بسبب الغلاء.. “برميل بارود” اجتماعي يهدد المغرب


إن الوضع الاجتماعي المأزوم بالمغرب هو محصلة ونتيجة للاختيارات السياسية اللاشعبية واللاديمقراطية وللتوجه الطبقي الاقتصادي السائد بالبلد.

وبعبارة أخرى فالأزمة الاجتماعية، التي تئن تحت وطأتها الطبقات والفئات الكادحة والطبقة الوسطى، أيضا، هي بالأساس نتيجة للاستبداد والفساد اللذان يحكمان ويسودان معا، بالمغرب ويتحالفان في السيطرة والتسلط، وذلك بواسطة تيارين سياسيين هما “التمكين” و”التحكم”، وهما عملتان ووجهان لنفس للاستبداد، تلميذان نجيبان يبدعان في تنفيذ نفس “أجندة وسياسات القوى النيوليبرالية المتوحشة” للوكلاء المحليين لتلك القوى وإملاءات “خبراء” المؤسسات المالية الامبريالية، بحيث يتنافس توجها التمكين والتحكم على نيل رضا الوكلاء النافذين المحليين، في غياب “الحس الوطني” و”البعد الاجتماعي غير الربحي” في اختياراتهما وتلك طبيعتهما الجوهرية.

المسألة ليست “مسألة التدبير” في حالة المغرب فقط، بل الأمر يتعدى ذلك، لأن الحكومة السابقة والحالية، المنبثقتان من انتخابات مزورة بفعل المال والأعيان وتواطؤ السلطات، ليستا سوى “صورة حقيقية” للاستبداد الحاكم، وأن “السياسة” المنفذة بتفاصيلها نابعة من توجهه القار، ذلك عمق ومغزى المطلب الشعبي المتمثل في “دمقرطة الدولة” الذي عنوانه “الملكية البرلمانية” الذي يرفعه الحزب الاشتراكي الموحد رسميا ومؤسساتيا منذ أزيد من عقدين.

الغلاء الصاروخي لأسعار المواد الغذائية والخدمات الاجتماعية، واستمرار التراجع الخطير عن المكتسبات والحقوق الاجتماعية، للشعب المغربي والطبقة العاملة كما يعكسه ملف التقاعد، وحق الاحتجاج، والإضراب على سبيل المثال، هي، إذن، نتيجة ومظهر من مظاهر “الاختيارات” السياسية ليس إلا.

الارتفاع الصاروخي للمواد الغذائية الضرورية للقوت اليومي للمواطنين، لا يعكس وفرة تلك المنتوجات، في السوق الداخلي، فالطماطم، على سبيل المثال، التي تعدى ثمنها عشرة دراهم في الأسواق الشعبية، تجدها، نفسها، تصدر للأسواق الأوروبية لتباع بأقل من “أورو” واحد للمواطنين بأوروبا، حيث يتعدى “الحد الأدنى للأجر” خمس مرات نظيره بالمغرب عطفا عن انتشار الفقر المدقع والبطالة والحرمان. هذا المثال، يعكس غياب “تناسبية” الأسعار مع “الدخل الفردي” لغالبية الأسر المغربية.

- إشهار -

ضرب القدرة الشرائية للمواطنات والمواطين لن يمر مرور الكرام، الغليان والسخط وسط المجتمع المغربي، سيكون له ما بعده، لا شك، إذا واصل الحاكمون في سياسة صم الآذان، ودفن رؤوسهم في الرمال من جهة، ومن جهة أخرى، إن استمروا في غيهم بتغييب حوار اجتماعي حقيقي لمعالجة ما يمكن معالجته من القضايا الاجتماعية المستعجلة قبل فوات الأوان، لتفادي انفجار “برميل البارود” الاجتماعي الخانق.

العلمي الحروني – نقابي وسياسي

إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.
أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد