التقاعد.. لماذا يصادق البرلمان على قانون ترفضه الفرنسيون؟


شارك عدة آلاف من المحتجين، بمدينة مونبلييه الساحلية، جنوبي شرق فرنسا، في مظاهرة جديدة ضد مشروع إصلاح قانون التقاعد الذي ينص البند الرئيسي فيه على رفع سن التقاعد من 62 حاليا إلى 64 سنة.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    انطلقت المظاهرة من ساحة “أوروبا” قرب مبنى المجلس البلدي لمنطقة أوكيستاني وجابت عدة شوارع رئيسية، من بينها جادة “لوي بلان” حتى وصلت إلى ساحة “الكوميديا” الواقعة وسط المدينة التي غالبا ما تعج بالسياح خاصة في فصل الصيف.

    رفع المتظاهرون عدة شعارات مناهضة لقرار الحكومة القاضي بتمرير قانون إصلاح التقاعد رغم معارضة غالبية الفرنسيين له. وكتبوا على بعض اللافتات: “لقد ناضلنا من أجل الحصول على حق التقاعد في سن الستين. سنواصل النضال من أجل الحفاظ على هذا المكسب”، و”لا نريد أن نعمل سنوات إضافية بل أن نكسب أموالا إضافية”.

    وما ميز هذه المظاهرة هي المشاركة القوية لموظفي قطاع التربية كون أن يوم الأربعاء ظهرا هو يوم عطلة وكذلك الطلبة.

    وقالت جاد (21 عاما): “جئت لأتظاهر تضامنا مع والدتي التي تعمل في قطاع الصحة. كان من المفروض أن تتقاعد بعد سنتين فقط وكانت تخطط كيف ستقضي أيامها عندما تتوقف عن العمل، لكن مع القانون الجديد الذي يريد ماكرون تمريره، فهي مجبرة أن تعمل أربع سنوات إضافية وهذا أمر غير عادل وغير مبرر تماما”.

    جاد (21 عام) طالبة في كلية الحقوق تقول إن حكومة إليزابيث بورن اختارت الحل الأسهل لمعالجة مشكلة نظام التقاعد. جاءت لكي تتظاهر تضامنا مع والدتها التي تعمل في قطاع الصحة.

    وأضافت هذه الطالبة في السنة الخامسة بكلية الحقوق: “لا أفكر كثيرا في مستقبلي الخاص كوني أدرك أن أشياء كثيرة ستتغير قبل أن أصل إلى سن التقاعد. جئت لأساند كل الذين قضوا حياتهم في العمل وتعبوا. لكن رغم ذلك لا تزال الحكومة تطالبهم بالعمل سنوات أخرى”.

    وفي سؤال كيف تقيمين تصرف حكومة إليزابيث بورن إزاء مشروع إصلاح نظام التقاعد، أجابت: “أعتقد أنهم اختاروا الحل الأسهل بالنسبة لهم لكنه الأصعب لنا”.

    وأضافت: “أتفهم موقف الحكومة لأن هناك عدد كبير من المتقاعدين وعدد قليل من الذين يدفعون الضرائب التي تمول نظام التقاعد. هناك مخاوف حقيقة من انهيار النظام التقاعدي الفرنسي في السنوات القليلة المقبلة، لكن الحل الوحيد الذي وجدوه هو تمديد سنوات العمل، وهذا الأمر لم يقبله الفرنسيون”.

    أما ماري التي تعمل كمدرسة في ثانوية بمدينة مونبلييه، فلديها بصيص من الأمل ألا يتفق أعضاء اللجنة المشتركة بين الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ الذين سيدرسون مشروع إصلاح نظام التقاعد. لكن هذه اللجنة صادقت في نهاية المطاف على المشروع.

    وقالت: “لم تنته اللعبة بعد. هناك أشياء كثيرة ممكن أن تتغير بين الأربعاء والخميس. هناك مظاهرات في جميع المدن الفرنسية والتعبئة لم ولن تتوقف. إذن من الممكن جدا أن تحدث مفاجأة خلال الساعات القليلة، لكنها لم تشرح نوعية المفاجأة”.

    - إشهار -

    وشاركت ماري في المظاهرة برفقة والدتها المتقاعدة وابنتها الصغيرة لويز التي لا يتعدى عمرها سبع سنوات. وقالت لويز: “لا أتفق مع الحكومة التي تريد رفع سن التقاعد إلى 64 عاما. هذا القرار غير عادل ومبالغ فيه. لهذا السبب أتظاهر”. وعندما سألناها هل تودين التقاعد في سن الـ62 أو الـ64، أجابت: “لا أحب العمل كثيرا. أريد أن تكون حياتي الوظيفية قصيرة لكن براتب مرتفع”.

    وتدخلت أمها ماري لتعبر عن غضبها “الشديد” بتمديد سن العمل قائلة: “أنا مدرّسة. لا أعتقد أنني سأعمل إلى غاية 64 عاما لأن وظيفتي صعبة للغاية وتتطلب مجهودا يوميا”، مشيرة أن “القانون الجديد سيؤثر سلبا على المعاش التقاعدي الذي ستتلقاه عندما تغادر الحياة العملية”.

    وأضافت: “حتى إذا تمت المصادقة على القانون الجديد، فهذا لا يعني بأن التعبئة والمظاهرات قد انتهت وسنعود إلى منازلنا بهذه السهولة. على الجميع أن يتذكر أن 70 بالمائة من الفرنسيين لا يساندون المشروع الذي تريد الحكومة تمريره بالقوة. فبالتالي هناك أشياء ستحدث بعد المصادقة على القانون، كتنظيم مظاهرات واحتجاجات أخرى للمطالبة بتعديل القانون الجديد أو إلغائه”.

    وأنهت: “لماذا يصادق البرلمان على قانون ترفضه غالبية الفرنسيين. الديمقراطية لا تقتصر فقط على تنظيم الانتخابات بل هي ممارسة يومية ويجب أن تكون حاضرة طيلة ولاية ماكرون الرئاسية. عليه أن يستمع للشعب والشارع وللنقابات”.

    وتدخلت والدة ماري المسنة لتقول بنوع من الغضب: “هذا المشروع هو مشروع الطفل المدلل (تقصد ماكرون) الذي يحكم فرنسا. لهذا السبب يريد أن تتم المصادقة عليه مهما كان الثمن”.

    دومينيك (61 عاما) تعمل كمشرفة اجتماعية في المدارس الابتدائية وتساعد التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة مقابل راتب لا يتعدى 862 يورو شهريا. بدأت هذا العمل “الشاق والصعب من الناحية النفسية” حسب قولها وعمرها لم يتجاوز 17 عاما.

    “في وقت كنت أظن أنني سأذهب إلى التقاعد وأرتاح، جاءت الحكومة لتخرب حياتي وتجبرني على العمل سنتين إضافيتين أو أكثر”، تقول هذه المرآة التي تعتقد أن قانون التقاعد الجديد سيخلق “شرخا كبيرا بين الفرنسيين والحكومة وماكرون سيعبد الطريق لوصول اليمين المتطرف إلى السلطة” في 2027.

    تحدثنا مع عدد كبير من سكان مدينة مونبلييه الجنوبية، فهم يعتقدون بأن القانون الجديد سيؤثر سلبا على مدينتهم التي تحتل المراتب الأولى من حيث مستوى البطالة، إضافة إلى كونها قبلة للطلبة والمسنين. فإذا كان من الصعب في السابق القريب إيجاد فرصة عمل، فقانون التقاعد الجديد سيعقد حياة الناس أكثر حسب رأيهم.

    وكالات

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد