8 شركات بطاريات صينية تختار المغرب للاستثمار
يستقبل المغرب استثمارات جديدة لعدد من شركات بطاريات صينية ذات صلة وثيقة بصناعة السيارات، في خطوة قد تغيّر معادلة التصنيع لدى الدولة الأفريقية.
ويبدو أن حصار أميركا والاتحاد الأوروبي شركات تصنيع السيارات الصينية والصناعات المتعلقة بها سيفتح أسواقًا جديدة، وتسعى المملكة المغربية لاقتناص هذه الفرصة السانحة.
ووفق ما ذكرته “منصة الطاقة المتخصصة”، فإن قلقًا يساور الإدارة الأميركية وبروكسل من التمدد الصيني في صناعة السيارات، في مشهد قد يكرر خسائر صناعة الطاقة الشمسية والتوربينات والمحللات الكهربائية لإنتاج الهيدروجين.
ولتشجيع الصناعة المحلية وحمايتها من “الإغراق الصيني”، اتخذت أميركا وأوروبا إجراءات صارمة لتضييق الخناق على صناعة السيارات الصينية، عبر فرض رسوم جمركية فائقة.
وفي خضم هذا الصراع، جذبت المنطقة الصناعية في المغرب مصنّعين من أميركا وأوروبا وما لا يقل عن 8 شركات بطاريات صينية أيضًا خلال الآونة الأخيرة، في حين أصبحت البنية التحتية للمنطقة داعمًا قويًا لصناعة السيارات العالمية.
عناصر جذب
وقع اختيار 8 شركات بطاريات صينية على المغرب لاستضافة مصانعها واستثماراتها منذ توقيع الرئيس الأميركي جو بايدن على قانون خفض التضخم حتى الآن، وفي مدينة طنجة، تعتزم بكين تعزيز تصنيع مكونات ضرورية للسيارات الكهربائية.
وتجتذب المناطق الصناعية الضخمة (في ضواحي طنجة، والقنيطرة، والجديدة) المزيد من مستثمري مكونات السيارات الكهربائية، سواء من أميركا أو أوروبا أو الصين، رغم أن المغرب اشتهر بكونه اقتصادًا زراعيًا.
ولفت خبير سلاسل التوريد السابق لدى وزارة الصناعة والتجارة، عبد المنعم عماشرة، أن الرباط استفادت بالفجوة بين الصين وأميركا لتعزيز الصناعة والاقتصاد.
وقبل ذلك، عكف المسؤولون المغاربة على تعزيز روابط سلسلة توريد السيارات وجذبت الرباط -حتى الآن- ما يزيد على 250 شركة، سواء معنية بتصنيع السيارات أو شركات ذات صلة بتصنيع مكوناتها وأجزائها.
حجم الاستثمارات
قبل أن تشرع 8 شركات بطاريات صينية في ضخ استثماراتها، سبق أن استضاف المغرب مجموعات وشركات رائدة في صناعة السيارات العالمية مثل: مجموعة ستيلانتس (Stellantis) ورينو (Renault)، وعدد من المصانع الآسيوية “الصينية، واليابانية، والكورية، وكذلك الأميركية.
وتُقدّر عوائد الصناعات المرتبطة بسلسلة توريد السيارات في المغرب بما تصل قيمته إلى 14 مليار دولار سنويًا، بما يشمل مقاعد السيارات والمحركات والإطارات وغيرها.
وفي ظل تركيز الاتجاه العالمي على زيادة نشر السيارات الكهربائية، يظهر المغرب بوصفه الخيار الأمثل لمواقع التصنيع، في ظل منافسة شرسة بين الصين وأميركا وأوروبا على المبيعات السوقية.
وبوصف المغرب مركزًا مهمًا لتصنيع السيارات ولديه البنية التحتية اللازمة لذلك، استهدفت شركات بطاريات صينية وشركات معنية بتصنيع مكونات أخرى فتح المجال أمام استثمارات جديدة لها تسمح بتلبية الطلب الآخذ بالارتفاع.
ولم يخل التفاؤل المغربي بجلب الاستثمارات من مخاوف القيود التي طرأت مؤخرًا على الصناعة، من فرض رسوم جمركية وتقييد الحصول على الإعفاءات.
هروب الصين
لم تكن استضافة المغرب استثمارات 8 شركات بطاريات صينية وليدة اللحظة، إذ كثّفت بكين حضورها في مناطق الرباط الصناعية هربًا من القيود الأميركية الجديدة.
وأقرت الإدارة الأميركية مؤخرًا رسومًا جمركية على سيارات بكين الكهربائية لتعزيز الصناعة المحلية، لكن يبدو أن أكبر الاقتصادات الآسيوية -التي خضعت مؤخرًا أيضًا لرسوم على طرازاتها في الاتحاد الأوروبي- يحاول الاستفادة من ثغرة القرار الأميركي.
واستثنت أميركا الدول الشريكة في اتفاقيات التجارة الحرة من رسوم السيارات، ومن هذه الدول: المكسيك، وكوريا الجنوبية، والمغرب.
ويبدو أن هذا الاستثناء جاء بمثابة “طوق نجاة” لصناعة السيارات الصينية، إذ شرعت في تعزيز استثماراتها بهذه الدول، وبالفعل وسّعت نطاق مصانعها في المكسيك، إذ يجري تجميع السيارات وتصديرها إلى السوق الأميركية بصفتها “سيارات مكسيكية”.
وفي هذه الحالة تتمتع السيارات (المكسيكية- الصينية) بمزايا قانون خفض التضخم الأميركي من إعفاءات ضريبية ودعم، ويبدو أن هناك اتجاهًا لتكرار الأمر في المغرب.
ويفسّر ذلك ضخ 8 شركات بطاريات صينية مؤخرًا استثماراتها بالمنطقة الصناعية في المغرب، خاصة مع إبداء القائمين عليها “مرونة” تعديل مجالس الإدارة وتقليص حضور بكين المباشر، استجابة للشروط الأميركية.
نماذج الاستثمارات
شملت الاستثمارات الجديدة لشركات بطاريات صينية، مشروع شركة سي إن جي آر (CNGR) إحدى أكبر شركات إنتاج كاثود البطاريات المشترك مع مجموعة المدى (AL Mada) الاستثمارية المغربية بقيمة ملياري دولار.
وأبدى الرئيس التنفيذي للشركة الصينية في أوروبا، ثورستن لارس، ثقته بحصول الكاثود المنتج على الإعفاءات الأميركية، حتى وإن تطلّب تغيير هيكل الشركة وتقليص الحضور الصيني.
واستفادت شركات بطاريات صينية أخرى من الإمكانات المغربية لاختراق السوق الأميركية، إذ سبق أن أعلنت شركة غوشن هاي تك (Gotion High Tech) مشروعًا لبناء أول مصنع لبطاريات السيارات الكهربائية في أفريقيا على أرض مغربية، باستثمار 6.4 مليار دولار.
وهناك مشروع آخر مشترك بين شركة إل جي كيم (LG Chem) الكورية جنوبية وشركة هوايو كوبالت (Huayou Cobalt) الصينية، أطلقوا عليه “يوشان”، لتصنيع كاثود البطاريات في المغرب وتوريده إلى أميركا الشمالية.
وأوضحت شركة بي تي آر (BTR) الصينية خلال إطلاق مصنعها الجديد -في أبريل الماضي- أنها ستستثمر في المغرب، مشيرة إلى أن العلاقات التجارية الدولية تسمح لمنتجاتها بالانتشار في السوق الأميركية والأوروبية عبر الرباط.
هل تبتلع أميركا الطُّعم؟
لم تكن الاستثمارات التي أعلنتها شركات بطاريات صينية في المغرب بعيدة عن ردة الفعل الأميركية، التي سبق أن ظهرت حيال اتباع بكين النهج ذاته في المكسيك.
وتشكّل الصناعة الصينية صداعًا في رأس الإدارة الأميركية، التي تخشى انخفاض أسعار وحدات بكين المدعومة حكوميًا، ما يوسّع نطاق مبيعاتها في السوق الأميركية ويقزّم الصناعة المحلية أكثر.
وعقب الإجراءات الصارمة والرسوم الأميركية الباهظة على السيارات الصينية، وسّعت بكين نشاطها في المكسيك عبر مصانع عدة للاستفادة من اتفاق التجارة المشترك الموقع عام 2020، وبموجبه تحصل السيارات المكسيكية على إعفاءات جمركية في أميركا.
السيارات الكهربائية الصينية قد تغتال الصناعة في أميركا.. ما الحل؟
وسعى مختصون للتحذير من سيطرة شركات بطاريات صينية وشركات تصنيع سيارات كهربائية على السوق الأميركية، مقترحين إجراءات عدة لحصار سيارات بكين خاصة شركة بي وادي دي (BYD)، وفق تقرير سابق نشرته أسوشيتد برس.
ومن هذه الإجراءات: فرض قيود على تجميع السيارات الصينية في المكسيك، أو ملاحقة السيارات الصينية قضائيًا ومنع بيعها في السوق الأميركية، بدعوى تهديد الأمن القومي والتجسس، والضغط على حكومة المكسيك لرفض تصدير السيارات الصينية عبر سوقها.
بالإضافة إلى ذلك، تعتزم أميركا مناقشة إجراءات مقيدة، خلال إجراء المراجعة الدورية لاتفاقية التجارة بين دول أميركا الشمالية، بحلول عام 2026.
ورغم احتمال نجاح أميركا في تقييد الطموح الصيني بالمكسيك، فإن الأمر يبدو أكثر صعوبة مع المغرب، في ظل صدارته أفريقيًا للصناعة وانتعاش اقتصاده ومنطقته الصناعية.
المصدر: منصة الطاقة المتخصصة