تجدد جدل غرس “الأفوكا الاسرائيلية” في المغرب
بعد سنوات الجفاف وتأثيرات تغيرات المناخ، عاد الجدل في المغرب حول غرس شجرة الافكادو، حيث يقول خبراء إنها تستنزف كثيرا من المياه مقارنة بعائداتها المادية.
ويواجه مشروع استثمار إسرائيلي في المغرب لإنتاج الأفوكادو انتقادات، رغم نفي السلطات أن يكون لزارعة الفاكهة أي ضرر على المياه، فيما يربط خبراء أزمة المياه في البلاد بمشاكل إدارة أكثر من ربطها بزراعات بعينها.
وفي 2021، أعلنت شركة “مهادرين” الإسرائيلية، التي تعد أكبر منتج ومصدر للحمضيات في إسرائيل، الاستثمار في زراعة فاكهة الأفوكادو في المغرب بأكثر من 80 مليون درهم ما يعادل 8.9 مليون دولار، بشراكة مع شركة مغربية، لإنتاج 10 طن من الأفوكادو سنويا.
وآنذاك، اشتعل النقاش حول جدوى الاستثمار في مشروع فاكهة تستنزف المياه في ظل شح الموارد بالبلاد، وتجدد مؤخرا بعد استمرار الجفاف للعام السادس على التوالي، وتزايد التحذيرات من الوصول إلى مستوى العطش.
دقت منظمات المجتمع المدني بالمغرب ناقوس الخطر من الاستنزاف الكبير لاحتياطات البلاد من المياه تدريجيا بشكل قد يجعل المغاربة أمام أزمة عطش غير مسبوقة، وسط دعوات لإعادة دور “شرطة المياه” لوقف التجاوزات.
تحدثت تقارير إعلامية أن صادرات الأفوكادو حطمت الأرقام القياسية لحجم المبيعات لعدة مواسم متتالية. وتضاعف إجمالي الصادرات أربع مرات في السنوات الست الماضية، فأصبح المغرب تاسع أكبر مصدر لهذه الفاكهة في العالم.
وتتعرض زراعة الأفوكادو في المغرب حاليا، بفعل توالي سنوات الجفاف، للخطر. ومع ذلك فإن المساحات المزروعة آخذة في التوسع، ومن المتوقع أن يزيد الإنتاج بنسبة 20 في المئة على أساس سنوي ويصل إلى الحد الأقصى الجديد.
وبحسب موقع “إيست فروست”، صدر المغرب 45 ألف طن من الأفوكادو بقيمة 139 مليون دولار بين يوليو 2022 وماي 2023، وتمكن المصدرون المغاربة من رفع عدد الدول المستوردة من 19 إلى 25 دولة.
غير أن هذا النجاح الاقتصادي قوبل بانتقادات داخلية، إذ اعتبره البعض سببا في استنزاف المياه وسببا في أزمة الجفاف الحادة التي تشهدها البلاد.
عبد الله اليملحي، رئيس جمعية “الأفوكادو المغربي”، نفى في تصريحات أن تكون الزراعة تستهلك كثيرا من المياه، وقال “نحن نأخذ فقط الكمية اللازمة من الماء لبقاء المحصول، وهو ما يتناقض مع ما يزعم أن الأفوكادو محصول كثيف الاستهلاك للمياه”.
ونقلا عن ورقة بحثية بعنوان “فضح الخرافات”، قال اليملحي إن زراعة الأفوكادو تتطلب كمية مماثلة من المياه مثل المحاصيل الأخرى، كالتفاح والكمثرى، مشددا على أن استهلاكها للمياه أقل بكثير مقارنة بالبن والمحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه، “التي لا ينتقدها أحد”.
ويوم السبت الماضي، نفى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، أن تكون بعض الزراعات المستهلكة للماء كالأفوكادو والبطيخ الأحمر هي السبب وراء استنزاف الفرشة المائية.
وأكد صديقي خلال حلوله ضيفا على برنامج Grand Format-Le360، بأن “مساحة زرع الأفوكادو بالمغرب لا تتجاوز 10 آلاف هكتار، لم تتوسع منذ انطلاق مخطط المغرب الأخضر ولن تتوسع”، في المقابل زراعة البطيخ تقلصت وأصبحت ممنوعة في بعض المناطق الجافة كزاكورة.
وعن أزمة المياه في المملكة، قال المسؤول الحكومي إن السبب الحقيقي وراء نقص الموارد المائية هو التغيرات المناخية وعدم انتظام الأمطار لمدة تزيد عن سبع سنوات.
هل تستهلك الأفوكادو الكثير من المياه
يقول تقرير من موقع “فير اوبزورفر” إن إنتاج الأفوكادو كثيف الاستخدام للمياه، حوالي 70 لترا لكل فاكهة، أي أكثر من 12 ضعف ما يتطلبه الأمر لزراعة الطماطم.
ويشير التقرير إلى ما يوصف “بالمياه الافتراضية”. ويشير الماء الافتراضي إلى كمية المياه المضمنة في إنتاج سلعة. ومحتوى الماء الافتراضي للأفوكادو مرتفع للغاية.
ويعني ذلك أن الأفوكادو المصدر يترجم إلى كميات هائلة من المياه الافتراضية المستوردة من البلدان المصدرة إلى البلدان المستوردة.
وترى الخبيرة أميمة خليل الفن إن الأفوكادو هي كباقي الزراعات المستنزفة للمياه، فكيلوغرام من الأفاكادو يحتاج تقريبا ألف لتر من الماء.
وتشير الخبيرة في حديث لموقع “الحرة” إلى أن المشكل يكمن في أن عائدات مثل هذه الزراعات لاتنعكس على الفرد لأن القطاع الفلاحي لايساهم إلا بـ 16 في المئة في الناتج الداخلي الخام ويستنزف الموارد البشرية والمائية لأن أكثره غير مهيكل وربحه يعود إلى المستثمر.
وترى خليل الفن أن على السلطات السماح بهذه الزراعات في مناطق لديها مياه متجددة وهي مناطق ساحلية، والتي يمكن فيها خلق محطات تحلية مياه البحر عكس السماح بهذه الزراعات في المناطق الجافة.
وحتى يناير، شهدت المملكة تراجعا في تساقط الأمطار بـ57 في المئة مقارنة مع متوسط سنة عادية، وفق ما أوضح وزير التجهيز والماء نزار بركة.
وتفاقم هذا الوضع بسبب تبخر المياه المخزنة في السدود، في ضوء ارتفاع في معدل الحرارة بـ1,8 في المئة مقارنة مع متوسط الفترة بين العامين 1981 و2010.
وحتى الثامن من فبراير لم تتجاوز نسبة ملء السدود 23 في المئة، مقابل 32 في المئة للفترة نفسها من العام الماضي.
وفي ظل مخاطر شح مياه الشرب قامت السلطات بإغلاق الحمامات العمومية ومحال غسل السيارات لثلاثة أيام في الأسبوع في عدة مدن، مع منع سقي الحدائق وملاعب الغولف بمياه الشرب.
وتقدر حاجات المغرب من المياه بأكثر من 16 مليار متر مكعب سنويا، 87 في المئة منها للاستهلاك الزراعي، لكن موارد المياه لم تتجاوز نحو 5 ملايين متر مكعب سنويا خلال الأعوام الخمس الأخيرة
المصدر: موقع “الحرة”