فبلادي ظلموني


فبلادي ظلموني.. هكذا صرخ أبناء الشعب في الملاعب بملء صوتهم، تعبيرا منهم عن سخطهم وعن رفضهم للسياسات العمومية و نتائجها المدمرة، و غزت شعاراتهم كل الدنيا ، و أصبحت تردد على لسان القاصي و الداني ، و تبناها عموم المواطنات و المواطنين في كل الجغرافيات .

صرخوا بالأصالة عن أنفسهم و بالنيابة عنا جميعا، و أخذوا المبادرة متحملين كل المخاطر الممكنة ، و رغم ذلك لم نسمع عن أية محاكمة لهم أو لبعضهم .

و بنفس العمق و الدلالات الرمزية و غير الرمزية، بالواضح كثيرا و بالمرموز أحيانا ، صرخنا في ردحات المحاكم دفاعا عن القانون و عن المحاكمة العادلة ، و اتسع صدر المحاكم و صدر الخصم الشريف لكل ما فهنا به و ما كتبنا، و لم نسمع عن أية محاكمة لفرسان الكلمة إلا ما نذر ، و كان مآلها الفشل الذريع دائما بفضل الصمود و الإصرار و أيضا بفضل جودة الأحكام التي انتصرت للقانون و للحقوق روحهما الكونية، و لم تنصت لصوت الأنا الشريرة و أمراض النفس الأمارة بالسوء ، و استمر الصراع وفق ما سنه منطق التاريخ و ناموسه ، بالكثير من الهدوء الموزون و المقفى، و بالقليل من الجنوح و المنزلقات.

لكننا :

_ لم نعش و لم نسمع قط ، عن محاكمات للدفاع من طرف أهل الدار ، و من طرف من ارتدوا معنا نفس السواد أملا في بياض، يملأ الدنيا هديرا و مجدا و بطولة ، بسبب آراء لم تبلغ في قساوتها ما عبرنا عنه و لا نزال في المحاكم، و في حضرة القضاة و النيابة العامة، و من يبلغون عنا و عن مرافعاتنا من مخابرات و استعلامات عامة و غيرهما.

_ و لم نعش و لم نشهد عقوبات قاسية ، في حق محاميات و محامين ، بسبب آرائهم و قناعاتهم و مواقفهم بخصوص الشأن المهني و حبهم الجنوني للرسالة الكونية الجامعة لكل الشعوب و الأمم.

_ و لم نعش و لم نشهد رعبا و خوفا على مستقبلنا و مستقبل أطفالنا و عائلاتنا ، بسبب انتمائنا الصادق و الواعي و الإرادي لمهنة نعرف و يعرف القاصي و الداني أنها وسيلة المواطنات و المواطنين لصيانة حقوقهم و مصالحهم ضد أكلة السحت و السماسرة و الأفاقين.

و لم نعش و لم نشهد قساوة و استهدافا لصوت رام و يروم تحصين المهنة / الرسالة ضد مؤامرة حيكت و لا تزال تحاك خيوطها على مستوى عال ، مؤامرة صيغت في شكل قانون للمهنة، هو أقرب إلى الأسر و التحكم في بطنها و صوتها و مستقبلها منه إلى قانون يزعم مهندسوه أنه يحميها و يعزز موقعها، مؤامرة سكت عنها كبيرنا و بعض قادتنا، و صموا آدانهم عن ذلك و كأن فيها وقر.

ما جرى في مكناس ووجدة ، أمر سيذكره التاريخ للأجيال القادمة، إعدام و هدر للكرامة و للكلمة الحرة المنفلتة بوعي و إدراك من قبضة جماعة حراس المعبد، الكلمة الممانعة للظلم و المقاومة للانخراط في لعبة لانقضاض على حنجرة و لسان فرسان العدالة، العدالة التي لم يتسع صدركم لها و اتسع لها صدر القضاء و النيابة العامة.

لستم منا و لسنا منكم ، نحن في ضفتين متعارضتين و لو جمعتنا للأسف مهنة واحدة و عشنا و نعيش تحت سقف واحد .

- إشهار -

ما عبر عنه الزملاء نتبناه و يخصنا و نحن معنيون به ، و بيننا و بينكم التاريخ، ناموا أن استطعتم ذلك بعد أحكام الإعدام التي نطقتم بها ، و قبلوا جبين أطفالكم غدا صباحا و هم يغادرون إلى المدرسة أن تمكنتم من ذلك، و أنتم تعرفون أن أطفالا آخرون جردتموهم من قبلة الصباح و فطور يليق بهم رفقة زملائم.

قبلوا زيجاتكم و احضوهن بفرح زائف و أنتم تعلمون أن بأحكامكم قد سرقتم الفرحة من صدور أسر زملائكم .

لن نغفر لكم صنيعكم، و سنقاومكم بكل ما أوتينا من قوة ، في إطار القانون ، سنفضح أحكامكم و خلفياتها، و سندافع عن زملائنا و عن شرف المهنة .

فزملاؤنا أشراف، لم يسرقوا ودائعا، ولم يخونوا أمانات، و لا قدموا رشاوى و لا نصبوا فخاخا أمام المستشفيات و مفوضيات الشرطة ، و لا استفادوا من ملفات مشبوهة ، و لا استغلوا صفتهم و علاقاتهم للاستفادة من قضايا الجماعات الترابية و قضايا المؤسسات العمومية ، و قضايا الدولة …..الخ.

احتفلوا بصنيعكم كما تشاؤون ، و اشربوا نخب انتصاركم الزائف كما تحبون ، و ارقصوا على جراحنا بالايقاع الذي ترتضون، لكنكم لن تهزمونا و لن تنالوا من إرادتنا و عزمنا، سنخرج لكم من تحت الرماد و من حيث لا تحتسبون أنتم و كبيركم .

عاشت المهنة / الرسالة الأممية، هاته أعناقنا فهاتوا مقاصلكم .

الموت و لا المذلة.

محمد حداش – محامي بهيئة قنيطرة

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد