الغلوسي يكتب: وزير العدل يطمئن أصحاب الثروة المشبوهة


وزير العدل يطمئن أصحاب الثروة المشبوهة ويدافع عن جزء من أعضاء حزبه ،جاء ذلك في تصريحاته خلال الأسبوع الذي نودعه ودافع من خلالها عن الإثراء غير المشروع بمبرر أن قرينة البراءة لايمكن المساس بها ولايمكن للدولة ان تطلب من الذين يتقلدون مسؤوليات عمومية أن يثبتوا مصدر أموالهم وممتلكاتهم لأن ذلك في تقديره مخالف للدستور وغير مقبول ،وهو منطق يفيد ان إغتناء المسؤولين بطرق غير مشروعة مباح ومقبول ولايحق لأية جهة أن تتدخل في ثرواتهم ! “كولوا واشربوا هنيئا لكم “.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    ولكن دعونا نسأل السيد وزير العدل المحترم عن السبل القانونية الكفيلة بمساءلة المسؤولين الذين تظهر عليهم ملامح الثراء الفاحش بعد تقلدهم للمسؤوليات العمومية ،هل يحق للنيابة العامة التي تمثل الحق العام ان تفتح بحثا قضائيا حول مصدر ذلك الثراء المشبوه أم أن يدها ستكون مقيدة لكون النص القانوني الذي يجرم ذلك غير موجود خاصة وان السيد الوزير يعلم جيدا تلك القاعدة الذهبية في القانون الجنائي التي تقول “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ” ،وهو مايجعل إمكانية فتح بحث قضائي وتوجيه الإتهام بناء على نتائجه غير قانوني بل ويعرض النيابة العامة للمساءلة ويفضي حتما الى تحصين لصوص المال العام والمفسدين من المساءلة القانونية والقضائية ويعرض أمن المجتمع واستقراره للإضطراب وتزكية الفساد والتمييز في إعمال القانون.

    كنا ننتظر من وزير العدل ان لاينقض تعهدات والتزامات الدولة المغربية في مجال مكافحة الفساد من خلال مصادقتها على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد ونشرها في الجريدة الرسمية سنة 2007 وأن يعمل من موقعه الوظيفي على ملاءمة القانون الجنائي مع هذه الإلتزامات سواء الدولية منها او الوطنية عوضا عن إبداء حماس كبير منقطع النظير في توسيع منابع ومصادر الفساد وتوسيع الهوة الإجتماعية.

    إن تصريحات وزير العدل بهذا الخصوص تشكل إيذانا بإقبار تطلعات المجتمع في تجريم الإثراء غير المشروع وإنهاء لكل نقاش حول الموضوع لتظهر بذلك الخلفية الحقيقية من سحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع.

    وأنا اطلع على تصريحات وزير العدل المدافعة عن جريمة كاملة الأركان والأوصاف قلت في نفسي إنه بقوله هذا يريد ان يرفع التجريم عن السرقة ولكن ليس عن السرقة العادية التي يرتكبها جناة أغلبهم من أبناء المجتمع بل عن سرقة موصوفة ،جسيمة ،وخطيرة ،هي سرقة ونهب ثروات ومقدرات شعب بأكمله وإجهاض أحلامه في التنمية والمساواة والكرامة والعدالة ،إنهم لصوص من نوع خاص يطلق عليهم في علم الإجرام “ذوي اللياقات البيضاء “الذين يحضون “بشرف “الدفاع عنهم من طرف وزير يفترض فيه أنه يمثل المجتمع ويدافع عن حقوقه ومصالحه العليا !!

    - إشهار -

    إن توجه السيد وزير العدل هذا يعكس رغبة وإرادة قطب في الدولة والمجتمع ،يجسد الحزب الذي يديره جزءا منه، في ضمان استمرار بعض المراكز المستفيدة من الفساد والريع في مواقعها وإجهاض كل المبادرات والمشاريع التي بإمكانها أن تحدث تقدما في المجتمع والدولة عبر إصلاحات سياسية وقانونية ودستورية عميقة تؤسس لدولة الحق والقانون.

    هي تصريحات وتوجه متناقض كليا مع رؤية وتوجه الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها وهي مؤسسة دستورية للحكامة والتي تطالب بتجريم الإثراء غير المشروع بنص مستقل ومصادرة الأموال المتحصلة من هذه الجريمة ،فهل يعكس هذا صراع الإرادات داخل الدولة ؟أم هو تغول وجموح اللوبي الفاسد وتكشيره عن أنيابه بعدما شعر بالآمان ؟

    محمد الغلوسي

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد