جون أفريك.. ما هي معيقات إعادة اعمار مناطق الزلزال؟
قالت مجلة “جون أفريك” الفرنسية إن موضوع إعادة إعمار المناطق التي ضربها زلزال 8 شتنبر الماضي في المغرب تضع السلطات في البلاد في مأزق: فهل يجب إعادة البناء في أسرع وقت ممكن مع المخاطرة بالخرسانة، أم أخذ الوقت الكافي للتفكير واحترام التراث؟
وفقا للتقييم الذي وضعه فوزي لقجع، الوزير المنتدب المسؤول عن الميزانية، سيستغرق الأمر سنوات لتصميم وتنفيذ إعادة الإعمار التي أصبحت الآن محور المناقشات الحيوية. ففي أعقاب الكارثة، سرعان ما تم تجريم البناء التقليدي، المصنوع من الطين أو الحجر. والشكوك التي تحيط بالهندسة المعمارية المحلية تهدد بتوجيه ضربة خطيرة لتراث المنطقة.
ويخشى العديد من الخبراء من أننا نتجه نحو الاستخدام المكثف للخرسانة في المناطق التي سيتم إعادة بنائها، سواء في مدينة مراكش، التي تخضع بالفعل لـ “التحديث بواسطة الأسمنت”، أو في القرى الجبلية، التي ظلت حتى الآن بمنأى نسبيًا.
خلال الأسبوعين التاليين للزلزال، أرسلت وزارة الداخلية لجاناً من المهندسين المعماريين والمهندسين لقياس مدى الضرر، وتحديد المنازل المعرضة للخطر ووفقاً لمبدأ الحد الأقصى من الأمن. لكن المشكلة هي أن هذا المبدأ الاحترازي يحكم على تدمير المباني التي كان من الممكن تلبيتها بإصلاحات بسيطة، تقول “جون أفريك”، مشيرة إلى أنه تم تكليف مجموعة العمران، عملاق التنمية والإسكان في المغرب، والمتخصصة في بناء المناطق الحضرية، بإدارة إعادة الإعمار. وتعرضت هذه الشركة لانتقادات من طرف مختصين وسكان، وتميزت في مواقع البناء التي شوهت بعض أحياء المدينة القديمة بالكتل الخرسانية، مثل حي الملاح، أحد أفقر أحياء مراكش، والذي كان يخضع منذ 2014 لمخطط إعادة تأهيل، والذي هزه الزلزال.
وتنقل “جون أفريك” عن أحد عمال البناء الخاص تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله: “ما يفعله موظفو العمران كارثي، فهم غير مدربين على الإطلاق لإدارة ظروف البناء في المناطق الجبلية. إنهم يفكرون فقط في حل أزمة الإسكان الطارئة دون أن يكون لديهم أدنى خطة لإدارة المدينة أو أدنى تفكير بيئي”.
ويضيف العامل: “تكمن مشكلة مدينة مراكش في أنها، منذ إدراجها ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو في عام 1985، واجهت تدفقا هائلا من السياح، مما جلب لها الكثير من المال. ولذلك يتعرض صناع القرار للضغوط، مما يدفعهم إلى اتخاذ قرارات سيئة. ولكن، من الناحية المعمارية والاقتصادية، ربما كانت هذه المنطقة محظوظة بتعرضها لزلزال. واستطعنا أن نرى كل النواقص الموجودة، مما يدفعنا إلى التفكير في نماذج جديدة حتى لا يعيد التاريخ نفسه. بالنسبة لنا نحن الذين ندافع عن الأرض، فهذه هي اللحظة المناسبة لإثبات قيمة هذا التراث والعمل على إنشاء البنية التحتية التي كانت تفتقر إليها منطقة الأطلس الكبير: المنازل بالطبع، ولكن أيضًا المدارس والطرق وما إلى ذلك”.
وتابعت “جون أفريك” القول إن مرحلة التخطيط، التي تمر عبر دائرة طويلة من التراخيص والتمويل المتعدد، تسبب المزيد والمزيد من السخط في منطقة الجبال، التي تعيش الغالبية العظمى من سكانها الآن في قرى من الخيام تشبه مدن الصفيح، في حين أن فصل الشتاء القاسي على المرتفعات قد بدأ بالفعل.. فهناك يتوقف الزمن والجميع ينتظر المساعدة المعلنة والتي تأتي متأخرة، توضح المجلة الفرنسية.
ولحسن الحظ، فإن الأموال التي وعد بها الملك محمد السادس لإعادة بناء منازلهم (ما بين 80 و140 ألف درهم حسب الأضرار) قد تم دفعها بالفعل، وذلك بفضل رمز أرسل عبر الرسائل النصية القصيرة، لكنها ما زالت تراوح مكانها. فقبل أن يتم التمكن من إنفاقها يتعين الحصول على تراخيص من المهندسين المعماريين، الذين لم يتم تسميتهم بعد، والذين سيخبرون الوكالات بكيفية إعادة البناء. فوفقا لمواصفات العمران، يجب أن يكون كل شيء جاهزا خلال عام. وبالنسبة للأكثر تفاؤلاً، فإن تصور أن إعادة الإعمار ستكون فعالة في غضون خمس سنوات هو ضرب من الخيال.