منصب مدير “معهد البحث الزراعي”.. بين مطرقة التدخلات الحزبية وسندان الكفاءة
في خطوة أثارت دهشة واستغراب الأوساط الأكاديمية والزراعية في المغرب، أعلنت وزارة الفلاحة عن تمديد فترة تقديم ملفات الترشح لمنصب المدير العام للبحث الزراعي حتى 18 دجنبر، بعد أن كان الموعد النهائي في 12 منه. هذا القرار جاء رغم تقدم ثلاثة من أبرز الباحثين والمهندسين العاملين بالمعهد الوطني للبحث الزراعي بترشيحاتهم في الآجال المحددة.
واعتبر، أحد أطر المعهد، أن “القرار المفاجئ بتمديد الفترة دون توضيح الأسباب فتح باب التساؤلات حول ما إذا كان هناك تدخلات أو ضغوط خلف الكواليس تهدف إلى تغيير مسار التعيين”.
وبسببب هذا القرار، ارتفعت المخاوف من أن يكون الهدف منه هو تمهيد الطريق لإدخال شخصية بعيدة عن مجال البحث الزراعي، استجابة لمصالح حزبية أو اعتبارات ضيقة لا علاقة لها بمصلحة القطاع الزراعي الوطني، وفق ما يتم تداوله في الأوساط المهتمة.
ومعلوم أن الباحثين الثلاثة الذين تقدموا بملفاتهم يُعدّون من خيرة المهندسين الباحثين في المعهد، وفق شهادات، ويمتلكون الخبرة الميدانية التي تجعلهم الأكثر تأهيلاً لقيادة المعهد في ظل التحديات الراهنة.
واعتبر مصدر “بديل”، ان “هؤلاء المرشحون يمثلون أمل المعهد الوطني للبحث الزراعي للنهوض من أزماته المالية والعلمية المتفاقمة”.
وقال المصدر ذاته، “لكن يبدو أن الكفاءة والخبرة لم تعد في صدارة المعايير، وسط مخاوف من تغليب المصالح الحزبية على الاعتبارات المهنية”.
الوضعية الحرجة للبحث الزراعي
المعهد الوطني للبحث الزراعي يواجه وضعاً صعباً؛ حيث تراجعت إنجازاته العلمية والمالية بشكل يهدد دوره المحوري في دعم القطاع الزراعي. في وقتٍ يعاني فيه المغرب من تأثيرات التغير المناخي وتحديات الأمن الغذائي، ليصبح تعزيز البحث العلمي الزراعي أولوية لا تحتمل التأخير. مشاكل تدهور إنتاجية سلاسل الحبوب والإنتاج الحيواني مثالان صارخان على الحاجة الماسة إلى حلول مستدامة تعتمد على البحث العلمي والتطوير.
وكان الملك محمد السادس قد شدد، في عدة مناسبات، على أهمية مراجعة معايير التعيين في المناصب العليا لضمان أن تُسند المسؤوليات إلى الكفاءات الوطنية المؤهلة بعيداً عن أي اعتبارات جانبية . وهو ما يُحتم وضع مصلحة الوطن فوق أي مصالح حزبية، خاصة في قطاعات حيوية كالبحث الزراعي.
إن استمرار العبث في إدارة مباراة حساسة كمنصب مدير البحث الزراعي يمثل تهديداً خطيراً لمصداقية المؤسسات الوطنية ولقدرتها على التصدي لتحديات المرحلة.
ويقف القطاع الزراعي المغربي عند مفترق طرق، والقرار الذي سيُتخذ بشأن قيادة البحث الزراعي سيحدد مصيره في مواجهة التحديات المتزايدة. لذا، بات من الضروري أن تسود الشفافية في مباراة مدير البحث الزراعي، وأن تكون الكفاءة والخبرة المعيارين الأساسيين لأي اختيار مستقبلي لهذا المنصب عوض إنزال مدير لا علاقة له بالبحث الزراعي سوى انه من هذا الحزب أو من طرف جهة ما.
وأكد مصدر “بديل” أن “الباحثين وأطر المعهد الوطني للبحث الزراعي مستعدون للقيام بوقفات احتجاجية إن تم إنزال مدير دون كفاءة او غير ذلك”.