“المادة 3” تعيد سؤال “لماذا لايحيل المجلس الأعلى للحسابات تقاريره على النيابة العامة؟” للواجهة
أعاد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، طرح سؤال لطالما أثاره الكثير من النشطاء الحقوقيين والمهتمين بالشأن العام، والمتعلق بالسبب الذي يجعل المجلس الأعلى للحسابات لايحيل كل تقاريره ذات الصبغة الجنائية على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، الذي هو نفسه رئيس النيابة العامة.
وأثار مشروع قانون المسطرة الجنائية بعد مصادقة الحكومة عليه خلال الأسبوع الماضي، الكثير من اللغط والجدل، وحظيت فيه المادة 3 بنصيب الأسد من النقد، حيث اعتبرها الكثير من نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الانسان “مادة مصادمة للدستور والتزامات المغرب في مجال محاربة الفساد وللأسس التي تنبنى عليها الديمقراطيات الحديثة”.
وقال الغلوسي: “إذا كانت المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية قد قيدت حق النيابة العامة في تحريك الأبحاث والمتابعات القضائية في ملفات المال العام بضرورة توصلها بتقارير من الادارات والمؤسسات التي أشارت إليها ذات المادة ومنها المجلس الأعلى للحسابات”. ما الذي يمنع المجلس من القيام بذلك؟.
وتنص المادة 111 من مدونة المحاكم المالية في فقرتها الأخيرة قانون رقم 99-62 على مايلي :”إذا كان الأمر يتعلق بأفعال يظهر أنها تستوجب عقوبة جنائية، رفع الوكيل العام للملك (لدى المجلس الأعلى للحسابات) الأمر من تلقاء نفسه أو بايعاز من الرئيس الاول (للمجلس الأعلى للحسابات) إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض قصد اتخاذ مايراه ملائما، وأخبر بذلك السلطة التي ينتمي إليها المعني بالأمر. ويخبر الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض المجلس (أي المجلس الأعلى للحسابات) بالتدابير التي اتخذها”.
وتساءل الغلوسي، “ما الهدف من تنظيم مجال سبق أن نظمه القانون بوضوح تام؟، وما الذي يمنع المجلس الأعلى للحسابات من إحالة كل ملفات الفساد على القضاء وهو الذي يحيل فقط بعض الملفات دون اخرى؟، ولماذا يحيل ملفات بعض المتورطين في قضايا جرائم المال العام في حين يستنكف عن احالة جل الملفات؟، ولماذا ينجز مهامه الرقابية في بعض المؤسسات والجماعات الترابية دون أن ترى هذه التقارير النور إذ يتم التكتم عليها وتدخل ضمن التقارير السرية؟”.
وتابع، “هل كان المجلس الأعلى للحسابات في حاجة إلى إضافة فصل آخر في مشروع قانون المسطرة الجنائية يذكره فقط (مجرد تذكير بأدواره وصلاحياته) بإحالة تقاريره على القضاء؟”.
واعتبر الغلوسي أن الهدف واضح من إقحام المادة 3 في المشروع المحال على البرلمان، ويتجلى، وفقه، “في سعي المراكز والمواقع والنخب المستفيدة من واقع الريع والفساد وزواج السلطة بالمال إلى تكميم الافواه والتضييق على الجمعيات الجادة والفاضحة لكل مظاهر الفساد والريع وفرملة تنامي الوعي المجتمعي بضرورة التصدي لشيوع الفساد والرشوة في الحياة العامة وهو ما لن يتأتى إلا بربط المسؤولية بالمحاسبة وانخراط الجميع في هذه المعركة (المجتمع والدولة بمؤسساتها)”.