“الجراد”.. مغاربة يتذكرون “الوحش” الذي كان يغطي وجه الشمس

تصاعدت مخاوف الفلاحين المغاربة، وسكان المنطقة الشرقية للمملكة على وجه التحديد، بعد بدأ وصول مجموعات أسراب الجراد الصحراوي لمناطق مختلفة من إقليم زاكورة، وخصوصا محاميد الغزلان، قادما من منطقة بشار الجزائرية.
وضمن بلاغ سابق، كشفت وزارة الداخلية أنه تم مؤخرا رصد أسراب الجراد على نطاق محصور وضمن أعداد محدودة، ببعض المناطق جنوب شرق المملكة.
وأفاد البلاغ الصادر يوم 29 مارس المنصرم أن الأوضاع تحت السيطرة ولا تدعو للقلق في الوقت الراهن، مؤكدا أنه تم ضمن سلسلة التدابير الاستباقية والإجراءات التفاعلية إعادة تفعيل مراكز القيادة بمجموع الأقاليم المعنية بهدف متابعة تطور الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة، بما في ذلك تعبئة كافة الموارد، ووضع جميع الوسائل في حالة تأهب للتدخل عند الضرورة.
وتفاعلا مع المخاوف التي عبّر عنها المغاربة قال عبد السلام، وهو فلاح مسن يقطن بمنطقة تنغير التابعة لجهة درعة تافيلالت الحدودية، “الجراد ليس مخيفا كما يصور الكثيرون”، متذكرا أنه، قبل منتصف التسعينات، “كان الجراد يجتاح المغرب لسبع سنوات متتالية ويغيب مثلها، ويأتي خلال السنوات الممطرة والجيدة”.
وأضاف عبد السلام، في تصريح لموقع “بديل”، “أسراب الجراد كانت تأتي وتضع ‘أمردز’ (بيض الجراد) وتذهب بعد ذلك لمدة أسبوع أو أسبوعين في انتظار أن يصل موعد فقس البيض لتعود من أجل نقله إلى مكان أخر”.
وأكد الفلاح، الذي أصر على الربط بين الجراد والمطر، أن أخطر ما في الجراد هو صغيره (ذو اللون الأصفر)، مشدد على أن الضرر الذي يلحقه بالمحاصيل أكبر بكثير من الجراد الكبير، ويمكنه أن يحول حقلا أخضرا كاملا إلى مجرد أغصان صفراء في أقل من 10 دقائق.
وعاد عبد السلام بذاكرته إلى الوراء حين كان الجراد يؤكل بالمناطق الشرقية للمملكة، وقال “مذاقه جيد ويحتوي على مكونات مفيدة للجسم تساعد على بقائه بصحة جيدة”.
وتابع، “الجراد كان يأتي غالبا من الجزائر أو موريتانيا وكان يبقى لمدة سبع سنوات وينتقل من منطقة لمنطقة بالصحراء الشرقية للمملكة، ورغم أنه يتسبب في بعض الأضرار إلا أنه يعمل على خلق نوع من التوازن في الطبيعة”.
- إشهار -
وختم عبد السلام تصريحه، “لقد سبق لنا أن عشنا هجوم اسراب الجراد، والتي تتشكل من الملايين، لدرجة أنها تحجب رؤية الشمس، وفي أواخر التسعينات بدأ المغرب يستعمل الطائرات في رش الأدوية ما أدى إلى تناقص وجوده في المنطقة”.
من جهته، تذكر الشيخ حنانا، ذو الـ77 سنة، تلك السنوات التي يهجم فيها الجراد على حقولهم، والتي وصفها بـ”سنوات الخراب”، وقال: “الجراد كان عدونا الأول، كنا نخشاه أكثر من الجفاف”.
وأضاف حنانا، ضمن تصريح لموقع “بديل”، “أتذكر كيف حول الجراد حقلي في الثمانينات إلى خراب، وكيف التهم أوراق الأشجار بشكل كلي تقريبا”.
وتأسف حنانا بسبب الطريقة التي تعتمدها وزارة الفلاحة في مواجهة الجراد، مؤكدا أن “المبيدات التي يتم استعمالها تؤدي إلى الكثير من الأضرار”، وهو ما يذهب إليه الكثير من الخبراء.
وقبل أيام، أفاد تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة بوصول مجموعات من الجراد البالغ، وأسراب صغيرة إلى وسط الجزائر، وغرب ليبيا وجنوب تونس، مضيفة أنه “من المرجح أن هذه المجموعات بدأت التكاثر في الربيع بوصولها إلى المناطق التي هطلت فيها الأمطار في فبراير”.
وكانت وزارة الداخلية المغربية قد أعلنت تشكيل فرق للتدخل مكلفة بعمليات الاستطلاع والرصد ومكافحة الجراد مجهزة بالآليات والمعدات والمبيدات، مع تسخير كل الوسائل اللوجستيكية بما فيها الجوية.