفراد باب خاص بالحقوق والحريات الأساسية، إلا أن الممارسة اليومية لأجهزة الدولة كانت متناقضة مع هذه الالتزامات”.
وتابعت الجمعية “برز هذا التناقض بشكل أشد مع تواتر حالات تعنيف المواطنات والمواطنين بشكل مهين ومشين، وقمع ومنع التظاهرات، وتواصل الاعتقالات التعسفية، وإصدار مجموعة من القرارات الجائرة، آخرها فرض جواز التلقيح للولوج للمحاكم، الذي يعتبر مسا بليغا بحقوق المرتفقين؛ من متقاضين، وموظفين، بل وبجهاز القضاء نفسه، بعد منع المحامين وبعض القضاة في سابقة من نوعها، من ولوج المحاكم”.
وكشف التقرير أن “الدولة استغلت حالة الطوارئ المعلنة، لمواجهة كوفيد-19، لتسييد مقاربتها الأمنية أكثر، وإعادة إنتاج ممارسات سلطوية على حساب الحقوق والحريات، والانقضاض على المكاسب الحقوقية الجزئية التي تحققت بعد سنة 2011 بما فيها المنصوص عليها في الدستور”. وعلاوة على التأطير الحقوقي والقانوني لحالة الطوارئ الصحية تطرق التقرير، إلى “تأثيراتها على الحريات العامة، مسجلا الانتهاكات التي طالت المجالات التي ركز عليها؛ وهي حرية الرأي والتعبير، حرية تأسيس الجمعيات والحق في التنظيم، والحق في التجمع والتظاهر السلمي”.
وأكدت الجمعية أن الدولة حاولت “تمرير مشروع قانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي، الذي اتسمت مواده بفرض قيود واسعة على حرية الرأي والتعبير على الإنترنت، وتشديد الرقابة على المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي، في تعارض تام مع الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، والذي جرى التراجع على مناقشته، وتأجيل النظر فيه، تحت ضغط الرأي العام المغربي ونتيجة للحملات الواسعة ضد هذا القانون”.
من جانب آخر، ومباشرة بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية، أورد التقرير، “قامت النيابة العامة بتحريك مسطرة الاعتقال والمتابعة في حق مئات الآلاف من المواطنين والمواطنات، بتهمة خرق إجراءات حالة الطوارئ الصحية. فحسب وزارة الداخلية تم تسجيل توقيف مليون و530 ألف مواطن بسبب خرق حالة الطوارئ الصحية، خلال المدة الفاصلة بين 25 يوليوز 2020 و22 أبريل 2021؛ حيث جرى تقديم 280 ألفا منهم أمام القضاء، أي ما يفوق 18%. وقد يكون هذا من ضمن أسباب اكتظاظ السجون وارتفاع عدد المعتقلين في السجون بنسبة 5% مقارنة مع السنة الفارطة. وهذا التوجه نحو مزيد من الاعتقالات يناقض ما دعت له المفوضية السامية لحقوق الإنسان والأمين العام للأمم المتحدة بالعمل على تخفيض نزلاء السجون، كتدبير من المفروض أن يدرج ضمن تدابير مواجهة الجائحة”.
كما شهد المغرب في عام 2021، حسب الجمعية، “تراجعا استثنائيا وغير مسبوق فيما يخص حريّة الرأي والتعبير، والإعلام والصحافة والتدوين؛ إذ استمرت الاعتقالات والمحاكمات التي طالت الصحافيين والمدونين، في إطار سياق سلطوي متسم بالقمع والتضييق على الحريّات الإعلامية، إضافة إلى استمرار ‘صحف’ ومواقع ‘التشهير’، التي تعلن صراحة ولاءها للسلطة وأجهزتها الأمنية، في مهاجمة الصحافيين المستقلين والمدافعين عن حقوق الإنسان بشكل عام، دون أن تتعرض لا للمحاسبة ولا للمساءلة. وقد صنفت منظمة ‘مراسلون بلا حدود’ المغرب في المرتبة 136 من أصل 180 بلدًا وفق التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2021”.
وتابعت الجمعية، كما أورد التقرير “170 حالة اعتقال ومتابعة منها تلك التي صدرت بشأنها أحكام، وهي حالات مست عددا من الصحافيين والمدونين، والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، ونشطاء الحركات الاجتماعية، وخاصة “الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد”؛ أو على إثر الأحداث الاجتماعية التي عرفتها مدينة المضيق، وقبيلة الزركان بإقليم جرسيف، ومدينة كلميم، وقلعة مكونة وبومالن دادس؛ أو عقب الاحتجاجات الرافضة لفرض جواز التلقيح بكل من مراكش وطنجة”.
وشدد التقرير “في الوقت الذي سجلت الجمعية الحكم ببراءة أربعة من المتابعين؛ تابعت الجمعية استدعاء والاستماع ل 21 مدافعاعن حقوق الانسان وصحافيا ومدونا، على إثر نشرهم لتدوينات، أو بسبب تضامنهم مع ضحايا انتهاكات حقوق الانسان؛ بالإضافة إلى توقيف عشرات الداعين لمقاطعة الانتخابات. كما تابعت الاستماع إلى أربعة قضاة من قبل مقرر معين من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بسبب تدوينات على صفحات الفايسبوك، وهذا ما اعتبره نادي القضاة تضييقا على حرية الرأي والتعبير والانتماء الجمعوي للقضاة”.